الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة في اللغة واللهجة والتجربة الذاتية

قراءة في اللغة واللهجة والتجربة الذاتية
14 مارس 2008 01:33
ضمن النشاطات المصاحبة لمعرض أبوظبي الثامن عشر للكتاب وفي يومه الثاني أمس الأول على أرض المعارض في أبوظبي تستمر الفعاليات الثقافية في تقديم الدراسات والاطروحات الفكرية المتعددة الرؤى، وفي إطار ذلك تناولت ''ندوة التراث الشعبي·· الجمع الميداني، إشكالياته وآفاقه'' التي أقامتها إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث واقع جمع التراث وأهمية تدوينه مع طرح تجارب شخصية في الجمع الميداني للتراث الإماراتي اشترك فيها الدكتورة مريم سالم بيشك وفاطمة أحمد المغني وعبدالله عبدالرحمن وعياش يحياوي وشيخة الجابري والدكتور سليمان خلف والدكتور غسان الحسن وعبدالعزيز المسلم بحضور نخبة من الباحثين والمتخصصين والإعلاميين· في بداية الندوة تحدث الدكتور ناصر بن علي الحميري مدير إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عن أهمية جمع التراث المادي والمعنوي وأثنى على الجهود التي تبذل من أجل صون التراث والمحاولات الدؤوبة لجمعه وصيانته، كما اعتبر هذه الندوة بادرة لجمع المعنيين بالتراث الإماراتي وبذل كل الجهود للم هذه المعارف الاجتماعية وتجميعها والحفاظ عليها من الاندثار· نافذة جديدة ثم تناول بلال البدور المدير التنفيذي في وزارة الشباب وتنمية المجتمع في كلمة له واقع تنظيم هذه الندوة ودعا إلى فتح نافذة جديدة على الثقافة من خلال معرض أبوظبي الثالث عشر للكتاب وتساءل عن أهمية الموروث وأهمية سرعة التوثيق للتراث المعنوي خوفاً عليه من الضياع ثم قال: آن الأوان لوقفة حقيقية لدراسة الموروث الإماراتي وتوثيقه وصونه وتوظيفه، واعتبر المحاولات الجادة للم الشتات ضرورة لتجميع المعارف التي يجب أن يعاد بعثها خوفاً عليها من الاندثار· وقال البدور: قبل شهر احتفلنا باليوم الوطني للغة العربية مع احتفالات اليونسكو بخطورة ما تعانيه اللغات الأم ويوم 21 فبراير الماضي اعتبر يوم اللغات الأم، وكان تتويج ذلك جاء بقرار مجلس الوزراء الذي أكد أهمية اللغة العربية واعتماد استخدامها في المخاطبات الدولية ثم تحدث البدور عن طبيعة المحاور في الجلسة· بعد ذلك تحدثت الدكتورة مريم بيشك عن ''التراث اللغوي·· معالجته وحفظه''، حيث أكدت أن هذا الجانب من التراث قد أهمل، وأن حديثها مركز حول التراث اللغوي في الإمارات، وأن اللغة تمر بتطور سريع مع تطور الدولة، ولذا فقد حصلت تغيرات سريعة أيضاً في الجانب اللغوي صاحبها إغفال عن أهم مفردات وتكوين هويتنا وهي اللغة العربية بسبب التنقل الاجتماعي والهجرات داخل الدولة حيث يعد انتقال الإنسان من أماكن إلى أخرى انتقالاً لذاكرته واذا ما تركت هذه الذاكرة فإنها ستنسى، لذا من الضرورة المحافظة على هذه اللغة· الإرث اللغوي ثم تحدثت الدكتورة مريم عن ''الإرث اللغوي، أهميته وأسبابه وكيفية الحفاظ على التراث اللغوي''، وعن تجربتها في تتبع هذا التراث وقراءة مفردات اللغة وخصائصها التركيبية والدلالية حيث توصلت في بحثها إلى أنها بدأت تدرس وتحلل التاريخ البشري على هذه الأرض ولذا فإنها تؤكد صلة التراث اللغوي بالتاريخ البشري وأن البحث في اللغة قادها إلى البحث عن الهوية، وبالتالي توصلت الدكتورة مريم سالم بيشك إلى أن بحثها قادها إلى قراءة علاقة الإنسان بالمكان· ثم تطرقت الباحثة إلى كيفية محافظة اللغة على النتاج المعرفي كالصيد والفلك والزراعة، وتحدثت عن اللهجات المنطوقة وغير المكتوبة التي لابد من توثيقها لأنها آيلة إلى الاندثار بفعل التطور الحضاري المتسارع، ولأن دراستها انصبت على الجانب الميداني مع الاهتداء بالأسس النظرية في قراءتها للهجات ساحل الإمارات الغربي والشرقي توصلت الباحثة إلى أنها وجدت تنوعاً ثقافياً في اللهجات والأصوات والتراكيب اللغوية ولهذا أعطت التراث اللغوي أبعاداً قسمتها إلى أربعة أنواع وهي: أولاً البعد التاريخي للغة ووصفته بالإرث الجمالي، وأنها توصلت إلى هذا البعد عندما بدأت بقراءة المجتمعات اللغوية في الإمارات، من حيث خصائصها