الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واقع فلسطينيي غزة اليوم أكثر إيلاما من زمن الاحتلال

واقع فلسطينيي غزة اليوم أكثر إيلاما من زمن الاحتلال
6 يوليو 2007 01:49
المشهد الفلسطيني كارثي ومأساوي وخطير، إنها الفتنة والفوضى والعبث وروح اللامسؤولية التي دبت بالجسد الفلسطيني، لأن ما حدث من اقتتال دام ومدمر بين حركتي ''فتح'' و''حماس'' لا يمكن بأي حال من الاحوال اعتباره حالة فلسطينية عابرة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، لأن هذه الاشتباكات أسقطت حرمة الاقتتال الفلسطيني بين ابناء الشعب الواحد، ولم يعد الدم الفلسطيني خطاً أحمر، ولأن هناك نوعا من الإجماع على أن الشعب الفلسطيني هو الخاسر الأكبر من جميع الاشتباكات الأخيرة· ما جرى يؤكد أن اتفاق مكة المكرمة الذي تمخض على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وجميع التفاهمات السابقة في مصر والاتصالات بين قيادتي الحركتين ··· كل هذا لم يكن كافياً لتحقيق السلم الداخلي ونزع فتيل الانفجار بين الحركتين الأكثر تأثيراً على الساحة الفلسطينية، ذلك لأن ''إسرائيل'' صعدت من عدوانها على الشعب الفلسطيني بعد توقيع اتفاق مكة لتعويض اخفاقها في دفع الفصائل الفسطينية إلى الاحتراب ولإشغال الفلسطينيين عن جهودهم المكثفة لتحويل الاتفاق إلى واقع بحكومة وحدة وطنية تلتفت لمواجهة العدوان وكسر الحصار الجائر· ولا بد من الاعتراف هنا بأن مظاهر الصراع المسلح بين عناصر ''فتح'' و''حماس'' لم تغب عن المشهد الفلسطيني قبل اتفاق مكة وبعده أيضاً، أما الآن فمن الواضح أن الأمور بدأت تأخذ اتجاهاً آخر مختلفاً مع التداعيات السياسية التي أفرزتها التطورات الميدانية الأخيرة في غزة· معاناة وحصار وقتال أخوي في الواقع إن حرص قيادة الحركتين على التهدئة وعدم انفجار الموقف، لم يعد قائماً اليوم مع الاجراءات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي أسفرت عن تشكيل حكومة طوارئ رغم رفض المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حركة ''حماس'' لهذه الحكومة واعتبارها غير شرعية، وإعلان إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة بأن حكومته ستواصل مهامها رغم إجراءات عباس· ومن المؤكد أن هذا الواقع الفلسطيني الراهن بات أكثر إيلاماً ومرارة مما كان عليه في زمن الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة ··· فمعاناة الفلسطينيين تزداد أكثر فأكثر ليصبح الحصار خانقاً وكارثياً بجميع المقاييس· وما حدث في غزة كان متوقعاً، ولكن أحداً لم يتقدم لوقفه ومنع حدوثه، وذلك منذ فوز ''حماس'' في الانتخابات التشريعية، وتوليها رئاسة الحكومة، وما ترتب على ذلك من فرض حصار على الشعب الفلسطيني، حيث قامت أطراف دولية برفض اتفاق مكة ورفضت التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية، بل لم تكتف بذلك وقامت بتشديد الحصار واعتبرت الاتفاق غير كاف، والحكومة غير مقبولة لأن فيها حركة حماس ''الارهابية'' ولم تفلح كل الاتصالات لتغيير موقف تلك الادارات· وأما مجلس جامعة الدول العربية حين تحدث، عن كسر الحصار وإنهائه لم يفعل شيئاً ذا بال لتحقيق ذلك كما سبق وأشرنا· وكانت النيران تحت الرماد والجميع يعرفون ويرون ذلك، لكن أحداً