السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف تصنع طفلاً مبدعاً؟

13 مارس 2008 02:22
كيف تصنع طفلا مبدعا؟ كيف تعقد اجتماعات قصيرة ومثمرة؟ كيف تتبنى علاقات مميزة؟ ليس ما سبق مجرد أسئلة تطرح عفو الخاطر، كما أنه لا يتعلق باستفهامات بريئة يصوغها من أعيته الحيلة، وعجز عن بلوغ الهدف، هي عينة من عناوين كتب، لا يسع المتجول في أروقة معرض الكتاب إلا ان يلاحظ مدى ما أدركته من ذيوع وانتشار، حتى يكاد الأمر أن يؤول إلى موجة سائدة، لعلها فحواها الحقيقي، وجوهر سؤالها هو: كيف تنشر كتابا يلقى رواجا، ويجعل القارئ تواقا إلى اقتنائه، إيمانا منه أنه سيحمل إليه ما حرمته منه ظروف الحياة من ذكاء متوقد، أو شخصية متوهجة، أو براعة مفتقدة، أو راحة منشودة· المسألة لفرط انتشارها تبدو متجاوزة لحدود الصدفة، بل ومستعصية على التفسير وفقا لمقولة توارد الأفكار، إنها على الأرجح أبعد من ذلك، وتوصيفها يحتمل إبداء التخوف من أن يكون هاجس التسويق قد أدرك عتبة الكتاب، وحوله الى مجرد سلعة قابلة للرواج بقدر ما يحسن تزويقها، بعد أن وصف زمنا بالصديق والجليس والنديم، واحتمل كل ما تجود به مملكة القول من مفردات على وزن أفعل التفضيل، فكان الأفضل، والأوفى، والأبقى والأنقى، وصولا إلى سائر ما جرى على وزنها مرتقيا بالموصوف إلى ما تعجز عن مجاراته الأمثال· ليس جديدا أن يقترح الكتاب معطيات ذات بعد تعليمي، ذلك أنه وسيلة تعليمية في البدء والخاتمة، لكن ما يجدر التوقف عنده هو المبالغة في توصيفه، ومنحه من الفعالية الخاضعة للتساؤل ما يبرر التشكيك برصانة اتسم بها زمنا، خاصة إزاء إصرار بعض المؤلفين على مقاربة قضايا شائكة، لم يثبت حتى اللحظة أن الغوص في دهاليزها أمر متاح، ناهيك عن كونه مضمون العواقب· يقول الباحث في علم المهارات الحياتية عبداللطيف عبدالعزيز إن الحياة هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الانسان، والتي يتعين عليه أن يقدم امتحانه الفعلي من خلالها، ليثبت نجاحه في استيعاب ما تجود به تجاربها فائقة الغنى· محدثنا يجزم أن إمكانية النجاح في تجربة العيش متاحة لمن تزود بالخبرات المتعددة، واستطاع أن يزواج، بوعي كاف، بين المعطى النظري والسلوك المعاش، ليصوغ على ضوء تحقق الانسجام بين النظرية والتطبيق أساليب التفوق في مقاربة العوائق، وسبل تخطيها، مزودا بالخبرة والوعي، والأهم بالثقة التي تمنحه القدرة على مواجهة الصعاب، في حال وجودها، وهي موجودة غالبا· يرى عبدالعزيز أن الفصل بين العلوم المتنوعة التي تقترحها علينا الحياة، لم يكن أمرا محمود العواقب، ذلك أن العيش أعقد من أن يسند أمره الى اتجاه علمي محدد، فلا يكفي ان يكون المرء ناجحا في ميدان تخصصه المهني، كي يستطيع اجتياز سني عمره بما يطمح إليه من تفوق وتميز، هكذا يصير بإمكاننا العثور على نماذج بشرية شتى أمكنها إحراز قدر لا يستهان به من التمايز المهني، لكنها ظلت قاصرة عن إدراك الفوز الحقيقي، الذي يمكن تلخيصه بالرضا في الذات، والثقة بمقدرتها على تخطي ما يواجهها من مصاعب وعراقيل· محدثنا يعرف نفسه بأنه مهندس، لم يكتف بما تقدمه له الهندسة من مخيلة علمية، وعلاقات منطقية، وفق قواعد الرياضيات المطمئنة الى رسوخها، بل توغل عميقا في علم النفس الآدمي، بما أمكنه أن يسخر الوعي الرياضي في قوننة التداعيات السايكولوجية الغامضة، هكذا ولد من التزواج بين الثنائيات، التي تبدو لوهلة على تناقض ظاهري، كائنا جديدا، لاتقلل هجانته من قدرته على التأثير في وعي المتلقي، إنه فن العيش، بأقل التوصيفات اثارة للجدل· القارئ طارق عرفان الكثيري يشير بداية الى شهية مفتوحة للحديث في هذا المضمار، معربا عن ثقته المطلقة بالكتب ذات الطابع التعليمي، التي تلقن قارئها الكثير مما فاته من المهارات الحياتية· ويضيف: ''ثمة ثلاثة عوامل يتوقف عليها نجاح الفرد، هي المعرفة والسلوك والمهارة، المعرفة متاحة لمن يرغب، وقد أدت التطورات المعاصرة الى اتساع قنواتها، وتعدد مصادرها، أما السلوك فهو نتاج نهائي للعاملين الآخريين، وتبقى المهارة هي عنوان التفوق''· الكثيري يشير إلى نجاح التجربة الأميركية، التي جعلت تجارب قدامى الموظفين تختمر في كتب تدريبية، عادت بالفوائد الجمة على المبتدئين منهم، الكبار ببساطة أنصتوا جديا الى خلاصات مساراتهم المهنية، وصاغوها بشكل مؤات، بعيدا عن المبالغة في التنظير، الموظفون وليس الاكاديميون هم من يبتدعون الحلول لمشاكل العصر، يقول محدثنا، الذي يأخذ على مناهج التعليم في بعض دول العالم الثالث إغراقها في النظرية البحتة، ونأيها المتعمد عن التبلور العملاني لقواعد المعرفة· محدثنا يشير الى فكرة المجتمع الممنهج الذي لايشعر الخارج فيه من مقاعد الجامعة الى سوق العمل بالغربة المؤلمة، التي تجعله يشعر بالأسى حيال المدة التي أمضاها على مقاعد الدراسة، كونها لم تؤهله بما يكفي للتعامل مع تحديات الواقع·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©