الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش السوري الحر... ورهان الحل العسكري

الجيش السوري الحر... ورهان الحل العسكري
5 فبراير 2012
فيما يتضاءل الأمل في حل دبلوماسي للعنف في سوريا، يتحول الاهتمام الدولي إلى"الجيش السوري الحر" المنشق عن النظام، كوسيلة بديلة عن الجهود السياسية، والأممية، لإحداث التغيير وإسقاط نظام الأسد. فهذا الجيش تحول خلال الشهور القليلة الماضية، إلى لاعب رئيسي في المواجهة بين نظام الأسد من جهة والمعارضة السورية من جهة أخرى. وقد أدى تزايد حجمه سواء من خلال تنامي أعداد المنشقين والفارين من صفوف الجيش السوري النظامي، وتطوع كثير من المدنيين السوريين فيه، إلى زيادة كبيرة في وتيرة الهجمات التي يشنها ضد قوات النظام. وتشير بعض الأنباء إلى أن قوات الجيش السوري الحر، قد دخلت في اشتباكات عنيفة مع قوات الجيش النظامي في أماكن لا تبعد عن العاصمة دمشق بأكثر من خمسة كيلومترات، وأنها قد تمكنت من تأمين عدد من الجيوب حتى لو كانت محدودة المساحة، وهي جيوب باتت تشكل منطقة خالية من قوات النظام. وفي مثل هذه الأحوال من الطبيعي أن تكون سيطرته على تلك المناطق هشة حتى الآن بسبب افتقاره للذخيرة، وضعف شبكة إمداداته اللوجستية. ويقول "جيفري وايت" المحلل السياسي لدى "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" وهو أيضاً مؤلف ورقة تعريفية حديثه عن الجيش السوري الحر: "أعتقد أن الجيش السوري الحر بات الآن واحداً من القوى القادرة على تحريك الوضع، والتي ستسهم في تحديد شكل النتائج النهائية لما سيتمخض عنه الوضع في النهاية". ويوضح "وايت" ما يقصده مستطرداً: "لقد غير الجيش السوري الحر طبيعة الصراع مع النظام، وبدأ يقترب بخطى حثيثة من التماهي مع المعارضة السورية الشعبية العاملة داخل البلاد نفسها، كما أظهر صلابة وقوة في ساحة القتال، وهو على كل حال يتطور على الدوام سواء من ناحية القدرات أو الأعداد". وقد ناقش مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء الماضي، مسودة قرار مقدم من الدول العربية والأوروبية مبني على خطة الجامعة العربية للانتقال السلمي للسلطة في سوريا. ومن المقرر وفقاً لهذه المسودة أن يسلم الأسد السلطة لنائبه بشرط تكوين حكومة وحدة وطنية أولاً، وذلك في موعد أقصاه شهران. ولكن روسيا التي تتمتع بحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، عارضت القرار لأنه يتجاوز كما قالت "خطاً أحمر" من وجهة نظرها، ويرقى إلى أن يكون "تغييراً للنظام". ويقول خبراء إن هذه الخطة -حتى لو خففت روسيا من موقفها الحالي- لن تؤدي إلى نتيجة فعلية لأن الشرخ بين المعارضة، والنظام بات أوسع وأعمق بكثير مما يمكن ترميمه. والدفع في اتجاه صدور قرار من الأمم المتحدة، يبدو خياراً من بين آخر الخيارات والخطوات التي يمكن التعويل عليها قبل التفكير بشكل أكثر جدية في حل عسكري، بات العديد من الناشطين السوريين يدعون إليه علناً. و"في الواقع أن قرار الأمم المتحدة لم يعد ضروريّاً في الوقت الراهن، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية... فما هو مهم في اللحظة الحالية هو أن تكون لدينا الإرادة والرغبة في تقديم المواد الضرورية والدعم اللوجستي للثوار وتوفير شخصيات قيادية لتزعم الاحتجاجات، ممن يتمتعون بالتدريب الجيد، والقدرة الضرورية على قيادة المرحلة الانتقالية بأنفسهم". كان هذا ما كتبه منذ عدة أيام الناشط "عمار عبدالحميد" في النشرة الإخبارية التي يقوم بإعدادها على شبكة الإنترنت. ولكن صدور قرار أو قرارات دولية بدعم الجيش السوري الحر، يمكن أن تترتب عليه أيضاً مخاطر تتمثل في الرد المتوقع من قبل النظام السوري على هذه الخطوة، بالإضافة إلى رد فعل الدول والمنظمات الحليفة له في المنطقة مثل إيران و"حزب الله"، وهو ما قد يهدد باتساع دائرة الصراع، وانتقاله