السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات التأمين تسعى إلى الاستفادة من فوضى الطرق في جنوب السودان

13 مارس 2008 21:50
ربما يوحي حطام السيارات والدراجات النارية المهجورة المتناثر على الطرق الترابية المليئة بالحفر والطرق الاسفلتية على ندرتها في جنوب السودان بالفوضى للبعض، لكن زيرو ولدمايكل يرى فيه فرصة لتحقيق مكاسب من خلال التأمين· ويأمل ولدمايكل رجل الاعمال الاريتري اقتناص حصة من سوق التأمين الوليدة في هذه المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي وتعيش على ايرادات النفط منذ اتفاق للسلام الذي أبرم عام 2005 والذي أنهى أطول حرب أهلية في افريقيا، لكنه مثل كل العاملين الاخرين في مجال التأمين يضطر للعمل في بيئة تفتقر الى أبسط الهياكل بعد سنوات الحرب حيث تنتشر حكايات عن سوء الادارة والفساد· كما أن الامر يتطلب التوعية بأسس مبدأ التأمين في حد ذاته، فمازال جنوب السودان الذي سيجري استفتاء على الانفصال عن السودان في عام 2011 يعمل على تكوين مؤسساته بعد سنوات من القتال بين المتمردين الجنوبيين حيث تنتشر الديانة المسيحية والإلحاد وبين حكومة الخرطوم الاسلامية، وسقط في الحرب مليونا قتيل كما شرد أربعة ملايين اخرين من بيوتهم· واليوم طغت على آثار الحرب الفوضى التي شهدتها منطقة دارفور في غرب السودان حيث يقال متمردين الحكومة وميليشيات تابعة لها منذ عام ،2003 ومازال السلام في الجنوب هشاً، وفي وقت سابق من الشهر الجاري اشتبك متمردون سابقون مع رجال قبائل في منطقة حدودية متقلبة وقتل العشرات في الاشتباك، وحذر مسؤولون جنوبيون من أن مثل هذه الهجمات قد تشعل من جديد نار الحرب الأهلية· لكن ولدمايكل يعول على ترسخ السلام ويأمل ان ينتهز المسؤولون في حكومة الجنوب التي بدأت نشاطها قبل ثلاثة أعوام الفرصة للتأمين على سياراتهم في منطقة مازالت آداب القيادة على الطرق تتشكل فيها وحيث اللوحات المعدنية للسيارات تمثل نقلة جديدة لان الكثير منها كان يطلى يدوياً حتى عهد قريب· ويقضي اتفاق السلام أن يحصل الجنوب على نصف إيرادات مبيعات النفط من الابار الواقعة في منطقة الجنوب أي ما يتراوح بين 1,5 مليار و1,7 مليار دولار سنوياً، والجنوب معفى من عقوبات أميركية فرضت على السودان بسبب اتهامات بأنه يدعم الارهاب· وقال ولدمايكل بمقر شركة السودان الجديد للتأمين: ''نحن نعتقد أن الحكومة ستكون أكبر زبون لنا··· فهم الذين يمتلكون المال''، وأضاف أن رأسمال الشركة ثلاثة ملايين دولار ويبلغ عدد العاملين فيها 20 موظفاً وهي أكبر شركات التأمين في الجنوب· ويقول ولدمايكل ذو الشعر الاشيب بصوته الهادئ ''القليل جداً من السيارات التي تراها مؤمن عليها···'' وهو يعتزم عرض تأمين من طرف ثالث بسعر 175 دولاراً سنوياً للسيارة الصالون بتغطية اجمالية تصل الى 500 ألف دولار· وأكبر المساهمين في المشروع شركة واوات سيكيوريتيز ليمتد التي تملك الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي حركة التمرد السابقة والتي تقود الحكومة الحالية حصة فيها· وستتنافس الشركة مع شركات كينية منها يو·ايه·بي للتأمين وشركات أخرى من شمال السودان، وقال جورج أوشيرا مدير الشركة الكينية في السودان إنه