الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تعليق الاستثمارات في مشاريع الرمال النفطية بكندا

تعليق الاستثمارات في مشاريع الرمال النفطية بكندا
4 ابريل 2009 00:26
أضحى الاقتصاد الكندي يواجه أصعب التحديات بعد أن علقت الدولة آمالاً عريضة على الإيردات النفطية وعمدت الى مضاعفة صادراتها من النفط الى أربعة أمثالها في غضون السنوات الأربع الماضية· أما الآن وقد انزلقت أسعار النفط الى مستويات أدنى بكثير مما كانت عليه في يوليو الماضي بحوالى 150 دولاراً للبرميل، فقد وجدت كندا نفسها في هوة عميقة للركود وبدرجة فاقت توقعات العديد من الخبراء الاقتصاديين· ولم يكن من المستغرب أن يقوم الرئيس الأميركي باراك أوباما بأول زيارة له إلى الخارج الى أوتاوه، وذلك لأن كندا أضحت تعتبر المزود الأكبر للولايات المتحدة بخام النفط مؤخراً· ويذكر أن المشاكل الاقتصادية التي ظلت تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية طالما ظلت تلقي بتداعياتها على كندا، ولكن وحتى موسم الخريف الماضي استمرت كندا تبدو وكأنها بمعزل عن التداعيات والأعاصير الاقتصادية التي اجتاحت جارتها الجنوبية· إذ إن انخفاض مستويات الدين في المؤسسات وعلى مستوى المستهلك وعدم وجود أزمة تتعلق برهونات المنازل، بالإضافة الى تمتعها بقدر هائل من الفوائض في ميزانيتها الفيدرالية والميزان التجاري، كل ذلك جعل كندا تبدو في موقف اقتصادي منيع لدرجة أن المحللين الاقتصاديين توقعوا لها أن تشهد نمواً اقتصادياً بطيئاً دون الوقوع في هوة الركود· بيد أن المصاعب الاقتصادية التي عانت منها مدينة البرتا في الشمال الشرقي للدولة، والتي تستلقي على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية بدأت الآن تنتشر في كافة أنحاء الاقتصاد الكندي· ففي غضون فترة الأشهر الأخيرة، عمدت الشركات النفطية الى تعليق الأعمال والخطط الاستثمارية التي تقترب قيمتها من 50 مليار دولار كندي (39,7 مليار دولار أميركي) وفقاً لإحصائيات مجموعة مطوري الرمال النفطية، أي الاتحاد الخاص بالصناعة في الدولة· وكما يقول رايان كوكبيك المدير المالي لشركة الرمال النفطية الكندية المحدودة والمستثمر الأكبر في ائتلاف الشركات النفطية العاملة الذي يعرف باسم شركة ساينكرود كندا ''إن هذه المشكلة سوف تلقي بتأثيرات سالبة على سائر قطاعات الاقتصاد الكندي· وهناك كميات هائلة من الدولارات التي لم يتم إنفاقها بعد''· وفي الحقيقة، إن الإنفاق على النفط وعلى القطاعات المعززة الأخرى مثل البناء والتشييد وصناعة المعدات الثقيلة كان من الممكن أن تؤتي بثمار ونتائج إيجابية وبخاصة في وقت بدأت فيه الصناعة الوطنية في تسريح الوظائف· وقال جاك مارسيل الاقتصادي في مؤسسة ويست كندا للبحوث في كالجاري ''لطالما ظلت كندا لا تعرف نفسها بأنها دولة نفطية، ولكن ومع عدم إدراكها لهذه الحقيقة فإنها أصبحت الآن تعتمد على النفط''· ضعف الطلب ومن جهة أخرى، فقد ظل الرئيس أوباما يرزح تحت ضغوط تمارس عليه من قبل الجماعات الناشطة في حماية البيئة تطالبه بعدم التخلي عن تعهداته الانتخابية الرامية لتقليل الاستهلاك الأميركي للنفط