الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شرح الصدور دليل على محبة ورضى الله

شرح الصدور دليل على محبة ورضى الله
14 ديسمبر 2012
حذر الإسلام من الفتنة، خاصة في الدين، لأنها أشد من القتل، وليس المراد أن الفتنة بين الناس والعمل للإفساد بينهم، أشد من القتل بل القتل، هو أكبر الذنوب بعد الكفر، ولذلك قال الله تعالى: "والفتنة أشد من القتل" سورة البقرة الآية 191 وقال المفسرون: إنما سمي الكفر بالفتنة لأنه فساد في الأرض ويؤدي إلى الظلم والهرج وفيه الفتنة، وإنما جعل الكفر أعظم من القتل لأن الكفر ذنب يستحق صاحبه به العقاب الدائم والقتل، ليس كذلك والكفر يخرج صاحبه به عن الأمة والقتل ليس كذلك فكان الكفر أعظم من القتل. أحمد شعبان (القاهرة)- عن دعاء النجاة من الفتنة، يقول الدكتور حلمي عبدالرؤوف أستاذ الفقه بكلية التربية جامعة الأزهر إنه ورد هذا الدعاء، في قول الله تعالى«وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين. فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجنا برحمتك من القوم الكافرين» سورة يونس الآيات 84-86، حيث يقول تعالى مخبرا عن نبي الله موسى عليه السلام إنه قال لبني إسرائيل: إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فإن الله كاف من توكل عليه ومن يتوكل على الله فهو حسبه وكثيرا ما يقرن الله بين العبادة والتوكل كما في قوله تعالى: “فاعبده وتوكل عليه” سورة هود وأمر الله تعالى المؤمنين أن يقولوا في كل صلواتهم مرات متعددة: “إياك نعبد وإياك نستعين” وقد امتثل بنو إسرائيل ذلك فقالوا: “على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين” أي: لا تظفرهم بنا وتسلطهم علينا فيظنوا إنما سلطوا لأنهم على الحق ونحن على الباطل فيفتنوا بذلك ولا تنصرهم علينا فيكون ذلك فتنة لنا عن الدين ولا تمتحنا بأن تعذبنا على أيديهم، ولا تهلكنا بأيدي أعدائنا ولا تعذبنا بعذاب من عندك فيقول أعداؤنا: لو كانوا على حق لم نسلط عليهم فيفتنوا وخلصنا برحمة منك وإحسان من القوم الكافرين الذين كفروا الحق وستروه ونحن قد آمنا بك وتوكلنا عليك. مواجهة الفتنة وأوضح الدكتور حلمي أن هناك أحاديث نبوية كثيرة تتحدث عن الفتن منها ما ورد عن سعيد بن جبير قال: خرج علينا عبدالله بن عمر فرجونا أن يحدثنا حديثا حسنا قال فبادرنا إليه رجل فقال يا أبا عبدالرحمن حدثنا عن القتال في الفتنة والله يقول: “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة” فقال: هل تدري ما الفتنة إنما كان محمد صلى الله عليه وسلم قاتل المشركين وكان الدخول في دينهم فتنة وليس كقتالكم على الملك. نور العلم وأضاف: الناس تجاه الفتن على فريقين: فريق لا تزيده الفتن إلا هدى وصلاحا ورشادا وإقبالا على الله، سبحانه وتعالى، وهؤلاء هم أهل الله وخاصته من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين وهم الذين وصف النبي صلى الله عليه وسلم قلوبهم بقوله: “أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض”، وفريق آخر لا تزيده الفتن إلا انتكاسا وارتكاسا وبعدا والتباسا وهؤلاء هم أكثر الناس الذين لم يستنيروا بنور العلم والبصيرة ولم يركنوا إلى ركن وثيق فصار قلب أحدهم أسود لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وهؤلاء الذين نخرت الفتن قلوبهم وأثرت في عقائدهم وهذا ما نشاهده من كثير من الناس هذه الأيام