الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عينا الأم أول «ماسح ضوئي» لجسد طفلها وتغيراته

عينا الأم أول «ماسح ضوئي» لجسد طفلها وتغيراته
29 ديسمبر 2013 21:53
كثيرون هم أولئك الأطفال الذين يدفعون ثمناً باهظاً ويلازمهم مرضهم أو إعاقتهم طيلة حياتهم نتيجة تأخر الوالدين في ملاحظة أو اكتشاف المرض إلا بعد فوات الأوان، ولا سيما الذين يمرون بخبرة الإنجاب للمرة الأولي. وفي المقابل نجد غيرهم كثيرين ممن قادتهم الصدفة وحدها، أو الخبرة أو الإلمام بالحد الأدنى من الوعي المعرفي بطبيعة نمو الأطفال، أو القدرة على تمييز الظواهر العرضية المغايرة، عن غيرها من الأمور الطبيعية. قد تظهر عند أحد الأبناء مشكلة صغيرة لا تلفت الانتباه في بدايتها، كأن يحمل الطفل خللاً وراثياً غير واضح، أو يعاني من مشاكل الانتباه أوالإحساس والإدراك أو لديه مشكلة في السمع، أوالكلام أو يتأخر في المشي. وفي أحوال كثيرة قد لا نهتم بها، أو نراها أعراضاً لا تستحق الاهتمام، بينما هي مؤشرعلى مشكلة أكبر، وإذا اهتممنا بها وتداركناها لأنقذنا عدد كبير من الأبناء من الدخول في دائرة ذوي الإعاقة! نحن لا نستهدف هنا إثارة قلق الآباء والأمهات ـ خاصة الجدد منهم ـ أو أن يكون القصد إيقاعهم في حلبة الشك والخوف والتوتر والمبالغة والوسوسة القهرية أو ما شابه ذلك، وإنما ببساطة نستهدف تسليط الضوء فقط على أهمية التنبيه إلى ضرورة الملاحظة «الوالديّة» الطبيعية جداً والمبكرة لمولودهم الجديد، حتى وإن لم يكن أول مولود لهم، أو حتى مع توفر خبرة التربية والرعاية لديهم، لأن الأمر لا يخضع لقواعد وتعميمات ثابتة. فلكل طفل حظوظه من الاهتمام والرعاية بكل تأكيد. قاعدة النمو الطبيعي ـ «الجسدي، والحركي، والعقلي، والانفعالي، واللغوي، والحسي» ـ تقول أن هناك مؤشرات عامة لسلامة مسار واتجاهات النمو، وأن هناك في الوقت ذاته مؤشرات أو علامات مبكرة لأي خلل أو اضطراب أو تعطل في أي جانب، وهو ما نود أن نكشف عنه من علامات أو مؤشرات. السلوك التوافقي يوضح بروفيسور علم نفس النمو الدكتور بنيامين سبوك ـ في كتابه «حديث إلى الأمهات»، ملامح «السلوك التوافقى» لطور نمو الطفل، أنه يبدأ حياته منذ ميلاده في الارتقاء في جميع جوانب النمو بمرور الأيام، وقد لا نلاحظ بسهولة علامات هذا التطور، فالطفل في شهر معين من عمره يتوقع منه أن يتابع أمه بعينيه، ويتعرف عليها دون سائر الأشخاص الآخرين بحاسة الشم، ثم السمع ثم الرؤية، ويبكي إذا تركته بمفرده أو إذا كان في حاجة لها. فإذا لم يفعل هذا، فمعنى ذلك أن هناك شيئًا ما يستحق أن تتوقف لديه الأم وتلاحظه. هناك طفل لا يبكي، ولا يميل على جانبه، وتعتقد أمه أنه طفل هاديء لا يثير المشاكل ولا يعطلها عن عملها، وأنه مثالي لأنه يقضي معظم ساعات النهار والليل ساكناً، وفي الحقيقة هو غير تماماً، إنما هو طفل متخلف في حقيقة الأمر! ويتطلب الموقف سرعة عرضه على طبيب متخصص. فالتأخر في الكلام، أو عدم التفاعل مع الآخرين أو القيام بحركات غير مألوفة، أو عدم القدرة على التعبير العاطفي مع الأب والأم، كل ذلك يمكن أن يشير في فترة مبكرة إلى وجود مشكلة ما، ويتعيَّن التدخل السريع لتفادي الآثار السلبية التي تؤثر في برامج التنمية والتدريب والتأهيل بصورة مباشرة». تطور القدرات أما الدكتور فؤاد أسعد، خبير العلوم السلوكية، فيقول:«منذ الأيام الأولى من وصول الطفل إلى العالم نجده ينظر حوله ويتعلم، ويتعرف على رائحة الأم ويحرك رأسه تجاهها، ويحب التدقيق في ملامح وجهها، ويتحرك وفقاً لإيقاعات كلامها ويقلد حركة شفاهها، وإن راقبته بدقة فستعرف متى تستجيب