من المستحيل تقدير حجم السوق، وأغلب عملاء الشركة منظمات غير حكومية ووكالات الامم المتحدة وتتقاضى الشركة أقساط تأمين أعلى قليلاً من المعدلات السائدة في شرق أفريقيا· وقال أوشيرا إن المشاكل الرئيسية تتمثل في غياب الوعي، وأضاف ''على مدى سنوات الحرب تحمل (الناس) المخاطر من قبل·· لذلك فإنهم يتساءلون هل حقاً أريد نقل المخاطر لطرف آخر''، ورغم أن القانون يقضي بتأمين الطرف الثالث فنادراً ما ينفذ ذلك· وتوجد أيضا مشاكل أخرى وإن كانت لا تقتصر على التأمين لكنها قد تؤدي الى انكماش حجم السوق بالعمل على إبقاء المستثمرين الأجانب خارج الصورة، ولم يتم إقرار قوانين ضرائب الشركات ضمن عشرات من القوانين الأخرى بما في ذلك لوائح الاستثمار، ولسد الفراغ تستخدم قوانين بالية أو سيئة الصياغة أو حتى العرف· وقال أوشيرا: ''إذا صدمت بقرة في بعض المناطق يعقد الناس مجلساً ويقولون هذا هو الثمن''، وهناك أيضا مشكلة التمويل، وفي الشهر الماضي قال الفرع الجنوبي من البنك المركزي السوداني إنه لن يزود البنك التجارية بالدولار الأميركي سعياً لتقليل التعاملات في السوق السوداء وتجنب نقص العملة· ولن يتأثر الجنوبيون كثيراً بهذا القرار نظراً لقلة رأس المال والتجارة الخارجية لكن الشركات الاجنبية قد تتأثر مثل شركة استيراد لبنانية في جوبا وشركات كينية تقوم بتأجير طائرات الأمر الذي يمثل لطمة أخرى للاستثمار، ويقول البعض إن شركات مثل شركة ولدمايكل قد تسهم على الأقل في تشجيع مستثمرين اخرين على النظر للمنطقة· وقال نهانداري جوروفير الهندي الجنسية الذي يملك فندقاً في جوبا ذات الشوارع الترابية المليئة بالقمامة: ''إذا كانت لديك شركة تأمين فإن ذلك سيجعل الناس أقل تردداً في الاستثمار بجنوب السودان''، وقال إنه يؤمن على أعمال في دبي وكينيا، وأضاف ''سيكون من الأفضل لي أن أطالب بالتعويضات هنا وأن أحصل على المال هنا''· ويعرض ولدمايكل كل أشكال التأمين باستثناء التأمين على الحياة والتأمين الزراعي؛ لكن لا يتوقع أن يقبل سوى عدد قليل من الأفراد على إبرام عقود للتأمين الصحي، والتأمين على السيارات نشاط مبشر بدرجة أكبر في منطقة ينتشر فيها الاستهتار في القيادة حتى بين سائقي سيارات المسؤولين الذي ينطلقون بسرعة كبيرة في شبكة الشوارع المحدودة في جوبا لنقل كبار المسؤولين في قوافل كبيرة· وقال مسؤول حكومة وهو يقف بجوار سيارة حديثة الطلاء إن العديد من السائقين من المتمردين السابقين· وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ''لم تكن لدينا تراخيص في الغابة''، لكنه قال إن الضغوط تتزايد في بعض الوزارات للتأمين على السيارات· وهناك أيضاً مشاكل الثقة والأمن· وبالإضافة الى القتال الذي اندلع على الحدود بين الشمال والجنوب فإن الانتخابات المقرر اجراؤها العام المقبل عرضة لمخاطر إذ يقول جنوبيون إن الشمال لم يفرج عن أموال مخصصة لإجراء تعداد سكاني· ومن المرجح أن يتريث بعض العملاء المحتملين قبل التعاقد مع شركة محلية للتأمين مثل فيكتور بولس الذي يعمل في جوبا منذ 40 عاماً· ويقول: ''لا أحد يعلم ما سيحدث إذا وقعت مأساة· فأنت تحتاج للثقة·''
المصدر: جوبا-السودان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©