الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشرق علامة سؤال يثير جدلاً حول أفكار أدوارد سعيد

الشرق علامة سؤال يثير جدلاً حول أفكار أدوارد سعيد
25 يونيو 2007 00:35
أعاد معرض ''الشرق علامة سؤال'' الجدل، حول أراء وتحليلات المفكر ادوارد سعيد عن الاستشراق، الى الواجهة مرة أخرى· وتصدرت مضامين كتابه ''الاستشراق'' الحيز الأوسع من النقاشات، وبذلك حقق متحف ريهسكا السويدي أحد الأهداف الأساسية التي توخاها من إقامته· لقد أراد منظموا معرض ''الشرق علامة سؤال'' أحداث تصادم قوي عند زواره، يخلخل قناعاتهم السابقة ويحفزهم على طرح أسئلة جديدة تتعلق بصورة الشرق· ويوضح مسؤول المعرض بير دالستروم الغاية من هذا العمل بأنه بالرغم من اتساع الهوة بين الشرق والغرب فإنه يوجد اليوم اتجاه يعزز فكرة التبادل الإنساني بين الثقافات والهويات· ومن أجل إشراك الناس في هذة العملية وعدم حصرها بالأكاديميين فتح المجال أمام الجمهور ليسجلوا تصوراتهم عن الشرق، عبر السماح لهم بإضافة كتابات ومقاطع على أحد جدران المعرض· مضيفا ''أردنا مزيدا من الأصوات، أردنا ان يقترحوا مقتطفات أخرى جيدة من عندهم''· رائحة العطور الشرقية القوية والموسيقى الساحرة، وألوان السجاد الباهرة المعلقة على جدران المعرض، تنقل الزوار الى جو فردوسي وحسي طالما نقل اليهم عبر كتابات المستشرقين·· الخزائن الزجاجية احتوت على مقتنيات قديمة يعود تاريخ بعضها الى ألفي عام، جاءت من بلدان مختلفة كتركيا والمغرب وكازخستان· هذة الصورة المعدة بعناية تعيد تشكيل الشرق، كما يقول دالستروم ''يتشكل الشرق من مساحة واسعة، من بلدان، في حقيقة الأمر لا تجمعها جوامع كثيرة، ولكن الغرب يطلق عليه جميعا صفة الشرقية· وبعرضنا لبعض الأعمال اليدوية الرائعة من بلدان مختلفة أعطينا الصناعات اليدوية الشرقية وحدة داخلية جديدة، تلاقت مع أعمال يدوية سويدية معاصرة، ونقوشات على سجاد سويدي مستوحاة من عالم الشرق، الى جانب مقتطفات كتبها كتاب سويديون، مثل فيرنير فون هيدينستام وريديارد كيبلينغ· ولكن مفهوم الشرق، كما يؤكد دالستروم، أكثر تعقيدا في مجال الثقافة· فهناك، داخل الشرق، كانت شعوبه عندها اهتمام دائم لإنتاج ثقافتهم الأصلية، فحتى مطلع التسعينات من القرن الماضي كان يطلق الغربيون تسمية ''البرية'' على الأعمال الأصلية التي موطنها الشرق· ومن هنا تثير أفكار أدوارد سعيد حول حقيقة الشرق، وما إذا كان هو اختراع غربي صاغه المستشرقون لملائمة المشروع السياسي الاحتلالي الأوربي، في مطلع القرن التاسع عشر، تثير نقاشا دائما· وهذا ما انعكس في محاورات الكاتبين ميكائيل لوفغرين وتورجني نوردين، المعارض للفكرة الأساسية التي أقيم عليها المعرض، حيث كتب: الهدف من المعرض إعطاء تصور وتخيل جديد لمفهوم الشرق منطلق أساسا، من تساؤلات أدوارد سعيد عن الشرق· هذا بحد ذاته يدعونا للتساؤل: كيف استطاع سعيد وبدرجة بسيطة ان يغوي أجزاء كبيرة من الوسط المعرفي داخل المجتمع السويدي· ويعتقد نوردين ان المعرض بهذة الطريقة لا يعطي سوى صورة خاطئة لفهم الشرق وإمكانات فهم الثقافة السياسية· ويضيف معترضا على منهجية سعيد بالقول: في الاستشراق تصور سعيد، ان هيكيلية اجتماعية كاملة وهيمنة امبريالية وعلماء لغة غربيين داعمين لها ومستشرقين كلها مطبوخة في قدر واحد في القرن التاسع عشر· ويضيف: من منطلق سعيد ليس هناك شرق بل صورة أكزوستية تشكلت في عيون المستشرقين العنصريين ومن نظرة استصغار عامة· ويدحض نوردين هذا المنطلق: لقد ظهر الاستشراق في المراحل الأخيرة من القرون الوسطى، مع الفيلسوف والباحث اللغوي والشاعر الكاتالاني رامون لول، وأن موضوع الشرق كان موضوعا راسخا في ذلك الوقت، وعليه فإن ربط سعيد بين الاستشراق وبين الهيمنة والاحتلال الغربي في القرن التاسع عشر لا أساس له· وباختصار ان أدوارد سعيد لا يفصل بين المعرفة والسلطة· فيما اعتبر الأكاديمي ميكائيل لوفغرين أراء نوردين حول المعرض وأدوارد سعيد مثالا ساطعا على فكرة الاستشراق الغربية، وقال: يريد نوردين أحياء جدل قديم يشكك بدور المؤسسة الرسمية السويدية، واستجابتها لاغواء أفكار سعيد· ويوضح: لم يعرف سعيد الاستشراق كمفهوم أكاديمي نظري صرف مرتبط بالقرن التاسع عشر فقط، بل قدم تصورا أعمق وأشمل· فالامبريالية لم تجر وراء البحاثة اللغويين؛ ولنأخذ هنا مثالا، أستشهد فيه سعيد، يشير الى أن الأكاديميين هم الذين لحقوا نابليون في حملته على مصر وليس نابليون هو من التحق بهم· ويتساءل: الى ماذا يريدنا نوردين ان نتوصل؟ هل ان مادة الاستشراق مادة أكاديمية معزولة عن ارتباطها بالمشروع الاستعماري الأوروبي؟! ويمضي بالقول: بفضل سعيد، وغيره من المفكرين، لم تعد النظرة والحكم السابق على مفهوم الشرق موجودة في الصحافة السويدية، بنفس الدرجة، التي كانت موجودة عليها قبل ثلاثين أو خمسين عاما· ومن المفرح ان ينطلق معرض ''الشرق علامة سؤال'' بإثارة هذة القضايا بالتحديد من منطلق أفكار ادوارد سعيد·
المصدر: ستوكهولم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©