إلى الدول المجاورة مع كل ما يترتب على ذلك من خطورة على الأمن الإقليمي من ثم على الاستقرار الدولي. والحصول على كميات كافية من الأسلحة والذخيرة للاستمرار في مقاومة نظام الأسد، يمثل تحدياً يوميّاً بالنسبة للجيش السوري الحر الذي يحتفظ في الوقت الراهن بسيطرة هشة -كما سبق أن ذكرنا- على مواقع خارج العاصمة السورية دمشق، بالإضافة إلى سيطرته على جزء من محافظة إدلب في الشمال، وعلى بلدة الزبداني على الحدود مع لبنان. ويعتقد أنه يتم تهريب بعض الأسلحة عبر الحدود اللبنانية المشتركة مع سوريا، على رغم أن الكميات قليلة، وأن التهريب يتم بشكل فردي وليس جماعيّاً منظماً. كما يتم جلب كميات أخرى من الأسلحة عبر حدود سوريا مع تركيا وهي الحدود التي يستطيع مقاتلو الجيش السوري الحر عبورها بسهولة نسبية. وتقول مصادر دبلوماسية إنه يتم تهريب الأسلحة أيضاً إلى سوريا من العراق من بعض أبناء القبائل السنية في العراق إلى أشقائهم من القبائل السنية في سوريا. وهناك مصادر أخرى تقول إن الأكراد في العراق يسهمون هم أيضاً من جانبهم في تهريب الأسلحة عبر الحدود إلى أشقائهم الأكراد في شمال سوريا. على أن هناك مصادر أخرى موثوق بها تقول إن جزءاً من تلك الأسلحة يأتي من داخل سوريا نفسها وتحديداً من الجيش السوري النظامي نفسه، كما يقول الضباط المنشقون التابعون للجيش السوري الحر. وتتردد أنباء مؤداها أن بعض وحدات ذلك الجيش قد تمكنت من الحصول على أسلحة ومعدات معقدة مثل منظومات الصواريخ الروسية الصنع المضادة للدبابات. ويقول ضباط الجيش السوري الحر إن هدفهم الأساسي هو حماية المتظاهرين في الشوارع، وإن جيشهم يفتقر للقوة البشرية، والأسلحة، والمعدات، والتماسك، والتنظيم، أي للعناصر التي تمكنه من تشكيل تهديد حقيقي للجيش السوري النظامي. ولكن على رغم جوانب النقص هذه، فإن وحدات الجيش السوري الحر تشن عدداً متزايداً من العمليات الهجومية القائمة على أسلوب الكر والفر، وتكتيكات حرب العصابات، على الجيش السوري النظامي، في محاولة لإنهاك ذلك الجيش، واستنزاف قوته، وتشجيع المزيد من جنوده على الهروب من صفوفه، مما يجعله أكثر ضعفاً وأقل تماسكاً. ويقول "وايت": "إن المجتمع الدولي ينبغي أن يساند حملة الجيش السوري الحر لاستنزاف قوى الجيش السوري النظامي، من خلال تزويده بالأموال والمعدات والأسلحة، وعلى وجه الخصوص الأسلحة المضادة للدبابات، ومنظومات القيادة والسيطرة، والنصائح والاستشارات العملياتية والتعبوية". ويطالب ضباط الجيش السوري الحر بالحصول على مساعدة غربية من أجل فرض منطقة حظر طيران وملاذات آمنة، يستطيع إعادة تجميع صفوفه فيها، وشن هجماته منها. ويصر هؤلاء الضباط على أنهم قادرون على القيام بالمهمة، إذا ما زودوا بكميات كافية من الأسلحة والمعدات وبملاذات آمنة. ويقول المسؤولون الغربيون المنخرطون في السياسات المتعلقة بسوريا إن قوة وحجم الجيش السوري الذي يتراوح عدده وفق تقديراتهم ما بين 4000 و7000 جندي على رغم أن ضباطه يدّعون أن هذا العدد يصل إلى 40 ألف مقاتل، يمكن أن يصبحا عنصرين جوهريين في تحديد فعالية أدائه وتحديد الطريقة التي ستتطور بها الأزمة السورية، إذا لم يتنازل الأسد عن منصبه خلال ثلاثة أشهر من الآن. ويوضح أحد هؤلاء المسؤولين ما يريد قوله: "إنه سباق ضد الزمن بمعنى الكلمة... سباق يتعلق بمدى السرعة التي يفقد بها الجيش النظامي، وتفقد بها الحكومة سيطرتهما على المناطق الحيوية في البلاد، ويتعلق بدرجة العنف التي ستسود في تلك المناطق، ومدى الصلابة والشراسة التي ستقاتل بها قوات حماية النظام السوري، من أجل المحافظة على سيطرتها على المدن المهمة وعلى رأسها دمشق وحلب". نيكولاس بلاند فورد - طرابلس ـ لبنان ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونتيور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©