والتصدي لمشكلة التغير المناخي· ولكن الرقعة النفطية هنا في البرتا والمعروفة باسم الرمال النفطية من المقدر لها أن تنتج النفط الخام من مادة أشبه بالقار يطلق عليها اسم البيتومين من خلال عملية تنتج غازات الدفينة بأحجام أكبر بكثير مما تبعث به عمليات الحفر التقليدي للنفط· على أن من المؤكد أن انخفاض أسعار النفط لا يمثل المشكلة الاقتصادية الوحيدة في كندا، فالمشاكل العميقة في صناعة السيارات الأميركية قد أدت بدورها الى إلحاق الشلل بالصناعة في جنوب أونتاريو، المنطقة التي تستضيف العديد من مصانع السيارات والشركات المصنعة لأجزاء وقطع السيارات· وكذلك فإن انهيار سوق الإسكان والمنازل الأميركية وجهت لطمة قوية أيضاً الى صناعة الأخشاب الكندية، أحد أكبر الأعمال التجارية في كندا، فقد انخفضت صادرات صناعة الغابات الكندية بمقدار الربع مقارنة بما كانت عليه قبل عامين من الآن· أما الأهم من ذلك، فإن ضعف الطلب على كافة الصادرات الكندية خاصة من الولايات المتحدة الأميركية جعل الميزان التجاري الكندي يعاني من العجز في ديسمبر ولأول مرة منذ منتصف حقبة السبعينيات من القرن الماضي· أما في يناير، فقد قفز معدل البطالة في كندا بمقدار 129 ألف وظيفة في أكبر زيادة له في شهر واحد منذ سنوات طويلة الى مستوى 7,2 في المائة· لذا فقد أصبح الاقتصاديون يتوقعون أن يشهد الاقتصاد الكندي انكماشاً بحوالى 1,1 في المائة في هذا العام، أي أقل بكثير من مستوى النمو الذي كان متوقعاً في وقت مبكر من هذا العام بنسبة 1,8 في المائة· والى ذلك، فإن الرقعة النفطية التي تحيط بمنطقة فورت ماكموري بالإضافة الى الرقعتين الأخريين المجاورتين لها تغطيان منطقة بحجم ولاية فلوريدا الأميركية· وظلت الحقول في هذه المناطق مجتمعة تساهم بحوالى 1,3 مليون برميل من النفط الخام يومياً، أي بأكثر من نصف إجمالي الإنتاج الكندي من النفط· والآن أصبحت صادرات النفط الكندي من حيث قيمتها بالدولارات تنافس إيرادات الدولة من قطاع صناعة السيارات المتركزة في أونتاريو التي تعتبر العمود الفقري التقليدي لقطاع الصناعة في الدولة· ومن جهة أخرى، فقد ظل وجود البيتومين حول منطقة فورت ماكموري أمراً معروفاً في الأوساط الكندية منذ القرن التاسع عشر على الأقل قبل أن يحاول المكتشفون تسويقه في القرن الماضي لأغراض تعبيد ورصف الطرقات· تكلفة الإنتاج أما في أواخر حقبة الستينيات وأوائل السبعينيات، فقد شرعت شركات النفط الكندية بقيادة ما أصبح يُعرف الآن بائتلاف مؤسسة صنكور للطاقة وشركة ساينكرود في تطوير أول المناجم المفتوحة من أجل استخراج هذا وحتى ذلك الوقت وعلى الرغم من ضخامة حجم الاحتياطي، فإن قطاع الطاقة العالمي لم يول اهتماماً كافياً لهذا الاحتياطي بسبب التكلفة العالية لإنتاج البترول من الرمال، طالما أن سعر النفط لم يكن يتجاوز 10,72 دولار للبرميل حتى عام ·1998 ولكن قواعد اللعبة سرعان ما بدأت في التغير، حيث شهدت الساحة تقدماً هائلاً في التكنولوجيا بما في ذلك التحسن الكبير الذي طرأ في عمليات استخراج البيتومين بواسطة البخار وبشكل جعل العملية تتسم بالمزيد من الجودة والفعالية· ولقد تزامن ذلك