لم يتخذ خطوة جادة أو عملية لوقف التدهور، وظن كثيرون أن الاتفاقيات والبيانات قد تكون علاجاً ملائماً، وهي في الحقيقة ليست كذلك· ولهذا ربما كان مفيداً مصارحة كل الأطراف بحقيقة الوضع الذي آلت إليه الأزمة الفلسطينية الراهنة الجديدة· ويمكن عرض أبرز السمات المميزة لهذه الأزمة على النحو الآتي: أولاً: يستعصي الآن، وأيضاً في المستقبل المنظور، على الفلسطينيين أن يصلوا بأنفسهم وبجهودهم الذاتية إلى مخارج معقولة ومقبولة لهذه الأزمة العميقة والمتفاقمة· ثانياً: من المفيد الاعتراف بأن الوضع الفلسطيني لا يعاني من عرض طارئ أو وقتي عابر ، وإنما من أزمة مزمنة معقدة ومتفاقمة ومرشحة لمزيد من التفجر والاحتدام· ثالثاً: الأزمة الفلسطينية باتت أكثر تداخلاً وتأثراً بالوضعين العربي والاقليمي، ولذا لم تنجح كل المحاولات التي تجاهلت تحقيق أو تحييد مصالح أو مخاوف الأطراف الإقليمية الأخرى· رابعاً: نكبة الاقتتال الدامي والمؤسف في غزة، ورد الفعل الانتقامي من حركة '' فتح '' في الضفة، تنبئ بتفسخ الحركة الوطنية الفلسطينية التي انطلقت منذ منتصف الستينات والتي كانت قد دارت ظهرها عن تنمية الروح الوطنية والمؤسسات الوطنية الجامعة، بل على العكس من ذلك عملت على تنمية العصبيات والعشائرية والشعارات عند الفلسطينيين· خامساً: إن نكبة الاقتتال بين ''فتح'' و''حماس'' بدت أشد هولاً وقتلاً وتدميراً من كثير من العمليات الاسرائيلية، لاسيما أن هذا الاقتتال النكبة قد حدث في وقت نحت فيها الفصائل الفلسطينية خصوصاً حركة ''حماس'' نحو الهدنة والتهدئة مع الكيان الصهيوني !!! كما شهدت استخدام صنوف من الأسلحة لم يجر استخدامها في مواجهة الاجتياحات ''الاسرائيلية ''!!! والأدهى والأمر أن عمليات الاقتتال شهدت حالات يندى لها الجبين، مثل اعدام شخص من على سطح بناية عالية، والإقدام على القتل المتعمد لجريح، أو ''أسير'' !! ، واستهداف المنازل والعائلات والمستشفيات وسيارات الاسعاف· المخرج في البداية لا بد من التأكيد على أن القاصي والدانى يعلم علم اليقين، أن ما جرى ويجري بين الأخوة في ''فتح'' و''حماس'' من نكبة العنف والاقتتال لا يخدم إلا مصلحة أعداء القضية الفلسطينية واعداء الأمة العربية، وأن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي وحدها طوق النجاة لهم وهي وحدها السبيل لاستعادة الحقوق وتحقيق الأهداف الوطنية· وللخروج من المأزق الفلسطيني لابد من معالجة حكيمة لما جرى، ولذلك فمن واجب الطرفين القيام بخطوات ذات أهمية في طليعتها: الوقف الفوري لحملات التحريض والتخوين ، وأن تقدم ''حماس'' التي نصبت نفسها إدارة القطاع النموذج الذي وعدت به من خلال عدم التمييز في قطاع غزة بين المواطنين على أساس فكري او سياسي أو ديني· وأن تعيد الاعتبار لكل وسائل الاعلام التي اعتدي عليها، فيما على حكومة سلام فياض أن تتحمل مسؤلوليتها الكاملة إزاء قطاع غزة وتأمين كافة احتياجات القطاع وتوفير رواتب جميع الموظفين بمن فيهم المحسوبون على ''حماس''· ويجب على الطرفين اغلاق باب انتشار ثقافة الثأر والانتقام ، بإحالة كافة الجرائم إلى القضاء والتمسك باتفاق مكة المكرمة وبحكومة الوحدة الوطنية وبالحوار الوطني بين مختلف الفصائل·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©