الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخطاء عسكرية في العراق··· شهادة عائد من بعقوبة

أخطاء عسكرية في العراق··· شهادة عائد من بعقوبة
8 يوليو 2007 03:48
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كنت قد زرت محافظة بعقوبة عدة مرات في الأسبوع، منطلقاً إليها من القاعدة العسكرية التي أقيم فيها في العراق، وذلك بهدف مقابلة المحافظ ورئيس مجلس المحافظة المؤقت، وعدد آخر من المسؤولين المحليين· وعلى رغم خطورة تلك الزيارات، فإنها لم تكن انتحارية على أية حال· غير أن زيارات كهذه، أضحت اليوم في حكم المستحيل تقريباً، بعد أن تحولت المحافظة كلها إلى ميدان واسع لأكبر وأشرس المعارك الدائرة اليوم ضد عناصر ومقاتلي تنظيم ''القاعدة'' ومن يتعاونون معهم· أما منازل المحافظة التي لم تدمر بعد، فقد ثقبت جدرانها وغرفها الطلقات، بينما توفي الكثير من مسؤولي المحافظة الذين سبق لي أن عملت معهم، في حين فر معظم سكانها من المدنيين· ويعود جزء كبير من هذا الدمار الذي لحق بالمدينة إلى فرار مقاتلي تنظيم ''القاعدة'' بأعداد كبيرة من العاصمة بغداد، نتيجة لزيادة عدد قواتنا فيها· ولذلك فإن قدراً لا يستهان به من المسؤولية عما حدث، يعود لنا نحن· بل إن ممارسات جنودنا أنفسهم، كانت السبب الرئيسي في تصاعد التمرد ضدنا في محافظة ''ديالا''· والأكثر أهمية ولفتاً للنظر، أن تلك الممارسات تعد انعكاساً لعدة عوامل أخرى، منها ضيق وتبرم الشعب الأميركي من مجريات الحرب، والانتقال المستمر لجنودنا من مكان لآخر في العراق، إلى جانب رغبة كل قائد من قادتنا العسكريين في تمييز نفسه وأدائه عن بقية القادة الآخرين، إضافة إلى اعتقادنا الراسخ بأن لنا القدرة نحن الأميركيين على حل المشكلات بأسرع مما يمكن أن يفعله غيرنا· وقد سمحنا لكل هذه العوامل مجتمعة، أن تفعل فعلها في حربنا على العراق· وفيما أذكر فقد أمضيت أنا وقائد كتيبة المشاة التابعة للفرقة الرابعة، وعدد آخر من القادة والضباط، وقتاً مقدراً في محاولة إقناع متمردي تنظيم ''القاعدة'' بأن في وسع السياسة أن تكون بديلاً للبندقية في إطار العراك الدائر حول السيطرة على موارد البلاد وثرواتها· وقد تمكنا بالفعل من إحراز تقدم لا بأس به في محاولاتنا تلك· وكان قائد اللواء العسكري هناك، في لقاءات منتظمة مع القادة المسلمين الشيعة والسنة، العاملين في قوات الأمن والدوائر الحكومية· وفي الوقت ذاته، كان قادة الكتائب الأميركيون على صلة منتظمة بزعماء العشائر والقبائل السُنية والشيعية على حد سواء، وقد حصلوا منهم على دعم شعبي، لا يمكن الاستهانة به· وقد تسنى لي الحديث مراراً مع كبار قادة الضباط ''البعثيين'' السابقين، الذين أبدوا حماساً منقطع النظير للدفاع عن بلادهم وتجنيبها ويلات التدخل الإيراني· تمت تلك المحادثات بوساطة من مكتب عمدة بعقوبة، السيد خالد السنجاري· وهنا بالذات اتفق طرفانا على أرضية واحدة للعمل المشترك، مع العلم أن ''البعثيين'' السابقين، يشكلون طرفاً أساسياً من أطراف التمرد ضدنا في العراق· فمن الجانب الأميركي، ظللنا نلاحق باستمرار عمليات تسرب الأسلحة وغيرها من المعدات الحربية إلى عناصر التمرد من إيران عبر محافظة ''ديالا''· وفي الواقع فقد استخدم الجزء الأعظم من تلك الأسلحة والمعدات ضدنا بالفعل· أما من جانب كبار قادة الجيش ''البعثيين'' السابقين هؤلاء، فقد شارك الكثير منهم في قيادة الوحدات العسكرية إبان الحرب العراقية- الإيرانية، ولذلك فإنهم يعارضون أي محاولة إيرانية للسيطرة على بلادهم· وكان ''صيف السلام''، الذي شهدته محافظة بعقوبة في عام ،2006 هشاً ومؤقتاً وسرعان بدأت سحائبه بالانحسار بحلول شهر أغسطس من العام نفسه· والسبب أن العاصمة بغداد، شهدت زيادة كبيرة في عدد قواتنا هناك، ما يعني أن الزيادة الحالية لم تكن الأولى ولا حتى الثانية كما يعتقد بعضهم· فمنذ أغسطس الماضي، بدأنا نشعر بتدفق أعداد كبيرة من المتمردين عبر محافظة ''ديالا''، أي قبل وقت سابق لبدء الحديث عن رفع عدد قواتنا في بغداد· ثم تلت ذلك تطورات مؤسفة في أوساط القوات العراقية نفسها· فقد تم استبدال القائد الشيعي العام لتلك القوات، بالفريق أول ''شاكر الحليل''، وهو قائد شيعي آخر، قيل إنه عين من قبل مكتب رئيس الوزراء، نوري المالكي· والمشكلة أن ''الحليل'' ينتهج سياسات طائفية حتى النخاع· ولذلك وعلى رغم حديثه المستمر عن المصالحة والسلام، فإنه ضالع في عمليات الاعتقال السري لخصومه السنيين وتعذيبهم· بل هو في مقدمة فرق الموت التي عادة ما ترسل في مهمات اصطياد القيادات السُنية وقتلها· ليس ذلك فحسب، بل إن نهجه عموماً، يعبر عن مقت شديد لقيم الديمقراطية والنظام وحفظ الأمن· ولذلك فإن توليه لمنصب قيادي حاسم كهذا، لم يكن في صالح السلام ولا المصالحة الوطنية بأية حال· وفي المقابل، فقد طرأ تطور غير محمود في صفوف القوات الأميركية أيضاً، ويتلخص هذا التطور في استبدال كتيبة المشاة التابعة للفرقة الرابعة، بكتيبة للخيالة، في خريف العام الماضي· وكان الكولونيل القائد لتلك الكتيبة على عجلة من أمره لإنهاء المهمة التي لم ينهها سلفه· ولذلك فقد كان خياره الأول أن يحارب بسلاح البندقية وليس الكلمة· ولذلك فقد كان طبيعياً أن تخلي ''القوة الناعمة'' الساحة كلها ''للقوة الخشنة''· وكانت تلك هي النقطة التي بدأت تتبدد منها كل جهود السلام التي بدأناها في بعقوبة· ضابط مهام خارجية متقاعد، أعيد للخدمة لقيادة فريق إعادة الإعمار المؤقت في محافظة بعقوبة العراقية، من أبريل 2006 وحتى يناير 2007 ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©