الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول مجلس التعاون الخليجي في قلب التنمية المستدامة

دول مجلس التعاون الخليجي في قلب التنمية المستدامة
25 ديسمبر 2012
كان الاعتقاد السائد في الماضي لدى المجتمع الدولي أن دول مجلس التعاون الخليجي تسير بخطى بطيئة في ما يخص قضايا الاستدامة وتغير المناخ، إلا أنها غدت اليوم من أنشط دول العالم على صعيد التعاون الدولي في هذا الشأن. وأحدث دليل على ذلك هو استضافة دولة قطر الشقيقة لمؤتمر الأطراف الثامن عشر لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ الذي اختتم أعماله مؤخراً. لقد شكل انعقاد المؤتمر في منطقتنا إنجازاً بارزاً بحد ذاته، فهذه المرة الأولى التي تتم فيها استضافة هذا الحدث العالمي في دول مجلس التعاون الخليجي. وبفضل الجهود الكبيرة التي بذلت من جميع الأطراف، والدعم المتواصل من القيادة القطرية، حقق المؤتمر نجاحات ملحوظة في العديد من القضايا المطروحة ضمن أهدافه الرئيسية. وتمثل أهم هذه الأهداف في تمديد “بروتوكول كيوتو” رسمياً لفترة التزام ثانية، مما يعني تجديد التزامات مجموعة من الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات، وضمان استمرارية العمل بآلية التنمية النظيفة التي تلعب دوراً أساسياً في تحفيز الاستثمار بمشاريع خفض الانبعاثات الكربونية في البلدان النامية ونشر تقنيات الطاقة النظيفة. وتم بموجب الاتفاقية وضع اللمسات النهائية على مجموعة شاملة من الآليات وأطر العمل واسعة النطاق، وكان من أبرزها آلية جديدة تركز بشكل أساسي على تعزيز التنمية ونقل التكنولوجيا من أجل خفض الانبعاثات ومساعدة البلدان على التكيف مع تداعيات تغير المناخ. ومن النتائج المهمة أيضاً إطلاق عملية لصياغة اتفاقية جديدة للمناخ، وذلك بموجب “برنامج عمل ديربان” لكي تكون أساساً للتعاون الدولي للفترة بعد عام 2020. علاوة على ما سبق، شكّل قرار تعزيز مشاركة المرأة في هذه العملية أحد الإنجازات المهمة الأخرى للمؤتمر، فهو بلا شك قرار تاريخي حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على دعمه والمشاركة فيه. ونحن فخورون باتخاذ هذا القرار في أول مؤتمر للأطراف ينعقد بدول مجلس التعاون الخليجي. وأخيراً، وافق مؤتمر الأطراف على الاقتراح الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية، لتمكين البلدان من تقديم “خطط التنويع الاقتصادي”. ويشمل ذلك اتخاذ تدابير ترمي إلى الحد من الانبعاثات الكربونية والوقاية من تأثيرات تغير المناخ عبر بناء اقتصاد أكثر تنوعاً وقوة. ويتلاءم هذا النهج مع الظروف الخاصة بالدول التي تعتمد بشكل كبير على إنتاج الوقود الأحفوري، ويسلط الضوء على مساهمتنا الهامة في التصدي لتغير المناخ، وقد أعربت الدول الخليجية الأربع عن عزمها على المضي قدماً في تنفيذ هذه الخطط. ورغم أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ تنطوي على مباحثات طويلة ومعقدة تتقدم ببطء، ولكن لها أهمية كبيرة في تحفيز ودفع إجراءاتٍ وخطوات عملية لتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة على المستوى الدولي. ومما لا شك فيه أن الإنجازات التي تحققت خلال المؤتمر الثامن عشر ستساعد على المضي قدماً في السياسات التي تعزز انتشار حلول الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. من ناحية أخرى، شكل المؤتمر الثامن عشر للأطراف فرصة لتعريف العالم بالجهود العملية التي تتخذها دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة النظيفة، ففي حين كنا - ولا نزال - من أكبر مزودي الطاقة التقليدية، إلا أننا نسير بخطى واثقة لنصبح أيضاً مركزاً رئيسياً لنشر تقنيات الطاقة الجديدة. وتعود بداية هذا التحول إلى عام 2006 مع دخول دولة الإمارات العربية المتحدة، وللمرة الأولى، إلى عالم الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال مبادرة “مصدر” في أبوظبي، فقد أخذت على عاتقها مهمة الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة على نطاق واسع، سواء في الداخل أو الخارج. فأنشأت بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا معهد مصدر كجامعة بحثية للدراسات العليا التي تركز على بحوث التكنولوجيا النظيفة. كما تعمل “مصدر” على