الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية... تداعيات ما بعد الصاروخ

13 ديسمبر 2012
تشيكو هارلان طوكيو أطلقت كوريا الشمالية يوم أمس الأربعاء بنجاح صاروخاً بعيد المدى يحمل قمراً صناعياً لوضعه حول المدار، وهو ما اعتبره المراقبون اختراقاً حقيقياً في البرنامج التسليحي لكوريا الشمالية، فحسب قيادة الدفاع الفضائية لأميركا الشمالية التي تضم الولايات المتحدة وكندا «أطلقت بيونج يانج جسماً يبدو أنه وصل إلى المدار حول الكرة الأرضية»، وذلك بعد سقوط الجزء الأول والجزء الثاني من الصاروخ في البحر. ووفقاً لتقييمات المنظمة الفضائية تمكن الجزء الثالث من الصاروخ الذي يحمل القمر الصناعي من الوصول إلى الفضاء الخارجي والدوران في المدار المخصص له، ومع أن الصاروخ المسمى (أونها-3) لم يحمل رأساً حربياً، إلا أنه اعتمد على تكنولوجيا مشابهة لتلك المستخدمة في الصواريخ بعيدة المدى، وهو ما حدا بواشنطن وسيؤول وطوكيو إلى وصف العملية بأنها إطلاق فعلي لصاروخ انتهك القرارات الأممية التي تحظر على كوريا الشمالية إجراء تجارب صاروخية. ويبدو أن كوريا الشمالية بنجاحها في وضع صاروخ في المدار حققت بالفعل اختراقاً في مجال إطلاق الصواريخ وطورت قدراتها من خلال محاولات دامت عقوداً لتتمكن في الأخير من إتقان تكنولوجيا الصواريخ العابرة للقارات والقادرة على الوصول إلى الولايات المتحدة، وهو ما يمثل تحدياً جديداً لإدارة أوباما. وكانت «بيونج يانج» قد أجرت أربعة اختبارات سابقة على إطلاق الصواريخ ترجع إلى عام 1998، حيث منيت المحاولة ما قبل الأخيرة التي تعود إلى شهر أبريل الماضي بالفشل إثر انفجار الصاروخ بعد 90 ثانية على إطلاقه ليسقط في البحر. وقد أُطلق الصاروخ يوم أمس من منشأة في الجزء الشمالي الغربي من البلاد ليس بعيداً عن الحدود الصينية، وفي مساره مر الصاروخ جنوباً عبر المياه بين كوريا الجنوبية والصين ليطير فوق جزيرة أوكيناوا اليابانية، متوجهاً نحو الفلبين، وحسب الحكومة اليابانية سقطت أجزاء الصاروخ في البحر الأصفر وبحر الصين الشرقي، وهو المسار الذي سبق لكوريا الشمالية أن خططت له باعتباره يحترم السلامة الملاحية. وقبل الإطلاق دعا رئيس كوريا الجنوبية إلى عقد اجتماع أمني طارئ، فيما وصف المتحدث باسم الحكومة اليابانية ما جرى على أنه «غير مقبول»، مضيفاً أنه «من المؤسف جداً أن كوريا الشمالية مضت قدماً في عملية إطلاق الصاروخ رغم كل المناشدات بالتزام ضبط النفس». وفي واشنطن اعتبر البيت الأبيض إطلاق الصاروخ «عملية استفزازية تهدد الأمن الإقليمي»، كما انتقدت «إلينا روس-ليتي» النائبة في الكونجرس، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، الخطوة الكورية الشمالية، معتبرة أنها تمثل تحدياً من بيونج يانج وأنها «تتجه نحو الهدف النهائي المتمثل في إنتاج صاروخ باليستي قادر على حمل رؤوس نووية». ورغم إعلان كوريا الشمالية مطلع الشهر الجاري أنها ستطلق الصاروخ، إلا أن الأمر يبدو وكأنه فاجأ الدول المجاورة، لا سيما بعد تصريحات المسؤولين العسكريين بكوريا الجنوبية بأن جارتهم الشمالية تفكك الصاروخ لإصلاح بعض المشاكل التقنية. وحسب الحكومة في سيؤول تم إطلاق الصاروخ في تمام الساعة 9.51 صباحاً وفقاً للتوقيت المحلي. هذا وتأتي عملية إطلاق الصاروخ في وقت حرج بالنسبة لكوريا الشمالية التي تعاني من الفقر والاستبداد، فالبلد لا يفصله سوى أيام قليلة فقط عن تخليد الذكرى الأولى لوفاة الزعيم كيم يونج إيل، بحيث اعتبر مراقبون أن إطلاق الصاروخ ربما يندرج في إطار تخليد الذكرى، كما يأتي إطلاق الصاروخ بعد مرور ثمانية أشهر على عملية أخرى مشابهة باءت بالفشل أمام أعين الصحفيين الذين دعتهم حكومة كوريا الشمالية لحضور عملية الإطلاق. لكن هذه المرة التزمت بيونج يانج الصمت ولم تخبر مواطنيها عن التجربة الأخيرة، ومع أن الحكومة أشارت إلى خططها في الموقع الإلكتروني التابع لوكالة الأنباء الرسمية، إلا أن النخبة فقط في كوريا الشمالية تستطيع الولوج إلى الإنترنت، فيما خلت الصحيفة الرسمية في البلاد من أي ذكر مسبق للعملية، غير أنه وبعد تأكد نجاح إطلاق الصاروخ يوم أمس الأربعاء بث التلفزيون تغطية خاصة استُهلت بعزف الموسيقى العسكرية وإظهار صورة الزعيم المؤسس كيم إيل سونج. والأهم من ذلك أن إطلاق الصاروخ يأتي قبل أسبوع واحد على الانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية، إذ في الوقت الذي احتلت فيه قضايا الأمن القومي والعلاقات مع الشمال مرتبة متدنية في اهتمامات السياسيين يبدو أنها رجعت إلى الصدارة بعد إطلاق الصاروخ، ملقية الضوء على الأخطار القادمة من الشمال، حيث توجه الحكومة في بيونج يانج التي تديرها العائلة جل أموالها لبرامج التسلح. وقد أعرب المرشحان الرئيسيان في الانتخابات الكورية الجنوبية، المحافظ «بارك جون هاي»، والليبرالي «مون جاي-إن» عن رغبتهما في تطوير العلاقات مع كوريا الشمالية بعد سنوات خمس من القطيعة وتوقف الحوار والمساعدات الاقتصادية، لكن «مون» ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن نيته عن عقد قمة مع زعيم كوريا الشمالية، «كيم يونج أون»، غير أن التجرية الصاروخية الأخيرة لبيونج يانج قد تصب في مصلحة خصمه المحافظ «بارك يون هاي»، هذا ودعت وزارة الخارجية في سيؤول في بيان لها كوريا الشمالية إلى «إنفاق موازنتها الهائلة على شعبها بدل إطلاق الصواريخ». وأوضح مراقبون أن كوريا الشمالية حتى لو نجحت في إطلاق صاروخ بعيد المدى ما زالت تواجه عراقيل قبل أن تتمكن من تهديد الولايات المتحدة، إذ لا يُعتقد بأن بيونج يانج تستطيع تصغير رأس حربي نووي لوضعه في صاروخ بعيد المدى، والأكثر من ذلك لا يعني نجاحها في إطلاق صاروخ مرة أنها تمتلك نظاماً فعالاً قادراً على إطلاقه بنجاح في المرات المقبلة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©