ويكاد ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : “يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل”. أصناف الناس ولفت أستاذ الفقه بكلية التربية جامعة الأزهر إلى قول الإمام ابن القيم رحمه الله، عن قلوب هؤلاء الصنف من الناس: قلب إذا عرضت عليه فتنة أشربها كما يشرب السفنج الماء فتنكت فيه نكتة سوداء فلا يزال يشرب كل فتنة تعرض عليه حتى يسود وينتكس، وهاتان الآفتان تخلفان مرضين خطيرين يؤديان بالإنسان إلى الهلاك أحدهما: اشتباه المعروف عليه بالمنكر فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا وربما استحكم فيه هذا المرض حتى يعتقد المعروف منكرا والمنكر معروفا والسنة بدعة والحق باطلا والباطل حقا، والثاني: تحكيمه هواه على ما جاء به الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وانقياده للهوى واتباعه له. وأوضح أن الفتن كثرت في مجتمعاتنا واختلفت أشكالها منها الفتن الخاصة والتي تكون سببا لوقوع فتنة عامة قال تعالى: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” بدأت فتنة تخص جماعة من الظالمين وتنذر شمول غيرهم فالآية تحذر المؤمنين من الفتنة عامة وإن خصت الظالمين في وقوعها عليهم واستحقاقهم لها لكنها تعم الجميع في سوء أثرها وفداحة خطبها. وبعث الرسل سببا لفتنة سائر الناس كما جاء في قوله تعالى: “وما أرسلنا من قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا”. وهي الفتنة التي يبتلى بها فرد أو نفر من الناس ولا يمتنع أن تقع على كثير لكنها لا تكون سببا في هلاك الأمة أو انتكاستها مثل فتنة المرض وفتنة النعم وقد تكون الفتنة خاصة يبتلي بها الله صفوة خلقه وربما كان المرض والنعم من لوازم هذه الفتنة الخاصة. الاختبار وأنهى الدكتور حلمي كلامه ببيان فتنة الاختبار وهي التي يراد منها الابتلاء الخاص لصفوة من خلق الله ـ جل وعلا ـ أراد الله ان يكونوا موضع عنايته ومحط رعايته وصنيعه كما جاء في قوله تعالى: “واصطنعت لنفسي” فيقوموا بأعباء المسؤولية والرسالة التي أعدهم الله لها، فاقتضى هذا الاختيار لهم وعظيم المسؤولية وشرف الامتياز والقرب من الله أن تجري عليهم الابتلاءات ليزدادوا قربا مع قربهم وارتقاء في مدارج الكمال. وممن ابتلي بهذه الفتنة نبي الله موسى عليه السلام، والتي أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: “وفتناك فتونا” أي عندما ابتلاه الله تعالى واختبره بجملة من تلك الابتلاءات التي خضع لها نبي الله موسى عليه السلام، ما أشارت إليه الآيات الكريمة ومنها: قتل القبطي الذي استنصره من شيعته “وقتلت نفسا فنجيناك من الغم” وخروجه من المدينة خائفا يترقب لما اجتمعت كلمة القوم على قتله “فخرج منها خائفا يترقب” ولبثه في أهل مدين سنين طوال كل ذلك وغيره استخلاصاً لموسى”عليه السلام” أن يكون صنيع الله “واصطنعتك لنفسي” واختياره من خلقه “وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى” وأن الابتلاء بعد الابتلاء أكسبه الكمال فإذا اجتمعت للعبد أسباب الكمال البشري كان أهلا لأن يتحمل مسؤولية وشرف إصلاح المجتمع وإخراجه من ظلمات الجهل والاستعباد وخوض الصراع الأزلي بين الحقّ والباطل فخاطبه الله تعالى بعد أن هيأه واستخلصه “اذهب انت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا الى فرعون إنه طغى”ّ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©