الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منطقة القبائل في باكستان··· بين التنمية ومكافحة الإرهاب

منطقة القبائل في باكستان··· بين التنمية ومكافحة الإرهاب
17 يوليو 2007 01:42
تعتزم الولايات المتحدة ضخ 750 مليون دولار من المساعدات إلى المناطق القبلية في باكستان على مدى الخمس سنوات المقبلة كجزء من حملة تقوم بها أميركا لكسب ''القلوب والعقول'' وانتزاع هذه المناطق، التي يغيب فيها القانون، من أيدي مقاتلي ''القاعدة''، و''طالبان''· لكن حتى قبل أن يُصار إلى تنفيذ الخطط، يحذر المسؤولون المنخرطون في المشروع، فضلاً عن الوثائق المرتبطة به من مخاطر توزيع قدر كبير من المال في منطقة معادية من دون رقابة، أو إشراف حكومي يضمن عدم وصولها إلى الأيدي الخطأ· ولا تقتصر الصعوبة على الفاعلين الأميركيين، بل تمتد أيضاً إلى الحكومة الباكستانية، التي تواجه تهديدات متنامية من قبل المقاتلين الإسلاميين· ويضاف إلى ذلك مسألة الجهة التي ستتلقى المساعدات في المناطق القبلية لتصبح إحدى أعقد القضايا وأكثرها إثارة للجدل بين المسؤولين المحليين والمخططين الأميركيين الذين يتخوفون من استفادة جهات متطرفة من تلك الأموال، لا سيما وأن زعماء القبائل في المناطق المحاذية لأفغانستان كانوا لسنوات يأوون الجماعات ذاتها، التي يسعى الأميركيون والحكومة الباكستانية إلى إخراجها من المنطقة، وتحجيم نفوذها· وتكفي زيارة إلى المستشفى الوحيد في منطقة ''غالاني'' القبلية الذي أشرفت على إنشائه ''الوكالة الأميركية للتنمية الدولية'' للوقوف على حجم التحديات· فقد بدا المستشفى ذو الطابق الواحد خالياً تماماً من الزوار، حيث يصعب على السكان المحليين الوصول إليه من مناطقهم النائية· لذا فإنه من بين 110 أسرة في المستشفى لم تشغر سوى ثلاثة أسرة، كما لم يتم استخدام قاعتي الجراحة لشهور عديدة· وإزاء التعويضات المادية الهزيلة والمخاطر الأمنية المتفاقمة غادر العديد من الأطباء المستشفى إلى أماكن أخرى· ويقول ''شير علام محسود''، القائد السياسي في المنطقة، الذي اصطحب المراسل في جولة نادرة، إنه يتعين على الأموال الأميركية أن ''تمنح لنا بالكامل''، غير أن التهديدات الأمنية لا تتيح للأميركيين تحديد لمن تقدم المساعدات أولاً، ولا كيف يمكن ممارسة الرقابة على الدفعة الأولى المقدرة بـ150 مليون دولار التي رصدتها إدارة الرئيس بوش· ويعبر عن هذه الحيرة في التعامل مع الوضع المحلي بالغ التعقيد ''جريج كوهن''، الذي أعد دراسة حول العلاقات الأميركية الباكستانية في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن قائلاً:''إن ضخ 150 مليون دولار من المساعدات إلى المناطق القبلية قد يحول بعض الأشخاص إلى أثرياء من دون أن يستفيد السكان المحليون في شيء، أو تضمن لهم العدل وتكافؤ الفرص''· ومع ذلك تسعى الولايات المتحدة من خلال مساعداتها إلى استهداف هذه المنطقة بالذات الخاضعة لحكم فيدرالي، واستخدام المساعدات التنموية كأداة لمحاربة الإرهاب، وذلك حسب ما جاء في مسودة الخطة التي أعدتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وتلقت ''نيويورك تايمز'' نسخة منها· وتحذر المسودة من أن ''العجز الحاد'' في