الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

استدامة إمدادات المياه

23 ديسمبر 2013 21:39
يرتبط مفهوم الاستدامة عادةً بالنمو السكاني وتطور المستويات المعيشية والصناعة والاقتصاد. وإذا نظرنا إلى النمو السكاني وضرورة حصول السكان على احتياجاتهم الأساسية، كالمياه العذبة مثلاً، نرى أنه من الضروري الحفاظ على استدامة مواردها لكي تستمر الحياة دون المساس بالسلامة البيئية وباحتياجات الأجيال القادمة. وبما أن التعداد السكاني للعالم سيواصل نموه، فقد أصبح مفهوم الاستدامة مرتبطاً بفكرة استمرار بقاء النوع البشري. إننا نتحدث هنا عن الإنتاج المستدام للمياه بتكلفة منخفضة مع بصمة كربونية أقل، بما يمكنّنا من تلبية احتياجات سكان العالم الذين من المتوقع أن يتضاعف عددهم في السنوات الخمسين المقبلة. وأقترح أن ننظر إلى مسألة استدامة مواردنا المائية بأسلوب مختلف لا تكون فيه المياه مجرد عنصر للبقاء على قيد الحياة، بل وسيلة لضمان الوفرة المستدامة. وتقوم المياه بدور محوري في تحقيق الاستدامة، وفي هذا السياق، تعتبر تحلية المياه – التي تتيح إمكانية الوصول إلى كميات غير محدودة من مياه البحر لإنتاج المياه العذبة - جزءاً هاماً من استراتيجيات إدارة المياه. وإذا ما نظرنا إلى منطقة الشرق الأوسط تحديداً، نرى أننا انتقلنا من مرحلة كان فيها تخطيط الموارد المائية ضرورياً لجعل الحياة ممكنة (بغض النظر عن التكلفة) إلى مرحلة أصبح فيها تخطيط موارد المياه ضرورياً لجعل الحياة ممتعة أيضاً. إنها نقلة بسيطة، ولكن هامة. ويستلزم تحقيق الاستدامة في مواردنا المائية عوامل متعددة، بما فيها تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة التركيز على إعادة استخدام المياه. وأعتقد أن الوعي بأن إعادة تدوير المياه ومعالجتها وإنتاجها بطريقة مستدامة يعزز من شعورنا بأننا مسؤولون بيئياً. ومن خلال تركيزنا على الاستدامة اليوم، فإننا نترك للأجيال المقبلة إرثاً إيجابياً يمكن أن يعتمدوا عليه. ويعتبر الابتكار عنصراً رئيسياً لتحقيق إمدادات مستدامة من المياه، سواء كنا نتحدث عن الابتكار التقني أو زيادة كفاءة الطاقة والالتزام بالمسؤولية البيئية. ويسعى قطاع تحلية المياه دوماً إلى خفض كمية الطاقة اللازمة لتشغيل محطات التحلية؛ وخلال العقدين الماضيين، تم خفض استهلاك الطاقة المطلوبة بنسبة 50% تقريباً. كما يجري العمل للوصول إلى كفاءة أكبر في استهلاك الطاقة، سواء من خلال تحسين التقنيات الحالية أو تطوير تقنيات جديدة. وتسهم كل هذه الجهود المعززة بالابتكارات في تحقيق أهداف الاستدامة المرتبطة بتحلية المياه، فالابتكار هو الحل الذي نمتلكه اليوم لتحقيق أهداف الغد. وبالطبع ليس هناك ابتكار دون أبحاث وتطوير، وبالتالي، فإن الرابط بينهما قوي وضروري. وفيما يخص قطاع المياه، فإن جهود الابتكار والبحث والتطوير تقودها عادةً الشركات بحيث يتم توجيهها نحو تطوير المنتجات التي تزيد من قدراتها التنافسية. ولا شك أن ذلك يمكن أن يتحقق من خلال زيادة كفاءة استخدام الطاقة. ولكن من المهم أيضاً عدم إغفال المسؤولية الاجتماعية والبيئية عند الحديث عن الاستدامة وكفاءة الطاقة. وأعتقد أن الانتقال إلى نهج أكثر وعياً من ناحية البيئة والطاقة في تعاملنا مع المياه هو أمر جيد، ومن الضروري استمرار هذا النهج بالتزامن مع الجهود المتواصلة لخفض تكاليف إنتاج المياه. وأشير هنا إلى أنه في أكتوبر الفائت أنهيت مهمتي كرئيس للجمعية الدولية لتحلية المياه، المنظمة العالمية المكرسة لتحلية المياه وإعادة استخدامها. وقد بذلت الجمعية جهوداً كبيرة على مدى السنوات الست الماضية لتحقيق مجموعة من الأهداف والمبادرات المتعلقة بالبيئة والطاقة والمسؤولية الاجتماعية، وهي نفس الأهداف التي تسعى «مصدر»، مبادرة أبوظبي متعددة الأوجه للطاقة المتجددة، إلى تحقيقها. ويسر الجمعية أن تدعم الجهود الهائلة التي تبذلها «مصدر» في هذا الشأن، كما تفخر الجمعية بأن تكون الشريك المعرفي للقمة العالمية للمياه التي تقام ضمن أسبوع أبوظبي للاستدامة، أكبر تجمع حول للاستدامة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط. بقلم: الدكتور كورادو سوماريفا المدير العام لشركة «آي إل إف» للاستشارات الهندسية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©