السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خروج خودوركوفسكي بهدوء... انتصار لبوتين!

26 ديسمبر 2013 00:02
ليونيد برشيدسكي محلل سياسي أميركي إطلاق سراح أشهر سجين سياسي في روسيا وقطب النفط السابق ميخائيل خودوركوفسكي ونقله السريع إلى ألمانيا، يستدعي إلى الأذهان مقارنة مع معاملة المنشقين عن الاتحاد السوفييتي السابق مثل فلاديمير بوكوفسكي وألكساندر سولزهينتسين. وبعد قضاء عشرة أعوام خلف القضبان، ستكون أنشطة خودوركوفسكي أقل إثارة لاهتمام النظام الحاكم في موسكو، لا سيما أنه أكد أنه لا يخطط إلى الدخول في معترك السياسة أو العودة إلى أعمال التجارية أو حتى العيش في روسيا. وفي وقت اعتقاله في عام 2003، صنفته مجلة “فوربس” في الترتيب الـ 26 بين أغنى أغنياء العالم بثروة قدرت بنحو ثمانية مليارات دولار. وقضى «خودوركوفسكي» ثمانية أعوام في السجن بسبب التهرب الضريبي، والاختلاس والنصب، وكان قد تبقى له عشرة أشهر في فترة العقوبة الثانية التي وُقّعت عليه بسبب اتهامه على نحو غير منطقي بسرقة النفط من شركات تابعة لشركته القابضة «يوكوس»، ثم عفا عنه الرئيس بوتين. وأضحت سلسلة الأحداث المتعاقبة التي أفضت إلى الإفراج عن خودوركوفسكي واضحة من المؤتمرات الصحفية التي عقدها في برلين وتعليقات العالم السياسي الروسي الألماني «ألكساندر راهر»، الذي يبدو أنه لعب دوراً في تحرير قطب النفط السابق. ويدين «خدوركوفسكي» بحريته إلى مهندس إعادة توحيد ألمانيا هانز-«ديتريش جينتشر»، الذي كان وزيراً للخارجية في حكومة مستشار ألمانيا هيلموت كوهل. وأوضح «جنتشر» أنه التقى مرتين مع بوتين- المولع بالثقافة الألمانية- للتوسط من أجل إطلاق سراح «خودوركوفسكي» وسفره إلى ألمانيا، حيث كانت تتلقى والدته العلاج الطبي في وقت سابق، قبل أن تعود مؤخراً إلى موسكو. وأفاد «راهر» بأن الإفراج عن خودوركوفسكي تم عبر الدبلوماسية السرية الألمانية، مضيفاً «الحمد لله أن ألمانيا لا تزال لديها قنوات سرية أو شبه سرية مع روسيا، والتي ربما لم تعد موجودة لدى دول أوروبية أخرى أو الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تجدي في مثل هذه المواقف». ومن جانبه أوضح «جنتشر» أن اهتمامه بـ«خودوركوفسكي»، الذي التقى به قبل سجنه، إنساني محض. وفي 12 نوفمبر، نقل المحامون رسالة من «جنتشر» إلى «خودوركوفسكي» مفادها أنه بإمكانه الآن طلب العفو من بوتين من دون الإقرار بالذنب، وكان هذا أمراً مهماً بالنسبة للقطب النفطي السابق. وكان قد تم إخبار «خودوركوفسكي» في السابق بأنه كي يحصل على عفو عليه أن يقر بالذنب، وهو ما رفض أن يفعله، قائلاً في أحد المؤتمرات الصحفية «إن الاعتراف بجرائم لم ترتكب يعني الوقوف إلى جانب الذين اتهموا 100 ألف موظف في يوكوس بأنهم مجموعة إجرامية كبيرة». وبمجرد إخباره أنه لم يعد مطلوباً منه الإقرار بالذنب، كتب خودوركوفسكي رسالتين إلى بوتين، كانت إحداهما طلباً رسمياً مقتضباً بالعفو، والأخرى رسالة شخصية طويلة فحواها أنه يرغب في الاعتناء