إدارة المناطق القبلية سيجعل من المستحيل استمرار تدفق المساعدات لفترة طويلة، أو التغلب على ''حالة انعدام التنمية المزمنة في المنطقة والتخلص من الهشاشة الناجمة عن ذلك''· هذا وقد أُعلن عن هذه الخطة الطموحة خلال زيارة قام بها إلى باكستان في شهر يونيو الماضي ''ريتشارد باوتشر''، مساعد وزيرة الخارجية لشؤون جنوب ووسط آسيا كإجراء لتأكيد استمرار دعم واشنطن للرئيس برويز مشرف· وتوضح مسودة الخطة الأميركية هدفها من المساعدات قائلة ''إننا نطمح من خلال المساعدات أن نعيد المناطق القبلية إلى صلب الحياة في باكستان وإخراجها من عزلتها من خلال توفير الخدمات الإنسانية الأساسية والبنية التحتية لتكون على قدم المساواة مع باقي المناطق الباكستانية· بحيث من المرجح أن يكون سكان المناطق القبلية أقل ترحيباً بحضور القاعدة وطالبان''· وتتضمن المشاريع التي ستمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية توفير خدمات الصحة والتعليم، فضلاً عن مرافق الصرف الصحي وتزويد المياه والتنمية والزراعة· وتؤكد الوكالة أن تلك الخدمات ليست سوى وسائل لتحقيق هدف أشمل يتمثل في محاربة الإرهاب والحؤول دون انتشاره في المناطق القبلية، حسب مسودة المشروع· لكن المشروع ينص أيضاً على ضرورة القيام بإصلاحات سياسية في المناطق القبلية لضمان فعالية المساعدات واستفادة الأهالي منها· وفي هذا الصدد تقول المسودة إن الحكومة الباكستانية قد شكلت هيئة لدراسة الإصلاحات السياسية في المناطق القبلية، مضيفة أنه ''على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن تستكشف جميع الفرص للإسهام من واقع خبرتها في مجال الإدارة المحلية وقدراتها المشهودة لها لمساعدة الجهود الباكستانية في الإصلاح''· وحتى إذا لم يكن لحركة ''طالبان'' نفوذ قوي في المناطق القبلية، وهو ما يلاحظ بشكل ملموس، فإن التحديات التنموية ستبقى مع ذلك صعبة للغاية· فالمنطقة التي يقطنها حوالي 3,2 مليون شخص تظل أحد أكثر الأماكن عزلة، إذ تختفي وجوه النساء وراء البرقع ولا تتجاوز نسبة الدراسة في صفوف الإناث نسبة 3%، وهي الأدنى في العالم· وفي هذه المناطق أيضاً غالبا ما تستخدم المدارس كمحلات للتجارة، ولا يوجد نظام بنكي، كما تنتشر تجارة الأفيون وجميع أنواع التهريب الأخرى· ولعل الصعوبة الأبرز هي العداء المتأصل في المنطقة لكل ما هو أجنبي، بحيث يرتاب السكان من الأموال القادمة من الخارج إلى درجة أن الجمعية الخيرية ''أنقذوا الأطفال'' لم تتمكن من تقديم المساعدات إلى المستشفى المحلي إلا بعد حجب اسمها· ويضاف إلى ذلك الفساد المتفشي بين الزعماء المحليين الذين يصطلح على تسميتهم بالفاعلين السياسيين ويضطلعون بدور التحكيم في الخصومات، أو ما شابه· لكن رغم الصعوبات الماثلة أمام مشروع المساعدات دافع مسؤول أميركي بارز، رفض الكشف عن هويته، عن أهداف الخطة، معتبراً أنها ضرورية وقابلة للتنفيــذ· وأكـــد المسؤول الأميركي أن من سيتولى توزيع تلك المساعدات وضمان وصولها إلى الأهالي هي حسب قوله ''الشركات الباكستانية، والجهات الاستشارية، فضلاً عن المنظمات غير الحكوميــة''· مراسل نيويورك تايمز في باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©