الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا تعود بقوة إلى استخدام الفحم

أوروبا تعود بقوة إلى استخدام الفحم
15 ديسمبر 2012
لا يزال ميناء تاين الواقع شمال شرقي إنجلترا يقلب ذكريات تراث الدولة الصناعي. وكان هذا الميناء مهيمناً على نشاط تصدير فحم المملكة المتحدة لقرون حتى منتصف القرن التاسع عشر. وما حدث من تغييرات في صناعة التعدين خلال تسعينيات القرن الماضي دفع بالميناء إلى التحول إلى بضائع متنوعة أخرى، غير أن تجارة الفحم انتعشت مجدداً في السنوات القليلة الماضية. والفرق حاليا يتمثل في أن حركة الحمولات قد انعكست إذ أصبح ميناء تاين يستورد الفحم ولا يصدره حيث استقبل العام الماضي ما يزيد على مليوني طن من الفحم. زيادة الطلب وتدل هذه الظاهرة على تحول أوسع نطاقاً في قطاع الفحم لا يقتصر على المملكة المتحدة، ولكن في باقي أوروبا. ذلك أن الطلب على الفحم من محطات توليد الكهرباء زاد زيادة كبرى في السنتين الماضيتين في الوقت الذي تقلص فيه الطلب على الغاز الطبيعي بسبب فرق الأسعار. وفي أوروبا يباع الغاز الطبيعي عموماً بعقود مرتبطة بسعر النفط الذي لا يزال مرتفعاً نسبياً. في الوقت ذاته راج استخدام الفحم بسبب انخفاض أسعار إحراق الكربون طبقاً لنظام الاتحاد الأوروبي لمبادلة الكربون نظراً لأن أزمة منطقة اليورو أدت إلى تراجع الطلب. كما أن من أسباب انخفاض أسعار الفحم توفر المعروض منه بكميات كبرى في أميركا الشمالية التي انتشر فيها إنتاج الغاز الصخري ما أوصل أسعار الغاز الطبيعي هذا العام إلى أدنى مستوياته في فترة عشر سنوات الأمر الذي جعل الفحم أكثر تنافسية. فضلاً على أن الجفاف الذي أصاب إسبانيا أضر بتوليد الكهرباء من طاقة المياه الأمر الذي أجبر المحطات على استيراد مزيد من الفحم، وبذلك تشهد إسبانيا والمملكة المتحدة أكبر تحول للوقود في أوروبا. وقال نيجل ياكسلي مدير اتحاد مستوردي الفحم البريطاني “كولمب”: “نحن نشهد رواجاً هذا العام حيث زاد استخدام الفحم بالمملكة المتحدة بنسبة 36% مقارنة بعام 2011. ومن غير الممكن للفحم المحلي تلبية الطلب الضخم الجاري ولذلك فإن الفحم المستورد هو الذي يعوض النقص”. الصادرات الأميركية وتعتبر شركات تعدين الفحم الأميركية أكبر الرابحين، حيث زادت صادرات فحم الولايات المتحدة بنسبة 24% لتحقق رقماً قياسياً بلغ 66,2 مليون طن في النصف الأول من هذا العام طبقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية. وذهب أكثر من نصف صادرات الفحم الأميركية التي تشكل نحو 13% من إنتاج الولايات المتحدة إلى أوروبا، ومنذ ذاك تباطأت المبيعات الخارجية غير أن الولايات المتحدة لا تزال في طريقها إلى تجاوز رقم الصادرات السنوية القياسي السابق البالغ 112,5 طن في عام 1981. زادت واردات المملكة المتحدة من الفحم الحراري الأميركي زيادة حادة حيث تضاعفت تقريباً من 2,54 مليون طن عام 2010 إلى 4,92 مليون طن عام 2011 حسب أرقام حكومة المملكة المتحدة. وتعتبر المبيعات الأميركية الخارجية مكسباً كبيراً لشركات مثل شركة آرك كول المتمركزة في سانت لويس التي لديها فريق مبيعات في لندن للمساعدة على سد الطلب في أوروبا أكبر أسواق صادراتها. وحققت شحنات التصدير رقماً قياسياً بلغ 7 ملايين طن في النصف الأول من عام 2012. وبذلك استعاد الفحم قوته رغم أنه أكثر أنواع المحروقات تلويثاً المستخدمة في توليد الكهرباء الأمر الذي أثار القلق في أوساط حملات الحفاظ على البيئة. كما يعتبر هذا التحول بمثابة كارثة للجهود التي تبذلها الحكومات الأوروبية لخفض انبعاثات الكربون وتوجيه مصادر الطاقة نحو أشكال منخفضة الكربون. في المملكة المتحدة أثار توجه شركات توليد الكهرباء نحو تشغيل المحطات التي تعمل بالفحم بكامل سعتها مخاوف حدوث أزمة نقص المعروض من الطاقة مستقبلاً. وقد حذرت (اوفجن) هيئة تنظيم الطاقة من أن هامش الكهرباء (سعة التوليد الاحتياطية في المنظومة) قد يتقلص من 14% حاليا إلى 4% في عامي 2015-2016. توليد الكهرباء تقول الهيئة إن توليد الكهرباء من الفحم من المرجح أن يتوقف قبل التاريخ المتوقع طبقاً لقانون البيئة بالاتحاد الأوروبي بالنظر إلى أن الشركات تزيد من استخدامها للفحم بما يتجاوز حدود الإنتاج الاحتياطي الأمر الذي يهدد بنقص في الكهرباء يبلغ ذروته في عامي 2015-2016. وأشار اندرو هورستيد محلل المخاطر في مؤسسة يوتيليكس لاستشارات الطاقة إلى أن المستثمرين يريدون تأكيدات من الحكومات على ما تجريه من إصلاحات في سوق الكهرباء تشجيعاً على الاستثمار في توليد الطاقة الاحتياطية من مصادر طاقة متجددة. وقال: “مع تقلص الفحم ووجود علامات استفهام في شأن الطاقة النووية لا يوجد أمامنا سوى الغاز كخيار قصير الأجل فعّال لتوفير المطلوب الأساسي من الكهرباء. وللأسف لاتوجد خطط سوى لمحطة واحدة تعمل بالغاز وهي لن تكون جاهزة لغاية عام 2016”. هناك سؤال هام يخص صناعة الطاقة هو إلى متى يمكن أن يدوم رواج استخدام الفحم؟ قال ياكسلي: “إن ما جري مؤخراً من استعادة الفحم لأهميته ليس بداية لتوجه طويل الأجل”. وأضاف “إن توليد الكهرباء من المحطات التي تعمل بالفحم القائمة حالياً في المملكة المتحدة سيتقلص تدريجياً بموجب السياسات البيئية قبل أن يمكن استبداله بتكنولوجيا فحم جديدة تعمل على حصر الكربون وتخزينه”. وقال مارك لويس مدير بحوث السلع في دويتش بنك إن الغاز قد يصبح أكثر تنافسية من الفحم ابتداء من العام المقبل. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©