بوالدته المريضة ولن يخوض في السياسة مجدداً. وفي 19 ديسمبر الجاري، أكد بوتين تسلم الرسالتين، وأعلن قرار منح السجين السياسي العفو على أسس إنسانية. وفي الساعات الأولى من يوم 20 ديسمبر، أخبر مراقب مستعمرة كارلينان العقابية، التي كان يقضي فيها خودوركوفسكي فترة سجنه، النزيل بحزم أمتعته من أجل القيام برحلة إلى الخارج. وعقب ذلك تم نقل خودوركوفسكي إلى عاصمة الإقليم بيتروزادفودسك مع حقيبتين من الأوراق الرسمية، ثم تم ترحيله إلى سانت بطرسبيرج . وأدلى السجين السابق بتصريحات مقتضبة عند وصوله، قائلاً «إنه سعيد بإطلاق سراحه ويعتزم قبل كل شيء سداد الديون لعائلته». وفي الـ 21 من ديسمبر خرج للتسوق مع نجله بافيل ورحب بوالديه الذين عاداً من موسكو للقائه. وأوضح المؤرخ والصحفي نيكولاي سفانديز أن ما حدث لخودوركوفسكي مماثل لما اختاره المؤلف الحائز على جائزة نوبل ألكساندر سولزهينتسين في عام 1974 عندما تم نفيه إلى ألمانيا الغربية. وأضاف «أن الحرية في مقابل مغادرة الدولة أمر طبيعي بالنسبة للكريملن وبوتين، نظير منح العفو». ويتذكر كثيرون على شبكات التواصل الاجتماعي إطلاق سراح المنشق السابق فلاديمير بوكوفسكي في عام 1976، والذي تمت مقايضته بالزعيم الشيوعي التشيلي «لويس كورفالان» بعد قضاء 12 عاماً في معسكرات السجن ومستشفيات الرعاية النفسية السوفييتية، إذ استقر «بوكوفسكي» في بريطانيا ومكث هناك. وفي حين أعرب «خودوركوفسكي» عن رغبته في العودة إلى روسيا، لكنه أوضح أن ذلك لن يكون عملياً في الوقت الراهن. وأضاف «لسوء الحظ، ليس لدي ضمان أنني سأتمكن من المغادرة مرة أخرى، كما أن شؤون الأسرة أصبحت أولوية في الوقت الراهن». وأكد العملاق الاقتصادي السابق أنه لم تعد لديه الرغبة في العمل بعد أن كان على رأس مجموعة «يوكوس» القابضة، كما أنه لم يعد مهتماً بالسياسة، قائلاً «إن الصراع على السلطة لا يروق لي». وأفاد بأنه غير متأكد من المبالغ المالية التي لا يزال يمتلكها، عدا أنها تكفيه للعيش من دون عمل، لافتاً إلى أنه لن يمول أية حركات معارضة في روسيا». وذكر المعلق السياسي ستانيسلاف بيلكوفسكي أن «بوتين أدرك أن خودوركوفسكي ليس ثورياً وأهم أولوياته في بقية حياته عدم العودة إلى حيث قضى الأعوام العشرة الماضية». وأضاف «إن بوتين متأكد من أن خودوركوفسكي لا ينوي قلب نظامه أو فعل أي شيء يسبب ضرراً كبيراً له في الغرب». وأحرز بوتين بوضوح أهدافه التكتيكية، إذ أنه من الواضح للجميع في الدائرة الإعلامية أو المراقبين للإفراج عن خودوركوفسكي أنه غير متحمس لخوض معركة، كما أن إيماءة بوتين الخيرية، وتدخل رجل دولة أوروبي كبير من شأنه تحسين صورة الرئيس الروسي دولياً قبيل دورة الألعاب الأولمبية في سوشي، التي رفض بعض زعماء العالم حضورها مؤخراً. ومن حيث الجوهر، لا يغير العفو عن خودوركوفسكي شيئاً، ذلك أن قواعد الاشتغال بالاقتصاد وما تبقى من السياسية في روسيا تبقى كما هي قبل الإفراج عنه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©