لإشاراته. وقد كشفت دراسات طبية حديثة أن التحدث للرضع والأطفال قبل تعلمهم الكلام يساعد على نمو المخ بما يمكنهم من الكلام بصورة أسرع. وأن التحدث للأطفال أقل من ثلاثة أشهر يسهم بشكل كبير في تطوير قدراتهم الإدراكية والتخاطب وسرعة تكون ونمو مراكز المخ المختلفة، وأن الأطفال الذين يتم تطابق الصور مع الكلام يتعلمون أسرع يتعلمون الكلام بصورة أسرع. وأن هناك علاقة بين الكلام ونمو القدرات الإدراكية عند الأطفال، لذلك تؤكد الدراسة أهمية التحدث مع الأطفال حتى في سن صغيرة لتنمية قدراتهم الإدراكية. فالطفل عندما يبلغ بضعة أسابيع من العمر، يدرك أنه يمكن أن يجعل الأشياء تحدث، لكن لا تتطور قدرته على تذكر ذلك إلا مع مرور الوقت». تفاعل ويضيف الدكتور أسعد:« في حوالي الستة أشهر الأولى من العمر، تلاحظ الأم تطور في تفاعل الطفل مع ألعابه، فبعد أن كان يضعها جميعها في فمه، يقوم بخبطها في بعضها أو قذفها وكأنه يريد إظهار أنه يدرك أنها تعمل بشكل مختلف، فيقوم بدفع لعبة السيارات مثلاً، بينما يقوم باحتضان الدمية المحشوة بالقطن. إن في ذلك إشارة إلى التطور المعرفي لديه، ويتعلم الأطفال بالتكرار. ويتطور كل طفل وفق إيقاعه الخاص، لكن يمكننا عموماً توقع التطورات الكبيرة في فهم الطفل التي تحدث أثناء نموه. على الأم أن تمنح الطفل فرصة للراحة بين الفترات القصيرة من اللعب والمناغاة، وأن تراقبه، وتبحث عن العلامات التي تدل على استعداده للتفاعل معها مرة أخرى، فعندما ينظر إليها باهتمام، فإنه يدرس وجهها، ومعنى ذلك أنه مستعد، وهذا هو الوقت الذي يمكن أن يبدأ فيه بالابتسام واللعب، وبعض الأطفال النظر إلى أمهاتهم لفترة طويلة قبل أن يبتسموا، وعلى الأم أن تواصل النظر إليه بتركيز، وتواصل الحديث معه بهدوء، وتحفزه على التفاعل والمناغاة، عندها ستلاحظ أي بطء في عملية التفاعل ورد الفعل. وكلما راقبت الطفل وتعرّفت عليه أكثر، كلما أصبحت أقدر على معرفة إيقاعه الفردي، وعليها أن تحاول تهدئة ردود فعلها لتتوافق مع ردود أفعاله، وقد تجد حينها أنهما يتفاعلان بإيقاع واحد». الثرثرة والنطق الدكتور بشار عبده، أخصائي النساء والولادة في مستشفى النور في أبوظبي، يقول أننا نجد الطفل في الشهر الخامس قادراً على أن يرفع رأسه وصدره مرتكزا على ذراعيه الممدودتين وهو نائم على بطنه، ويجلس مرتكزا على يديه، ويتقلب من بطنه إلى ظهره وبالعكس، ويمسك بيده بعض اللعب إذا وضعت في يده، ويضحك بصوت عالي، ويحاول الوصول للأشياء ويمسكها، وينقل اللعب من يد لأخرى، ويصبح قادراً على حفظ التوازن عند الجلوس لثوانٍ، ويبتسم لمداعبة الآخرين، وما بين الشهرين 6_9 يزحف على البطن مع تحريك الذراع والأرجل، والجلوس بمفرده. ومع إتمام عام نجده يدفع الجسم محاولاً الوقوف، ويلتقط الأشياء الصغيرة، ويمشي بمساعدة الآخرين، كما يحاول تقليد الأصوات البسيطة، والقدرة على الجلوس بمفرده، والزحف على الركبتين والأيدي، ومع اكتمال العام ونصف بإمكانه الثرثرة والنطق بكلمات أخرى بخلاف: «بابا… ماما »، والقدرة على إمساك الكوب بمساعدة الآخرين، والوقوف والحركة بالاستناد على الحائط أو مسند، والمقدرة على التحكم في حركات الجسم كالدوران إلى الخلف. وهكذا يبدأ في المشي باتزان، وبحلول العامين، نلاحظ أن خطواته أصبحت أكثر توازناً، وأنه يستطيع الجري، والقفز، وتسلق المقاعد، ومحاولة الوصول والإمساك بكل ما تقع عليه عيناه، مع القدرة على نطق كثير من الكلمات، والقدرة على تحديد مطالبه، واحتياجاته الأولية، والتعرف على المحيطين به بشكل ملفت، وسيفهم الكثير من الكلمات، وتكون حصيلته من المفردات. ومع حلول عيد ميلاد