أيضاً مع وفرة وسهولة الحصول على الائتمان مما أشعل تدفق المزيد من الاستثمارات· ثم جاءت حرب العراق وعدم مصداقية البحث عن النفط في مناطق تعاني من الاضطرابات السياسية مثل فنزويلا وإيران لكي تجعل من دول مثل كندا أكثر جذباً لهذه الاستثمارات· وفي نفس الأثناء استمر الاقتصاد العالمي يشهد الازدهار وارتفعت أسعار النفط الى مستويات أكبر من أن تغطي تكاليف الإنتاج في هذه المناطق التي كانت تعتبر باهظة التكلفة حتى وقت قصير· لذا فقد عمدت كبريات الدول النفطية من جميع أنحاء العالم الى جانب أكبر الشركات الكندية الى إنفاق كميات هائلة من الأموال في الرمال النفطية· ولقد ازداد الإنفاق السنوي بما في الإنفاق على الإنشاءات الجديدة والإنفاقات المخصصة لتشغيل المواقع الضخمة الى ثلاثة أضعافه تقريباً الى مستوى 34,6 مليار دولار أميركي كما هو مخطط له في عام 2008 مقارنة بمبلغ 7 مليارات دولار فقط في عام 2003 وفقاً لإحصائيات مجموعة مطوري الرمال النفطية في كندا· ومما لا شك فيه، فقد ساهمت هذه التدفقات النقدية في تقوية الدولار الكندي الذي أدى بدوره الى إعاقة حركة صادرات السلع الكندية بعد أن جعلها أغلى تكلفة بالنسبة للولايات المتحدة والدول الأخرى· ولكن الازدهار الذي شهدته الرقعة النفطية استمر يساهم في خلق عشرات الآلاف من الوظائف، بحيث تدفق الى المنطقة العديد من العمال العاطلين عن العمل في الولايات الأخرى التي تعاني من ظروف اقتصادية متعثرة· ونتيجة طبيعية، فقد ازدهرت أيضاً سائر الأعمال التجارية الأخرى وارتفعت أسعار المنازل الى مستويات غير مسبوقة، بحيث أصبحت تنافس مثيلاتها في تورنتو· وحتى الخريف الماضي عندما تفاقمت المشاكل الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية وفي أنحاء أخرى في كندا، فقد ظلت صناعة النفط والغاز نقطة مضيئة ومشرقة في كامل الساحة الاقتصادية· المشاكل الاقتصادية لكن المشاكل الاقتصادية سرعان ما امتدت لكي تطيح بالسوق النفطية بعد أن أدى التباطؤ العالمي لخفض الطلب على النفط· ثم جاء تجمد الائتمان لكي يفاقم من المشكلة· وفي غضون أسبوع واحد تقريباً شرعت شركات النفط في تعليق الخطط الاستثمارية في مشاريع الرمال النفطية· وبدلاً من أن تبدأ هذه الشركات في شراء المعدات والأجهزة الجديدة فقد عكفت على إصلاح وصيانة المعدات القديمة العاملة، أما ريك جورج المدير التنفيذي لشركة صنكور التي تتخذ من كالجاري مقراً لها والتي عمدت في يناير الماضي الى تعليق ستة مشاريع للتوسعة بقيمة 14 مليار دولار كندي، فقد أصبح يتوقع الآن أن الشركة سوف تلجأ الى تخفيض العمالة المؤقتة التي يبلغ إجماليها 35 ألف عامل في رقعة الرمال النفطية حول ماكموري إلى مجرد 10 آلاف عامل بحلول نهاية هذا العام· وفي الوقت الذي يتوقع فيه العديد من التنفيذيين في الشركات النفطية أن ترتفع الأسعار مجدداً قبل نهاية العام وبشكل يؤدي الى المضي قدماً في الخطط التوسعية المؤجلة، إلا أن هذا الأمر ربما يحتاج الى فترة أطول مما يعتقد الكثيرون· (الدولار الأميركي يساوي 1,25 دولار كندي) عن وول ستريت جورنال
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©