السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حسكو : عبرالذاكرة والأسطورة تنهض الأفكار

حسكو : عبرالذاكرة والأسطورة تنهض الأفكار
7 يوليو 2007 22:02
ينتمي حسكو حسكو في التجربة التشكيلية السورية إلى جيل الشباب، وهو الجيل القلق الذي ولد في عقد السبعينات من القرن المنصرم· جيل يحاول التعبير عن روح العصر السريعة والمتلاشية والتي لا تعرف الثبات، يحاول أن يقبض عليها فنياً في لحظة قابلة للتجسيد، في الوقت الذي يهرب منه الزمن ولا يستطيع تأبيد اللحظة· ولذلك ليس غريباً أن يحاول حسكو في لوحته أن يعود الى الأسطورة، والذاكرة الغامضة من أجل القبض على اللحظة الراهنة، ومن أجل الراهن يذهب حسكو بعيداً في الأسطورة والذاكرة واللاوعي، يصور عوالم مستعصية على التصوير· في معرضه الأخير في غاليري مصطفى علي للفن لا يقدم حسكو رؤاه عبر لوحة معاصرة بعناصرها الحداثية الراهنة، وإنما يحاول أن يقدم استعادة تشكيلية مستوحاة من ذاكرة الطفولة من الأساطير ومن الأحلام دون أن يخرج من حداثيته· خاصة وأن عالمه ينتمي أصلاً إلى منطقة الجزيرة السورية ذات التنوع الكبير والعوالم المتناقضة والمتداخلة، وهو الكردي المنحدر أصلاً من الجبال ويحمل تناقضاتها، ويعكس صداها، صاحب الاسم الغريب واللوحة الغريبة· ورغم غرابة لوحة حسكو، يقرأ الناظر اليها المفردات التراثية المتداخلة، والتي تعطي اللوحة العمق المطلوب في التعبير والزمن، وتمنعها من الوقوع في سطحية المعاصرة الكاذبة· الأساليب النمطية يحاول حسكو في لوحته أن يتحرر من الأساليب النمطية للمدارس التشكيلية، حتى لا يقع أسير أسلوبية مكررة تجعل من اللوحة تقليداً وليست فناً أصيلاً· لوحته تحمل أصالة الفن السوري عبر مدارسه دون أن تقع في التتلمذ الساذج، فهي تحمل عمق تجربة كهول الفن التشكيلي السوري وحيوية التشكيل السوري الشاب· وبحكم هذا الحرص على الخصوصية دون الغرق في اللامعنى، ودون الانتظام في مدارس الآخرين، يشق حسكو طريقه الفني، عبر لوحاته القادمة من الخيال الأسطوري، وكائناته الغرائبية التي ترسم ملامح اللوحات· ومن تكوينها الغني والرحب تعكس اللوحة عوالم حسكو، وعوالم تجربته الحياتية، وعوالم جيل بأكمله· في لوحاته يولد الأسطوري من غموض الإنساني في لوحته ومن الدلالات التعبيرية للحيوان، والتي بمجموعها وتداخلها تخلق عوالم تعود الى الطبيعة وتعكس خصوبتها بذات الوقت· وتتواتر التعبيرات اللونية ضمن تداعيات لا تنتهي، عابرة من حدة إلى نعومة عبر آلية تعبيرية تجعل اللوحة قادرة على عكس التناقضات، كما هي في الحياة· يتمسك حسكو بالذاكرة كنبع أصلي ومصدر لا بد منه للوحة، نبع تعبيري لا ينضب لتجديد اللوحة ومنعها من التعفن عبر أدوات مكررة· إطارات تعبيرية يحاول حسكو في لوحاته خلق فضاء حرية للإنسان، حرية مطلقة صاعدة من الأرض، ومن أهم معطى حياته فيها، التراب، ألوان التراب والرماد تتداخل في لوحته، تقترب من الأسود ولكن دون الدخول فيه، تحوم على عتباته، وتبقي مسافة حتى لا يبتلع السواد كل شيء· تتداخل الرموز في لوحة حسكو، ويحاول تشكيلها في إطارات تعبيرية ذات طبيعة شعرية، تعطي للخيال وظيفة رئيسية لحل رموزها، ويحولها في ذات الوقت إلى لوحة شعرية، ولكن أداتها التعبيرية الفرشاة والألوان وليست الكلمات، لوحات شعرية توحي أكثر مما تقول، الإيحاء يعطي المتلقي الحرية وفي إعادة تشكيل اللوحة، والنظر إليها من الزاوية التي يريد بصرف النظر عن مقاصد حسكو التعبيرية، لقد استقلت عنه، أصبحت ملك المتلقي·
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©