الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ديونج شو هيونج: روحي تجر عربة تدعى الحياة

ديونج شو هيونج: روحي تجر عربة تدعى الحياة
16 يوليو 2007 00:33
التهمة التي وجّهها قاضي التحقيق الفيتنامي إلى الكاتبة ''ديونغ شو هيونغ'' هي أنها تستعمل قلبها بصورة غير مشروعة·· على هذا الأساس، اعتقلت ولم يُطلق سراحها إلا بعد تدخّل من السيدة ''برناديت ميتران''، أرملة الرئيس الفرنسي الراحل ''فرنسوا ميتران''· ولكن حظر على أي من الصحافيين الكتابة عنها أو حتى التلفظ باسمها تحت طائلة التوقيف· كان على ''هيونج'' أن تختار المنفى الباريسي لتكتب هناك وتلفت النقاد بأفكارها المثيرة· هي التي تقول إن الشيوعية تطبّق هكذا: أن أعقد قراني على··· الحائط· وفي ما يلي، البعض من الإضاءة على أفكار الكاتبة الفيتنامية: إعادة صياغة الهواء ''إن روحي تجرّ تلك العربة التي تدعى الحياة''· يحدث هذا منذ ستين عاماً مع الكاتبة الفيتنامية ''ديونج شو هيونج'' التي تقول إن البوذية ''جعلت يداي تمتدان، دون انقطاع، إلى الآخر''· وكانت قد لاحظت أن الفارق بين ''كارل ماركس'' و''بوذا'' هو كما الفارق بين المدخنة و··· البحيرة· هي تنتمي إلى البحيرات· قد تشبه نقطة الماء، أو طائر البجع، أو زهرة اللؤلؤ· ولهذا لم تستطع أن تتحملها سلطات هانوي· وكان هذا منذ سنوات، حيث تقول : إن آخذ بالشيوعية كما لو أن أحدهم يطلب مني أن أعقد قراني على··· الحائط· شديدة الافتتان ببلادها، وبما فعله القرويون كي لا تبقى القدم الغريبة، والفولاذية، هناك· قالت ''هيونج'': في ذلك اليوم الذي راحت الفراشات تعيد صياغة الهواء''· كانت هناك جثث كثيرة· ولدت في عام ،1947 وعاشت ثقافة الحفاة، والناس الذين يبقون في الحقول إلى الأبد، ومن العاطلين عن العمل الذين كانوا يعثرون على الأمل في الملابس العسكرية· الموت يأتي أيضاً بالملابس العسكرية: عندما تشهق الأرض لماذا لا يسمح للناس أن يشهقوا ايضاً· تهمة التخريب الكاتبة الفيتنامية تقول إنها اتهمت بتخريب العقول: قال لي المحقق إنكِ تستعملين قلبك بصورة غير مشروعة وكأنه كان يفترض أن أضعه في الثلاجة الخشبية ثم أكتب كما تكتب السلاحف· هل من أحد في هذا العالم يمكن أن يتهم القلب بالتخريب؟ ''ويفترض ألا أكون مثالية في أسئلتي· الآن أنا في باريس· بقدر ما تشعر بالحرية، وبأن أحداً لا يمدّ أظافره من نافذة الغرفة، بقدر ما تشعر بأنك مسؤول عن أولئك الذين وضعوا في الأقبية، وبتهم قد يخجل المرء أن يوجهها إلى الذئاب أو إلى القردة، هذا في كل مكان، في أكثر من مكان''· ''هيونج'' رفضت أن تكون امرأة مع وقف التنفيذ· سبق وأخرجت فيلم ''معبد الأمل'' في عام 1991 وكانت الكلفة من مالها الخاص· طلب إليها الأمين العام للحزب الشيوعي حذف بعض المشاهد· رفضت ذلك إذ تقول: لا يمكنني التواطؤ، أو إبرام أي صفقة ضد المحطمين''· الفيلم منع، لكنها تحوّلت هي إلى فيلم متجوّل، كانت تروي قصتها لأي كان، وتتحدث عن اللقطات التي طلبت السلطات حذفها: كما لو أنك ترغم على تقطيع أوصال طفل، هذا مستحيل، هذا مستحيل· فرصة للصمت أم للتأمل؟ في 3 أبريل ،1991 اعتُقلت، وقال لها ضابط الأمن: هذه فرصة رائعة للصمت· فأجابت في الحال '' بل للتأمل''· وظلت وراء القضبان إلى 25 نوفمبر حين أطلقت بوساطة من أرملة الرئيس الفرنسي الراحل ''فرنسوا ميتران'' السيدة ''برناديت ميتران''· تصف تلك المرحلة بالقول: ''كان اختباراً مثيراً لأصابعي التي بقيت تنزف كما في السابق· لم أولد لا مبالية· كانت أمي تقول إنني كنت أحب أن ألهو مع الأطفال الذين يرتدون ملابس بالية· ربما كنت أجد نفسي هناك· لا أدّعي انني كنت جميلة، لكنني كنت أضحك، وأرقص· علّ كل الأطفال في فيتنام كانوا بحاجة إلى فتاة هكذا، وليس بالطبع إلى طفلة فيها ملامح مارلين مونرو''· امرأة ممنوعة في عام ،2006 وضعت ''ارض النسيان''· لكن روايتها ''رحلة الطفولة'' هزّت النقاد في أوروبا بعد ترجمتها إلى الانجليزية والفرنسية، ولسنوات بقيت ''امرأة ممنوعة''· أي صحافي يتلفظ باسمها يتم توقيفه في الحال: ''كنت أحدّق في المرآة، لا أحد قال لي إنني أشبه الطاعون· ولكن كما تعلمون، فإنّ للشرطة الحزبية عيوناً أخرى، عيون زجاجية، لا تفرّق بين الضحكة و··· المقبرة''· ''أكتب كما ألعب·· هل من حاجة لكي أفكر؟''· هذا لأنها شديدة الالتصاق بالأشياء· لا مسافة بينها وبين الأشياء، كما لا حدود مع الآخرين: ''لطالما تمنيت لو أعطيت روحي إلى تلك الجثة التي رأيتها للمرة الأولى· كانت هناك نسوة ينتحبن· إنه الموت إذاً، هناك مَن ''يقتلنا بطريقة أو بأخرى· ماذا يعني تعطيل هذه الحاسة أو تلك سوى اقتطاع هذا الجزء أو ذاك من الإنسان الذي فينا''· حافية وأكتب خلال شهرين فقط، أنجزت الرواية· سيرة ذاتية أم ضدّ الذات: ''المهم انني كتبت بصفاء، لا أكتب بالكعب العالي ولا أحب الأقنعة· إنني حافية وأكتب· يحدث ذلك التماس الضروري مع الأرض· وجوه الناس تكهربني· حين رحت أستعيد كل تلك الأحداث، شعرت بأن البحيرة امتلأت بالماء ثانية· ذلك المنفى لم يجعلني أجف''· لكن ''ديونج'' تعترف بأنها نصفان: نصف سعيد ونصف حزين، هذا عندما تفكر بوجودها: ''أن جزءاً من وجهي يزدهر وأن جزءاً آخر يظهر هكذا شاحباً''· الكاتبة الفيتنامية ليست الآن كما تريد: ''ببساطة، أنا حيوان كئيب، لا أدري ماذا أريد· لعلني محكومة بالألم· عيناي لا تزالان سوداوين· لا أتذكر انني فكرت بأن تكونا زرقاوين· هل ثمة من لون للأمل''! لماذا هذا التناقض أيتها السيدة ''هيونج''؟ تجيب: ''هل ثمة من وجه واحد للحياة؟''· (أورينت برس) ديونج شو هيونج ''ديونج شو هيونج'' وُلدت في منطقة ''ثاي بينه'' في شمال فيتنام، ظلت على مدى 10 سنوات عضواً في فريق فني كان يقدم حفلات مسرحية وما شابه للجنود على جبهات القتال، وهو الفريق الذي لم يبق منه على قيد الحياة بعد انتهاء الحرب، سوى عشرة أشخاص من أصل ثلاثين شخصاً· وحين بلغت العشرين أُرغِمت على الزواج من رجل لا تحبّه· الأب لم يكن هناك، الرجل وجَّه فوهة بندقيته إلى عنقها وهدّدها بالقتل، ومن ثم الانتحار، إذا لم تقبل بالزواج منه· كان دنفاً بحبها· عاشت مع العاشق كما الجواري، حياة شاقة وبدائيّة، وحين طلبت الطلاق رفض أبوها الذي كان قد عاد من القتال وأرغمها على البقاء مع زوجها لأن الطلاق يلطخ سمعة عائلة اقطاعية، وكان عليها أن تبقى بين الاغلال حتى عام 1980 حين حصل الانفصال لتعيش وحيدة بعدما كانت قد أنجبت ولدين· روايتها ''رحلة الطفولة'' تنتمي إلى إيقاعها القصصي الذي بات معروفاً للنقاد المعنيين بالأدب الفيتنامي· كيف عاشت، وكيف راحت تطرح الأسئلة وتجري المقارنة بين المسؤولين الشيوعيين من أصحاب الامتياز وأولئك الذين في الخنادق يقاتلون، ويقتلون، مع عائلاتهم·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©