الاستشراق المثالي الناعم في فلوبير في مصر

في جولة على دور النشر العربية في معرض أبوظبي للكتاب نعثر على كتاب يمكن أن يكون غريبا وفريدا، كتاب يحكي رحلة الكاتب الفرنسي الشهير فلوبير إلى مصر، الروائي صاحب الرواية الشهيرة ''مدام بوفاري'' التي عرف بها في عالمنا العربي، رحلة ترجمها صلاح صلاح، وكتب مقدمة خاصة بها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، وصدرت ضمن سلسلة ''ارتياد الآفاق: شرق الغربيين'' التي تصدرها دار السويدي للنشر والتوزيع ودار ورد السورية، ويشرف عليها الشاعر نوري الجراح· الشرق في هذه الرحلة، كما في كثير من كتب المستشرقين، ليس هو الشرق كما نعرفه، أو كما هو في الواقع، إنه الشرق كما يراه هؤلاء الغربيون، بصرف النظر عن وجود القصد في الإساءة أو غياب هذا القصد، فهناك ما يمكن تسميته ''النظرة الاستعلائية'' إلى الشرق· وبالنسبة إلى غوستاف فلوبير تحديدا فقد سبقته نظرته الاستشراقية هذه إلى مصر قبل وصولها، الأمر الذي جعله يبرز صورا عجيبة غريبة للشعب المصري وممارساته· ورغم هذه النظرة الغرائبية يرى إدوارد سعيد أن فلوبير كان ''عميق الانغماس في جوانب من الثقافة الأوروبية تشجع رؤية إلى الشرق متعاطفة رغم كونها شاذة''، فقد جاء فلوبير إلى الشرق- بحسب تعبير إدوارد سعيد ''بأسطوريات شخصية كان مدار اهتمامها، بل حتى بنيتها، يتطلبان الشرق''، وقد كان فلوبير يبحث في الشرق عن ''وطن'' في منبع أصول الديانات والرؤى والقدم الكلاسيكي، لكن حسا بالخيبة وانقشاع الوهم وسقوط السرية والغموض يبرز في كتاباته بعد رحلته هذه إلى مصر· فقد كان الشرق من منظوره يقابل ما تمثله فرنسا، إذ كان يعني له الألوان البهية الزاهية في مقابل الصبغة الرمادية لمناظر الأرياف الفرنسية، وكان يعني الإثارة مقابل الروتين الممل، والغامض السرمدي بدلا من المألوف· وحين فوجئ بالشرق الضعيف المفكك الهرم، كان عليه إحياء الشرق الذي يريده، من خلال إعادة ترتيب وتركيب محكم وتاريخي· نقد العقل الإصلاحي بحث في المفاهيم ودلالاتها عن دار النايا في دمشق، صدر كتاب ''نقد العقل الإصلاحي/ قراءة في جدلية الفكر العراقي الحديث'' للكاتب العراقي الدكتور رسول محمد رسول· يتألف الكتاب من مقدمة وخمسة فصول، جاءت المقدمة تحت عنوان (ما هو العقل الإصلاحي) يقف فيها المؤلف في منحى ابيستيمولوجي عند مفهوم العقل الإصلاحي وجملة المفاهيم التي ترتبط به مثل: الحقل الإصلاحي، والمعرفة الإصلاحية، والفكر الإصلاحي، والعقل الإصلاحي، والهوية الإصلاحية، وما بعد النَّص الإصلاحي، وينتهي إلى تعريف العقل الإصلاحي بأنه: قدرة ذهنية انتظمت فيها جملة من المعطيات التي يسعى الإنسان من خلالها إلى إصلاح وضع ما أو حالة ما، وصارت تلك المعطيات، بفاعلية قدرات العقل، معرفة إصلاحية منظَّمة اكتسبت سمات العقل وخصائصه وطبيعته وكيانه العام، لتتحوَّل ـ المعرفة الإصلاحية ـ وبفاعلية العقل أيضاً، إلى فكر إصلاحي له حقله الخاص به ألا وهو ''الحقل الإصلاحي''، الذي يرتقي، بدوره، إلى مستوى الخطاب الإصلاحي، وبالتالي إلى مستوى تكون المعرفة بمقتضاه أكثر عمقاً وأكثر تجريداً تلك هي الفلسفة الإصلاحية· في الفصل الأول يتابع الكاتب بدايات الاهتمام المعاصر بقضايا الفكر الإصلاحي العربي والإسلامي منذ أن أصدر أحمد أمين كتابه (زعماء الإصلاح) منتصف القرن العشرين حتى احدث الدراسات في هذا المجال· وفي الفصل التالي درس المؤلف إشكالية المصلح من منظور اجتماعي مركزا فيه على رؤية المفكر العراقي علي الوردي في نقد مفهوم المثقف الوعظي· وفي الفصل الثالث يدرس ملامح التجربة الإصلاحية في تجربة الشيخ الإصلاحي محمد حسين كاشف الغطاء، بينما يقف عند تجربة المفكر الإسلامي محمد باقر الصدر العراقي في نقد النماذج الإصلاحية في الفكرين الاشتراكي والرأسمالي من منظور إسلامي· ويختم كتابه بدراسة في الأفكار النقدية للمفكر الإسلامي العراقي عبد العزيز البدري·