وأوجه التشابه فيما بينها، ولأنها تساءلت عن طبيعة التحديات التي تواجه الثقافة المحلية والتراث المعنوي في المستقبل تقول الباحثة: وجدت نفسي أدرس تاريخ المنطقة والأصول اللغوية التي بنيت عليها لهجات مجتمع الإمارات والحقب التاريخية التي مرت على المنطقة، أي بقراءة التاريخ التتابعي للغة، ودراسة البعث التزامني مع الفولكلور، وقد استشهدت بالباحث اللغوي العربي تمام حسان بقوله: لا يمكن أن ندرس لهجة معينة في اختلاطها مع لغات أخرى· ثانياً: تناولت الباحثة البعد الاجتماعي عبر اعتماد اللغة كظاهرة اجتماعية وكنمط من أنماط السلوك الاجتماعي فدرست أساليب التأدب الراقي حيث تعتبر استخدام التورية من نتاج هذا التأدب اللغوي، ثالثاً: البعث الجغرافي حيث برزت لديها علاقة الإنسان بالمكان وأن اللهجة لابد أن توثق ـ في ضوء ذلك ـ قبل الهجرة حيث درست الخاصية الدلالية للغة واعتبرها ضرورة في التشخيص وتوصلت إلى نتيجة مفادها أنه من الصعب القول بل من الخطأ أيضاً ''إن الخاصية الصوتية للغتنا جاءت من مصادر غير عربية'' إذ تقول: أن كل من سكن على هذه الأرض عرب وكل ما ظهر من خصائص صوتية وتنوع دلالي هو عربي المنشأ، رابعاً: قرأت الباحثة البعد الفكري حيث درست مجتمع ''الشحوح'' وقارنته بالمجتمعات اللغوية في المنطقة· تجربة شخصية بعد ذلك تناولت الباحثة فاطمة أحمد المغني في قراءة تجربتها مع التراث المعنوي أوجه البواعث التي جعلتها تتوجه إلى صون التراث حيث تقول: إذا ذكر التراث فإنه يذكرنا بانتمائنا ومن خلال تجربتي الشخصية وجدت أن المرأة هي الحاملة للتراث وناقلته إلى الأجيال إذ وجدت أن جداتنا كان لهن دور مهم في حفظ التراث المعنوي، حيث ارتبطت الجدة بالذاكرة التراثية في الحكايات وحتى في رائحتها التي نعتبرها رائحة خاصة تحمل عبق التراث المجتمعي· وعن بداياتها الأولى وكيفية توجهها إلى هذا الحقل المعرفي تقول المغني: تربيت في بيت لا يفرق بين الولد والبنت ولي 22 من الإخوة والأخوات وعائلتي تصل إلى 55 فرداً وهذا المكون المجتمعي هو الذي علمني معنى التراث حتى أصبحت عضوة في استشاري الشارقة، وعندما يقال لي بأني باحثة في التراث أجد أن هذه الكلمة تريحني أكثر من غيرها، وأن جدي هو معلمي الأول في هذا المضمار إذ كان يفكر بعقلية المتعلم والمعلم، ولنأخذ مثالاً بسيطاً حيث دخلنا المدرسة 40 طالبة إلا أننا وجدنا أنفسنا في المرحلة الثانوية قد وصل عددنا إلى طالبتين أو ثلاث طالبات من البنات، هنا لابد أن ننظر إلى دور الأسرة في تعليم بناتها· وأكملت المغني طرح تجربتها بقولها: بدأت أجمع في التراث قصص الجدات عام 1971 وكونت متحفاً تراثياً شخصياً يمثل مفردات الحياة الإماراتية لحوالي 120 عاماً ثم عملت في التنمية الاجتماعية في خورفكان وأنا مديرته الآن، حيث جمعت مئات الأشرطة والصور التراثية منذ عام 1992 وشاركت في جمع الحكايات الشعبية ومشروع الطب الشعبي ومع شيخة الجابري اشتغلت في دراسة عادات الأزياء والعطور ووثقت أزياء البادية والمدن وأهل الحضر والسواحل وجمعت الأمثال الشعبية التي أطلقت حول الزينة وبحثت في أسباب ''البرقع'' في مجتمع الإمارات والذي لم يكن قد اتخذ للزينة فقط بل كان له أسباب صحية وجمالية وأدبية وأخلاقية ثم تقول الباحثة: بدأت بتوثيق الحرف التقليدية، وجمع أنواع المهن النسائية في تراث الإمارات حيث وجدت أن هناك العشرات من المهن التي اندثرت إذ أن الحرفة مرتبطة بالفرد حتى أصبحت اسماً له· وطالبت المغني بضرورة إيجاد جمعية اتحادية معنية بالتراث وما يوجد الآن جمعيات متعددة لكل إمارة تعنى بالتراث بشكل خاص أما الصعوبات التي واجهتها الباحثة المغني فتقول عنها: لقد واجهتني صعوبات وهي عدم التنسيق بين المؤسسات وهنا توجهت إلى بلال البدور بضرورة طرح موضوعة إظهار الإرث التراثي وإصداراته من قبل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وأكدت أيضاً ضرورة الاهتمام بالحرفيين مثلما يحصل في دولة عمان وتكريم الباحثين والحرفيين وأن تصدر قوانين بمنع مزاولة العمالة الأجنبية الحرفيات الإماراتية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©