الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الظاهر».. عالم الخفايا والسرائر

«الظاهر».. عالم الخفايا والسرائر
26 ديسمبر 2013 21:21
أحمد محمد (القاهرة) - الله هو الظاهر لكثرة البراهين الظاهرة والدلائل على إلهيته وثبوت ربوبيته وصحة وحدانيته، فهو الذي عُرف بالاستدلال العقلي، بما ظهر من آثار أفعاله وصفاته، كل شيء يدل عليه، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد، وهو الظاهر بحكمته وخلقه وصنائعه وجميع نعمه. والظاهر هو البين الذي لا يخفى، فلا حجة تعلو عليه ولا شك يشوبه ولا برهان يحاجه، الذي لا يحتاج إلى دليل أو برهان لأنه ظاهر جلي بيّن، والله عز وجل ظاهر لأن كل شيء خلقه يدل عليه، كل ما في الكون ينطق بوجوده ووحدانيته وكماله. المعين والسند ويقول العلماء إن الظاهر هو المعين والسند والظهير والعلي والملجأ والنصير، الذى استوى على عرشه فى السماء، وأنه المهيمن على سائر الأشياء، وأنه سبحانه منفرد بالخلق والتدبير. وورد اسم الله الظاهر في قوله تعالى: «هو الأول والآخر والظاهر والباطن»، «الحديد:3»، وورود في السنة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم رب السموات ورب الأرض، ورب العرش العظيم، ربنا رب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء أقض عنا الدين وأغننا من الفقر». والظاهر هو المنفرد بعلو الذات والفوقية، الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه، وهو الغالب لخلقه جميعا فله علو الغلبة والقاهرية، الظاهر في كل معاني الكمال فله علو الشأن وانتفاء الشبيه والمثيل، الذي أقام الخلائق وأعانهم ورزقهم ودبر أمورهم فهو المعين لخلقه جميعا والنصير للموحدين من عباده. والظاهر أي البين المبين، الذي أبدى في خلقه حججه الباهرة وبراهينة الظاهرة، التي تدل على وحدانيته، الذي بدا بنوره مع احتجابه بعالم الغيب وبدت آثار ظهوره لمخلوقاته في عالم الشهادة فهو الظاهر وجوده لكثرة دلائله. معانٍ ودلالات ولاسم الله الظاهر معانٍ ودلالات كثيرة، كل واحدة منها تفتح من خزائن الفقه وأسرار العلوم الشيء الكثير، فهو الغالب لخلقه، فالله جل جلاله هو الغالب القاهر الفعال لما يريد، فأمره هو النافذ، ومشيئته هي المتحكمة، المهيمن والمسيطر سبحانه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فهو الظاهر لأنه ظهر على خلقه فغلبهم وقهرهم. وسمى نفسه الظاهر لأنه غالب مهيمن مسيطر، حكمه نافذ وبأسه شديد، فعال لما يريد، «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون»، «يوسف:21». والظاهر هو العالم للخفايا المطلع على السرائر المحيط بالنوايا، ومنه يقال ظهرت على سره أي اطلعت على سره، والله عز وجل إضافة إلى قوته، وسيطرته وقدرته وهيمنته، عليم بكل شيء، ظاهر على كل شيء. والله ظاهر لكثرة البراهين النقلية الدالة عليه ولكثرة الدلائل العقلية والكونية التي تشير إليه، فالعقل الذي أودعه في الإنسان، مع الكون الذي هو مظهر لوجود الله ولوحدانيته ولكماله، هذا العقل إذا أعمل في الكون ظهر الله جل جلاله وتجلى للعقول، غير أنه لا يبدو للأبصار لقوله تعالى: «لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير»، «الأنعام: 103»، ولكن الله جل جلاله بدا للعقول بشكل جلي، ففي كل حادثة عجيبة يراها الناس ومع كل نازلة يلمسونها، تجدهم جميعاً على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وثقافاتهم، يردون الأمر إلى صنع الله وفعله وحكمته وقدرته، اعترافاً منهم بقوته وقهره وظهوره جل وعلا على خلقه. ولله الظاهرالعلو بكل معانيه ومترادفاته التي تليق به جل وعلا، ويتضمن صفة العلو والظهور على خلقه، فليس فوق الله شيء بل هو العلي الأعلى على خلقه بذاته وقدرته وقهره، والله تبارك وتعالى الظاهر العالي القادر الذي ظهر فوق كل شيء. قال الطبري هو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء، فلا شيء أعلى منه، والله عز وجل ظاهر على خلقه بائن عنهم مطلع عليهم خبير بهم. ويقول الشيخ السعدي، والظاهر يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوه. والبشر يوم أن يظنوا أنهم قادرون على الدنيا ظاهرين عليها، يريهم الله عز وجل من آيات قدرته وعجائب صنعته، ما يردهم إلى الصواب، ذلك لأنهم مهما علا أمرهم وارتفع شأنهم، فإن الله ظاهر عليهم، قاهر غالب لهم لا راد لأمره، ولا مفر من قضائه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©