الإثنين 29 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات المصرية تغرق في «طوفان» الخسائر

الشركات المصرية تغرق في «طوفان» الخسائر
26 ديسمبر 2011 14:11
كشفت المؤشرات الأولية لنتائج أعمال معظم الشركات المصرية عن تراجع ربحية هذه الشركات وتحقيق بعضها خسائر تشغيلية خلال العام الحالي. كما كشفت المؤشرات عن انخفاض حجم أعمال معظم الشركات خاصة العاملة في الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والمعدات الوسيطة مما أثر سلباً على حجم التدفقات الرأسمالية الداخلة اليها ودورة رأس المال وانعكس على القوائم المالية المجمعة لهذه الشركات. تراجع حاد للمبيعات وأرجعت الشركات الخسائر التشغيلية إلى التراجع الحاد في المبيعات وعدم القدرة على الحصول على المواد الخام في التوقيتات المناسبة وعدم الوفاء بالالتزامات الاستيرادية وصعوبات التمويل وارتفاع تكلفته، نظراً لإحجام البنوك عن ضخ تمويل للشركات منذ اندلاع ثورة يناير. كما تراجعت أرباح وأعمال الشركات بسبب الاحتجاجات والاعتصامات العمالية وارتفاع تكلفة العملية الإنتاجية بما فيها بند الأجور والتأمين على البضائع وتعرض مخازن العديد من الشركات للسطو. وكشفت المؤشرات عن أن نسبة الانخفاض والتراجع في نتائج أعمال الشركات فاق في بعض الحالات معدل التراجع في النمو العام، خاصة في بعض القطاعات الأكثر تأثراً بتدهور أوضاع الاقتصاد الكلي وفي مقدمتها شركات المقاولات التي عجزت عن الحصول على أعمال جديدة بينما تجد صعوبة في الحصول على مستحقاتها المالية عن أعمال سابقة نفذتها في السنوات الماضية لحساب الحكومة. وكذلك الشركات الصناعية والخدمية المرتبطة بالقطاع السياحي والتي كانت مرتبطة بعقود توريدات تعرضت للإلغاء، حيث فقدت مصادر رئيسية للدخل. وتوقعت دوائر الأعمال أن تلقي هذه النتائج السلبية للعديد من الشركات بظلالها على بورصة الأوراق المالية خاصة بالنسبة للشركات المسجلة، حيث أن عدداً كبيراً من هذه الشركات لن يستطيع توزيع أرباح على مساهميه في الوقت الذي يعتمد فيه كثير من حملة الأسهم على “الكوبون” الموزع في نهاية العام كحافز للاحتفاظ بالسهم وعدم بيعه إلى جانب اعتماد عدد من صناديق الاستثمار على “كوبونات” الأسهم لتحقيق أرباح رأسمالية كحملة الوثائق في نهاية كل عام. وفي الوقت الذي يمثل فيه شهر يناير من كل عام بداية تكوين محافظ مالية جديدة في البورصة المصرية، فإن يناير المقبل ربما لن يشهد هذه الحركة المعتادة في البورصة المصرية بسبب نتائج الأعمال غير المبشرة للعديد من الشركات لاسيما وأن ثمة توقعات غير متفائلة بإمكانية استمرار تدهور ربحية الشركات الكبرى خلال النصف الأول من 2012 على وقع استمرار اضطراب الأوضاع السياسية والانكماش المتوقع في ضوء قرار رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري بضغط الإنفاق الحكومي وتوفير نحو 20 مليار جنيه من بنود الموازنة العامة للدولة. كما تتوقع الدوائر الاقتصادية المصرية استمرار التراجع في نتائج الأعمال لعدم حدوث تغيير جوهري في العوامل التي أدت إلى هذا التراجع خلال العام الجاري، بل إن هذه العوامل سوف تستمر وتكون أكثر تأثيراً على دورة الإنتاج وفي مقدمتها استمرار تراجع مبيعات الشركات في السوق المحلية بسبب انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، وكذلك احتمال تراجع القوة الشرائية للعملة المصرية على ضوء القفزات المتوقع حدوثها في أسعار صرف اليورو والدولار. كما يعود احتمال حدوث مزيد من تراجع المبيعات إلى قرار الحكومة بترشيد الإنفاق، حيث من المتوقع أن يشمل هذا الترشيد بند المشتريات كأحد أبرز البنود التي يمكن الاستغناء عنها مؤقتاً، بالإضافة إلى عدم وجود مشروعات جديدة يمكن أن تسهم مشترياتها من المواد الخام والسلع والخدمات في إنعاش مبيعات هذه الشركات. ويضاف إلى ذلك استمرار إحجام البنوك عن منح قروض جديدة ووجود صعوبات في الحصول على التمويل البديل عبر بورصة الأوراق المالية أو طرح مستندات أو دخول صناديق استثمارية كشريك في المشروعات القائمة أو الجديدة نظراً لسياسة التحفظ الاستثماري التي تتبعها الصناديق والبنوك العامة والاستثمارية. وتلقي هذه الصعوبات التمويلية بأعبائها على المراكز المالية للشركات التي ستضطر إلى اللجوء لمساهميها لضخ زيادات في رأس المال وهو أمر غير مضمون النتائج