الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

في أنت جميل بشكل مختلف

في أنت جميل بشكل مختلف
1 ابريل 2009 22:53
استطاعت الفنانة الهولندية متعددة المواهب مارلين سخوت أن تجمع الجمهور الهولندي قبل يومين وتقدم له عدداً من الفنون الجميلة مرة واحدة· مارلين سخوت، وعلى مدى شهور طويلة، فتشت عن أجمل القصائد المكتوبة باللغة الهولندية أو المترجمة لها واختارت منها ما يلائم مشروعها الموسيقي الشعري المسرحي بعنوان ''أنت جميل بشكل مختلف'' ثم اختارت موسيقيين محترفين ومشهورين من بلدان عدة وظلت تتمرن معهم لفترة طويلة فخرجت بهذا العمل الذي حضره جمهور امتلأت به القاعة على آخرها· اختارت مارلين نصوصاً لشعراء من هولندا وبلجيكا والأرجنتين واليابان والعراق واضطرت أحياناً للذهاب إلى بيوت هؤلاء الشعراء للحديث معهم عن نصوصهم التي اختارتها تسألهم عن بعض الصور والمضامين الشعرية لكي تستطيع أن تفجر هذه الصور على المسرح من خلال صوتها أولاً والموسيقى المرافقة ثانياً· لقد بحثت في الكلمات، قلبتها، نطقتها بأشكال مختلفة من الداخل والخارج لكي تضعها في مكانها الصحيح حتى جعلت هذه الكلمات تتكلم وكانت الموسيقى التي تسبقها أو تليها تضفي عمقاً غير مألوف على المشهد الذي بدا ساحراً أكثر من أي شيء آخر· الجمال الذي كانت تتحدث عنه مارلين سخوت لا يشبه هذا الجمال الذي نعرفه، ولكنه جمال من نوع خاص لا يمكن مصادفته أو رؤيته في الشارع، بل يجب البحث عنه في كل مكان وفي أكثر المناطق عتمة؛ لأنه لا يفصح عن جوهره الكامن وهو بحاجة إلى من يستغوره ويضيء قيمته الحقيقية· إنه ليس جمال العيون أو الشفاه، ولكنه جمال المالنخوليا الذي تحدث عنه ذات يوم بيتهوفن بعد أن انتهى من رائعته الخامسة ''القدر''، الكآبة المتألقة والحزن الذي يشف حتى يتحول إلى بريق هو فعل من أفعال الإبداع الذي لا يقدم نفسه دفعة واحدة، ولكن علينا أن نتشربه جرعة جرعة حتى نشعر بمذاقه الروحي الخالص· لم تكن الكلمات وحدها في هذا العرض البديع من شد الجمهور إلى مقاعدهم، فقد شاركت الموسيقى التي وضعها الموسيقار وعازف الكمان الروسي فلاديمير مندلسون في حث الكلمات على الإفصاح عن ما تريد أن تقول وكأن الموسيقى نفسها تريد أن تكون كذلك، وهكذا كانت تحلق في فضاءات لا نهائية استجابة لقصيدة هنا وتهبط إلى قاع النفس لقصيدة هناك· إنه نوع من الهرمونية يجعل المستمع يرى لون الكلمات· استطاع الموسيقار فلاديمير من خلال آلتي كمان وفيولا وآلة تشيلو أن يمنح النصوص الشعرية وجهاً آخر للتلقي عن طريق موسيقاه الكلاسيكية الرصينة ذات المقطوعات القصيرة خصوصاً حين كان العازفون يستخدمون طريقة ''البزكاتو'' أو النقر بالإصبع على الأوتار أثناء العزف· كما ظهرت براعة هذا الموسيقار حين أفرد وقتاً خاصاً لآلة التشيلو التي قدمت إمكانات موسيقية باهرة ومحيرة في الوقت نفسه ساهم فيها العازف الإيطالي البارع دوريل فودريانو· أصداء باخ وموزارت كانت حاضرة في موسيقى فلاديمير خصوصاً القطعة التي اختتم بها العرض· مخرجة العرض ومصممة الرقص كورا بوس لم تستخدم في هذا العمل سوى الإنارة وبعض الحركات البسيطة لكي تبتعد عن الخفة التي قد يثيرها الرقص خصوصاً أن النصوص الشعرية كانت تركز على ذلك الجمال المأساوي وتلك البهجة الممزوجة بنوع من الكآبة· ففي مثل هذه العروض الاستثنائية التي تحتاج إلى مخرج من نوع خاص يتوقف المخرج عند كل حركة وكل رشقة ضوء لكي يبقى التركيز كاملاً والإيقاع ساخناً، ولكي تملأ مساحة المسرح الكبيرة فقد استعانت بيافطات بيضاء عليها كلمات مفردة مستمدة من النصوص الشعرية ساهمت في تقديم رؤية بصرية اضافية إلى الموسيقى والحركة والإنارة·
المصدر: لاهاي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©