السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوزان رايس... ضحية «الهاوية المالية»!

19 ديسمبر 2012
دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ليس سراً أن «جمهوريي» مجلس الشيوخ، وفي مقدمتهم جون ماكين، شنوا حملة شعواء ضد سوزان رايس. ولكن السؤال الوحيد هو لماذا؟ الواقع أن الأمر لا يتعلق بآرائها حول مواضيع السياسة الخارجية بشكل رئيسي، فرايس وماكين ليسا متباعدين كثيراً بخصوص العديد من المواضيع (وعلى سبيل المثال، فإن كليهما ضغطا في اتجاه تدخل أميركي في الحرب الأهلية الليبية). ورسمياً، فإن حملة الحزب «الجمهوري» ضد رايس كانت بسبب تصريحات أدلت بها حول ما باتت تسميه واشنطن بكل بساطة «بنغازي»، في إشارة إلى هجوم الحادي عشر من سبتمبر على القنصلية الأميركية، والذي أسفر عن مقتل أربعة أميركيين. ولكن الجدل حول سرد «رايس» لحجج البيت الأبيض في مقابلات تلفزيونية يوم الأحد كان واهياً في أحسن الأحوال، لأن الأسئلة الحقيقية حول بنغازي هي حول الممارسات الأمنية لوزارة الخارجية (وزارة هيلاري كلينتون) وتحليلات أجهزة الاستخبارات (مجال اختصاص جيمس كلابر)، وليس دور المتحدث باسم الخارجية الذي قامت به «رايس»، وبحلول الأسبوع الماضي، كانت «رايس» وآخرون قد أظهروا أنها ليست الشخص الذي كتب الحجج؛ وأنها اكتفت بقراءتها فقط. ولكن لا مشكلة، يقول «الجمهوريون»، فقد كانت ثمة مشاكل أخرى عليهم التحقيق فيها. فقد أعد مساعدو «الجمهوريين» ملفات حول سجل «رايس» بخصوص سياسة أفريقيا حين كانت مساعدة لوزير الخارجية في إدارة كلينتون، واتهمها «جمهوريون» في مجلس الشيوخ بأنها تتصرف كثيراً مثل عميل سياسي، وهي صفة لم تنتقص أبداً من وزير خارجية من قبل (جيمس بيكر، الذي يعتبر واحداً من أفضل وزراء الخارجية، كان مدير حملة انتخابية قبل أن يصبح رجل دولة). ولكن إذا لم تكن بنغازي فقط، ولم يكن سجل رايس، فما الذي أثار حفيظة «جمهوريي» مجلس الشيوخ إلى هذا الحد؟ أحد العوامل الرئيسية كان شيئاً قد يبدو غير ذا صلة بالموضوع، إنه «الهاوية المالية». فـ«جمهوريو» مجلس الشيوخ قد يواجهون قريباً تصويتاً حول زيادة معدلات الضرائب على الأغنياء، وهو شيء يمقته جداً أنصارهم المحافظون. فقد قامت قائمة طويلة من زعماء «اليمين» القديم منذ بعض الوقت بتوجيه رسالة يحذرون فيها من أي «جمهوري» يصوت لصالح زيادة الضرائب سيواجه تحدياً كبيراً من اليمين. «بوب كروكر » سيناتور ولاية تينيسي، وهو واحد من السيناتورات «الجمهوريين» القلائل الذين قالوا إنهم قد يدعمون زيادة في الضرائب، قال يوم الخميس إن معركة «الهاوية المالية»، جعلت من هذا التوقيتَ الخطأ لتعيين مثير للجدل. وقال «كروكر» لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «أن تضيف هذا إلى المعادلة كان سيكون أكثر مما يستطيع أي أحد منا تحمله». ولكن أحد مساعدي «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ شرح الوضع لي بشكل أوضح، شريطة عدم الكشف عن هويته، إذ قال: «إن التصويت لصالح زيادة الضرائب هو تصويت صعب... ومعارضة سوزان رايس هي طريقة لتسجيل نقاط، وإن كان ذلك يمثل عرضاً جانبياً فقط». غير أن عاملا آخر في سقوط رايس قد يكون العداوات القديمة. فقد نحت الأمور منحى شخصياً خلال الحملة الانتخابية لعام 2008، والتي لعبت فيها «رايس» دور المقاتل بخصوص مواضيع السياسة الخارجية. وذلك شيء من غير المرجح أن ينساه ماكين – أو يغتفره. فخلال الحملة الانتخابية، لم تهاجم «رايس» سياسات ماكين فحسب، وإنما شككت أيضاً في حكمه، وطبعه، بل وحتى شجاعته؛ حيث تهكمت عليه لـ«تجوله عبر أرجاء السوق مرتدياً سترة واقية من الرصاص» خلال زيارة قام بها إلى العراق. وخلال أزمة صغيرة حول التدخل الروسي في جورجيا المجاورة، قالت رايس ما يلي: «إن أوباما، وإدارة (بوش)، وحلفاء لـ«الناتو» اتخذوا مقاربة عقلانية وحذرة... أما ماكين، فيتحدث بلا روية حيث أدلى بتصريح عدواني وشرس. ربما عقد الوضع وربما لا». وشخصياً لا أعتقد أن هذه الضغائن القديمة كانت العامل الرئيسي في معارضة ماكين لتعيين رايس؛ ولكنها لم تكن تساعد أيضاً. والواقع أن «رايس» أسدت خدمة كبيرة لرئيسها عبر انسحابها؛ ذلك أن أوباما ومساعدوه يدركون أن قدرتهم على القيام بأشياء كبيرة خلال ولايته الثانية ستتآكل مع مرور الوقت؛ ومثلما لفتت إلى ذلك «رايس»، فإن الجهد الذي يضيع في معركة مريرة حول تزكية التعيين ستكون جهداً مسلوباً من أولويات أخرى مثل إصلاح قانون الهجرة. بيد أن المعركة أوضحت بجلاء أن لاشيء سيكون سهلاً بالنسبة للرئيس خلال السنوات الأربع المقبلة، رغم فوزه الكبير بـ332 صوتاً انتخابياً، وذلك لأن «الجمهوريين» يبحثون عن مواضيع يشوشون بها على أوباما، ومن ذلك تعيينات أخرى. وفقط لأن «رايس» انسحبت، فإن ذلك لا يعني أن اختيارات الرئيس الأخرى ستحصل على مرور أوتوماتيكي. والواقع أنه منذ الآن أخذ التعيين المحتمل لسيناتور ولاية نبراسكا تشاك هاجل كوزير للدفاع يقابَل بالمقاومة. فهاجل «جمهوري»، ولكن «الجمهوريين» يعتبرونه مرتداً (حيث دعم مرشحين ديمقراطيين لمجلس الشيوخ في بنسلفانيا ونبراسكا؛ والأدهى من ذلك أن كليهما خسرا) كما أن بعض المجموعات المؤيدة لإسرائيل قلقة وتخشى أن يكون ليناً حول موضوع إيران. وعلاوة على ذلك، قال «الجمهوريون» إنهم لن يكونوا سعداء إذا عين أوباما رئيس موظفي البيت الأبيض جاكوب ليو كوزير للخزانة. وبالعودة إلى موضوع «رايس»، فقد شدد مساعد «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ على أن «الأمر ليس شخصياً». ولكن فاته أن يقول - بدلا من ذلك - إن الأمر يتعلق كلياً بالسياسة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©