بناء مدينة مستدامة لتكون مركزاً لاختبار أحدث تقنيات الاستدامة والطاقة النظيفة. ومنذ ذلك الحين، شهد القطاع تطورات متسارعة حيث بادرت كل من أبوظبي ودبي إلى وضع أهداف محددة للطاقة المتجددة، ومعايير إلزامية لكفاءة الطاقة في قوانين البناء ومكيفات الهواء. وبالتزامن مع ذلك، تعمل أبوظبي على بناء محطة للطاقة النووية السلمية بطاقة إنتاجية تصل إلى 5,6 جيجاواط، في حين اتخذت الدولة خطوة رائدة على صعيد وسائل النقل الجماعي مع إنشاء أول نظام للسكك الحديدية الخفيفة في المنطقة. وتستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، وهي أول منظمة دولية متعددة الأطراف تتخذ مقرها في منطقة الشرق الأوسط، وستركز على نشر تطبيقات استخدام الطاقة المتجددة عالمياً. وبدأ هذا التوجه فعلاً بالاتساع والنمو، حيث أصبح لدى كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي الآن أهداف محددة للطاقة المتجددة. فقد أعلنت قطر مؤخراً عن محطة لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 1800 ميجاوات، حيث سيلبي هذا المشروع معظم احتياجاتها من المياه. كما أعلنت المملكة العربية السعودية عن تنفيذ مشاريع للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية ستصل إلى 45 جيجاوات بحلول عام 2032 – وهو من أكثر أهداف الطاقة المتجددة طموحاً في العالم. لا نزال نواجه تحديات كبيرة نظراً للمناخ الحار في دول مجلس التعاون الخليجي واعتمادها الكثيف على الطاقة لإتمام بنيتها التحتية. أضف إلى ذلك، شح موارد المياه العذبة، مما يجعل الاستدامة في صلب المواضيع التي يجب التصدي لها لضمان استمرارية التنمية والازدهار في منطقتنا. وفي هذا السياق، كانت لدولة الإمارات العربية المتحدة وأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، مشاركات نشطة في الحوار الدولي بشأن التنمية المستدامة. فقد سجلنا في يونيو الماضي مشاركة ناجحة وفعالة في قمة الأرض في ريو دي جانيرو، وساعدنا في طرح فكرة تحديد “أهداف التنمية المستدامة”. ويأتي الإنجاز الذي حققته قطر مؤخراً عبر استضافتها الناجحة لمؤتمر الأطراف امتداداً لهذا الزخم. واستمراراً لهذه الجهود، ستستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة “أسبوع أبوظبي للاستدامة” في الفترة ما بين 13-17 من يناير المقبل، حيث يستند هذا الحدث في الأساس إلى “القمة العالمية لطاقة المستقبل” التي أصبحت الحدث السنوي الأبرز للطاقة النظيفة في العالم. وانطلاقاً من إيماننا بأهمية التكامل في جهود التصدي لتحديات الاستدامة، ارتأينا الجمع بين عدة أحداث أخرى تحت مظلة فريدة من نوعها، حيث يضم أسبوع أبوظبي للاستدامة، القمة العالمية للمياه، والمؤتمر الدولي للطاقة المتجددة، واجتماع الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، وحفل تكريم الفائزين بجائزة زايد لطاقة المستقبل، والاجتماع الأول لوزراء الطاقة في الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، إضافة إلى سلسلة من جلسات النقاش وورش العمل. ونحن على ثقة بأنه من خلال الجمع بين هذه الأحداث، سيحقق أسبوع أبوظبي للاستدامة نتائج هامة، خاصة في ضوء الترابط الوثيق بين قضايا المياه والطاقة في جميع أنحاء العالم. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، تشكل تحلية المياه مصدراً رئيسياً للمياه العذبة وعنصراً أساسياً من عناصر الطلب على الطاقة، كما تعتبر قطاعات ضخ ومعالجة ونقل المياه من المستهلكين الرئيسيين للطاقة. وفي المقابل، فإن إنتاج الطاقة يتطلب كميات كبيرة من المياه من أجل التبريد. وتدرك دول مجلس التعاون الخليجي أهمية العلاقة التي تربط بين قضايا الطاقة والمياه والغذاء. وإننا على يقين من جدارتنا وقدرتنا على أن نكون في قلب الجهود العالمية ذات الصلة بوضع السياسات العامة، وحفز القطاع الخاص على الاستثمار في الحلول الكفيلة بالتصدي لتحديات التنمية المستدامة، علماً بأن التصدي لتلك التحديات يتطلب القدرة على الابتكار والالتزام من القادة في جميع أنحاء العالم. وكلنا أمل أن نتمكن خلال اجتماعنا في “أسبوع أبوظبي للاستدامة” الشهر المقبل، من الارتقاء بمستويات الابتكار والالتزام إلى آفاق جديدة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©