أو خفض حجم الأعمال بما يتماشى مع قدراتها المالية مما سوف ينتج عنه تراجع إجمالي الأعمال والأرباح المحققة. أزمات التصدير والسياحة وهناك الصعوبات التي بدأت تواجهها الشركات المعتمدة على التصدير إلى الخارج على صعيد ارتفاع تكلفة التأمين على البضائع أو تغير سياسات الأسواق الخارجية في التعامل مع السوق المصرية بعد الثورة بسبب استمرار الاضطرابات السياسية أو بسبب الخفض المتتالي لتصنيف مصر بواسطة مؤسسات التصنيف الدولية التي خفضت التصنيف الائتماني لمصر ثلاث مرات متتالية منذ فبراير الماضي وانعكس هذا التعامل الخارجي الحذر مع المصدرين المصريين على حجم أعمال الشركات في الأسواق الدولية. ويزيد من صعوبة الموقف التراجع المستمر في صافي احتياطات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي مما يثير مخاوف الشركاء التجاريين لمصر من عدم القدرة المستقبلية على سداد الالتزامات وبالتالي قد يتخذ العديد من هؤلاء الشركاء قرارات بتقليص التعامل مع السوق المصرية استيرادا وتصديرا وهو ما ينعكس بالسلب على نتائج أعمال العديد من الشركات المرتبطة بحركة التجارة الخارجية للبلاد. ويرى خبراء اقتصاديون أن تأثيرات تراجع القطاع السياحي لم تقتصر على الشركات العاملة في هذا القطاع بل امتدت إلى العديد من القطاعات الأخرى المرتبطة به بدءاً من قطاع التشييد والبناء حيث توقفت تقريبا عمليات انشاء الفنادق الجديدة وانتهاءً بقطاع الخدمات المالية وموردي السلع المختلفة لهذا القطاع الحيوي والمتوقع استمرار هذا التأثير السلبي لتراجع القطاع السياحي على حركة الاقتصاد الكلي ونتائج أعمال الشركات في العام المالي الجديد. ويرى الخبراء أن حسم أزمة الملف الأمني وإعادة الهدوء والاستقرار للبلاد سوف يسهم في عودة النشاط الطبيعي للحركة الاقتصادية، إلا أن هؤلاء الخبراء يشددون على أهمية اللجوء إلى حلول استثنائية لمواجهة تراجع أعمال الشركات ومساعدتها على استعادة نشاطها وتشمل قائمة الحلول المقترحة تحفيز البنوك على ضخ التمويل بما يساعد الشركات على زيادة أعمالها وزيادة المبيعات عبر تقديم تسهيلات ائتمانية للعملاء الأفراد وعودة الحكومة لضخ استثمارات عامة في مشروعات بنية أساسية أو إنتاجية جديدة لأن خفض الإنفاق الحكومي سوف يتسبب في مزيد من الانكماش وعجز العديد من شركات القطاع الخاص عن الحصول على أعمال جديدة لا سيما مشروعات حكومية. 2012: استمرار الخسائر ويؤكد الدكتور سلطان أبو علي، وزير الاقتصاد المصري الأسبق، أنه من الطبيعي أن تلقي مؤشرات الاقتصاد الكلي المتدهورة بظلالها على أوضاع الشركات وأن جاء ذلك بمعدلات متفاوته حسب قدرة كل شركة على الصمود ومتانة مركزها المالي وطبيعة القطاع الذي تعمل فيه ومدى التشابك بين هذا القطاع والقطاعات الأخرى. وقال إن أكثر الشركات المتضررة هي العاملة في السياحة والبناء والتشييد ومشروعات البنية التحتية والتوريدات العمومية. ووفقاً للمؤشرات الظاهرة فإن النمو الاقتصادي لن يعود إلى معدلاته السابقة في مدى زمني قصير بل قد يستغرق الأمر أكثر من العام القادم مما يعني أن هذه الشركات إما تتعرض للمزيد من الخسائر وإما أن تفلس وتخرج من السوق لأنها لن تستطيع الصمود حتى يسترد الاقتصاد الكلي عافيته. وأوضح أبو علي أن مفتاح عودة النمو يتمثل في الاستثمارات العامة التي يجب على الحكومة أن تضخها لأن الاستثمار الأجنبي لن يأتي بسهولة في ظل الظروف الراهنة والقطاع الخاص المحلي متردد في ضخ أموال نظرا لحالة الغموض السياسي واستمرار التوترات الأمنية بالبلاد. ويضيف أن على الحكومة محاربة الانكماش الاقتصادي لا صناعته عبر سياسات اقتصادية متحفظة وإنفاق محدود فهذا الإنفاق المحدود وإن كان سيعالج نسبة من عجز الموازنة فإنه سوف يتسبب في تضرر العديد من الكيانات الاقتصادية الأخرى. أما هاني سيف النصر، رئيس بنك الاستثمار العربي، فيؤكد أن على الجهاز المصرفي أخذ المبادرة في المرحلة القادمة وسرعة ضخ تمويلات جديدة لمساندة الشركات خاصة تلك التي كانت تتمتع بحجم أعمال كبير أو مبيعات جيدة أو تمتلك عقود تصدير وأسواقا خارجية لابد أن تحافظ عليها. ودعا إلى الاهتمام بالمشروعات الصغيرة وتوسيع نطاق أعمالها وتقديم تمويل منخفض التكلفة لها حتى تمثل رافعة للنمو الاقتصادي.
المصدر: الاقتصاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©