الطفل الثالث، ستأتي كثير من حركاته الأساسية بصورة عفوية. يصبح الوقوف، أو الركض، أو القفز أسهل نسبياً. مع ذلك، قد تتطلب بعض الحركات، مثل الوقوف على أطراف الأصابع أو على قدم واحدة، المزيد من التركيز والجهد، ويعرف ما لا يقل عن 200 كلمة وقد يشكّل جملة تتكون من كلمتين إلى ثلاث كلمات. وعندما يكمل الثلاث سنوات، سيصبح طفلك متحدثاً لبقاً. ويتعلم الطفل بالتدريج استعمال الكلمات لوصف ما يرى ويسمع، وما يشعر به أو يفكر فيه، ويتقدم بخطى سريعة من النواحي العقلية والعاطفية والسلوكية.ويلاحظ أن قدرات الأطفال تنمو بشكل متفاوت، فالبعض يكتسب المهارات أسرع من غيره، وفي جانب عن جانب آخر». تعثُر يشير محمد وجدي، أخصائي التخاطب في مؤسسة زايد العليا الإنسانية، إلى أن مشاكل الأطفال الذين يعانون من مشاكل في السمع قد تلاحظها الأم بعدم ثرثرة أومناغاة الطفل في سنّ الستة أشهر تقريباً، فإذا لم يصدر عن الطفل أي أصوات ـ أو حتى يحاول ـ أو لم يتواصل مع الأم بنظرة العين وجهاً لوجه، عليها استشارة الطبيب، فالأطفال عادة يبدأون بتكوين كلمات في سنّ التسعة أشهر، وينتظر العديد من الأطفال الآخرين حتى بلوغ شهرهم الثالث عشر أو الرابع عشر. إذا لم يكن الطفل ينطق بأي كلمة عند بلوغه الشهر الخامس عشر، أو مازالت الأم لا تفهم أي كلمة يقولها، يجب مناقشة الموضوع مع الطبيب. ويكمل وجدي :« إذا استمر الطفل حتى سنّ الثالثة في إسقاط الأحرف الساكنة (فيقول «كل» بدلاً من «كلب» على سبيل المثال) أو يستبدل صوتاً أو مقطعاً بدلاً من الآخر (فيقول «طار» بدلاً من «فار» على سبيل المثال قد يكون لديه مشكلة في السمع أو التخاطب. فأحياناً يتلعثم الأطفال الدارجون «من هم في مرحلة تعلّم المشي» من حين إلى آخر. في بعض الأوقات، ويشعرون بإثارة كبيرة لسرد ما يجول في خاطرهم، حتى أنهم لا يستطيعون إخراج الكلام بسهولة. هنا يجب على الأم منح الطفل الفرصة الكاملة ليكمل كلامه، وتتجنب مساعدته بإكمال الجمل له، فقد يشعره هذا بالإحباط ولن يساعده على التعلم. إذ أن التلعثم بصفة مستمرة يحتاج تقييما من قبل معالج متخصص في التخاطب واللغة، وعادة ما يحرز الطفل تقدماً أفضل بعد ستة إلى اثني عشر شهراً». أهمية الملاحظة الدقيقة الواعية يؤكد الدكتور فؤاد أسعد أهمية الملاحظة الدقيقة الواعية للطفل حديث الولادة وطيلة سنوات طفولته المبكرة، مشيراً إلى أن هناك نسبة تزيد عن 44% من حالات الإعاقة نتجت بسبب الاكتشاف المتأخر لها، وأن الملاحظة الدقيقة للمواليد الجدد تجنب الطفل الإعاقة بنفس النسبة تقريباً ـ بحسب منظمة الصحة العالمية ـ فالأم عليها أن تلاحظ أن الطفل باستطاعته أن يدير رأسه من ناحية لأخري، ويستطيع التمييز ويتجاوب مع الظلام والضوء، ويتجاوب مع رنين الجرس أو الصوت القوي، أو نغمات الموسيقى، فبعد شهرين من العمر تراه يرفع رأسه للحظات وهو نائم على بطنه، ويثبت رأسه للحظات وهو في الوضع جالساً، والأم ممسكة بيديه، ويبتسم للمداعبة ويتابع الأشياء المتحركة. وفي الشهر الثالث تلاحظ أيضاً أن هناك تطورا ملموسا، فإنه يرفع رأسه ما بين 45 ـ 90 درجة، وهو نائم على بطنه ويرتكز على كوعه، ويثبت رأسه عندما يجذب للجلوس، ويتابع بعينيه الأشياء المتحركة 180 درجة، كما يصدر أصواتا من فمه « مناغاة»، ويسمع جيدا وينتبه للأصوات، ويبدأ في التعرف على بعض المحيطين به، كالأب مثلاً. والشهر الرابع نراه يرتكز على كوعه، ويثبت رأسه عندما يجذب للجلوس، ويبتسم ويحب جدا أن تداعبه، ويسمع جيدا ويلتفت ناحية الأصوات، بل ويمسك أي شيء، ويُقلبه، ثم يضعه في فمه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©