الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا الغاضبة... بوتين يدعم يانوكوفيتش

20 ديسمبر 2013 22:47
ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء الماضي طوق نجاة من ذهب لنظيره الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش تضمن قرضاً قيمته 15 مليار دولار وتقليصاً كبيراً في أسعار الغاز لمساعدة أوكرانيا على تفادي ما يخشى كثيرون أن يكون انهياراً مالياً وشيكاً. وفي اجتماع في الكرملين، وجه بوتين إلى الزعيم الأوكراني المتعثر في خيوط ورطة سياسية كبيرة تحية دافئة في صقيع موسكو واصفاً إياه بأنه «حليفنا وشريكنا الاستراتيجي»، وتعهد بعمل فعال لمنع انهيار التجارة الأوكرانية الروسية والتعاون الصناعي بين جمهوريتي الاتحاد السوفييتي السابقتين. ولكن لم يجر التطرق إلى الحديث عن انضمام أوكرانيا إلى اتحاد جمركي تقوده موسكو وهو الأمر الذي لو حدث، لأجج غضب آلاف المحتجين الأوكرانيين أصحاب الميول الأوروبية الذين يحتلون ميدان الاستقلال منذ أن رفض يانوكوفيتش التوقيع على اتفاق تعاون واسع النطاق مع الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي. وبعد إعلان صفقة المساعدات الروسية، خاطب بوتين الصحفيين قائلا «أود أن أطمئن الجميع بأننا لم نناقش حتى انضمام أوكرانيا للاتحاد الجمركي اليوم». وتتضمن الصفقة شراء سندات من الحكومة الأوكرانية بقيمة 15 مليار دولار وخفضاً مؤقتاً بنسبة الثلث في أسعار الغاز الروسي ليتقلص السعر من 400 إلى 268,5 دولار للألف متر مكعب. وتم التوقيع على نحو 15 اتفاقاً اقتصادياً آخر منها اتفاقات لتعزيز التعاون في الملاحة الجوية والفضاء وبناء السفن والصناعات النووية. وانفجر غضب المحتجين الأوكرانيين الذين يخيمون في وسط العاصمة كييف منذ أكثر من ثلاثة أسابيع عندما انتشرت الأنباء عن صفقة الكرملين. فكثير من المحتجين أنصار الاتحاد الأوروبي يرون في مجرد ذهاب يانوكوفيتش جواً إلى موسكو في غمرة الأزمة السياسية المحتدمة الحالية دليلاً على احتمال «تآمر» الرئيس الأوكراني مع الكرملين على حساب الاستقلال الاقتصادي للبلاد. وفي هذا السياق قال بافل موفتشان العضو في البرلمان من التكتل الذي تتزعمه الزعيمة الأوكرانية المعارضة المعتقلة يوليا تيموشينكو إن «كل شيء يفعله يانوكوفيتش يعزز مقاومة الشعب له». وأضاف المشرع الأوكراني أن وجود يانوكوفيتش في موسكو بشكل مستمر «يثير الريبة والاستياء وسط الشعب لأنه يتصرف مثل تابع. وقد أجرى مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لسنوات ثم فجأة تركها. كيف يمكننا أن نثق في أي شيء يفعله؟ حتى لو قدم لنا الروس بعض المساعدات والغاز الرخيص، ألا تعتقدون أن هذا سيكلفنا ثمناً باهظاً؟». وعلى رغم أن الاحتجاجات بدأت بمطالبة يانوكوفيتش بالتوقيع على اتفاق التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهو أمر زعم أنه سيفعله في نهاية المطاف، فقد تحولت تدريجياً إلى عصيان واسع النطاق ضد قيادة الرئيس الأوكراني الذي انتخب بشكل نزيه قبل ثلاث سنوات ويتمتع بأغلبية برلمانية صغيرة. وفي ظل رئاسته انغمس الاقتصاد في الفساد والمحسوبية, مما جعل منظمة الشفافية الدولية تصف النظام الاقتصادي في البلاد بأنه الأكثر فساداً في أوروبا. ويحذر مراقبون وخصوم سياسيون من أن يانوكوفيتش قد فقد رصيده السياسي أيضاً لتردده في اختيار اتجاه استراتيجي لأوكرانيا مع تصاعد الضغوط من موسكو وبروكسل. من جانبه قال دميترو فيدرين وهو محلل سياسي مستقل مقيم في كييف وعمل مستشاراً للحكومة في السابق «إننا نشهد أفول النموذج الأوليجاركي الذي أدار فيه قلة من الأثرياء أصحاب النفوذ اقتصاد البلاد لمصالحهم الخاصة بينما يدير الرئيس والبرلمان شبه الديمقراطيين الدولة... الناس بدأوا يطلقون على الأشياء أسماءها الحقيقية». وفي يوم الثلاثاء الماضي أيضاً، اقترح نجم المعارضة الأوكرانية الصاعد وبطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل فيتالي كليتشكو أن الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق القائم هي استقالة يانوكوفيتش والدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة. واتهم الملاكم العملاق الذي تخلى عن لقبه في المجلس العالمي للملاكمة ليركز جولاته على حلبة السياسة في أوكرانيا يانوكوفيتش بأنه قد فشل في الدفاع عن المصالح القومية لأوكرانيا وتخلى عن الاستقلال وطموحات توفير حياة أفضل لكل أوكراني. وأضاف للصحفيين «قال الرئيس على المائدة المستديرة (للمحادثات بين المعارضة والحكومة الأسبوع الماضي) إنه لا يخشى إجراء انتخابات مبكرة. فليدعُ، إذن، إلى انتخابات نزيهة. نحن واثقون من أنه يمكن إجراء الانتخابات في مارس 2014». وفي غمرة الصراع المحتدم، تقدم موسكو حزمة كبيرة من صفقات الترغيب والترهيب بينما تؤكد أوروبا أنه يجب على أوكرانيا أن تتفاوض من أجل التوصل إلى صفقة مساعدات مالية مع صندوق النقد الدولي تتضمن اتباع إجراءات تقشف صارمة. ومع إبرام صفقة الكرملين، يقدم بوتين فيما يبدو إلى يانوكوفيتش فترة راحة مؤقتة على الأقل من الضغط حتى يتسنى له أن يتخذ قراراً حاسماً بشأن الخيار بين الاتجاه نحو الشرق أو الغرب. ويصف سيرجي ستروكان، الكاتب السياسي في صحيفة «كومرسانت» الاقتصادية اليومية الصادرة في موسكو، الصفقة الروسية بأنها «مسعى من بوتين للتفوق على أوروبا بوضع أموال حقيقية على الطاولة... وحتى هذه المرحلة، دأب الأوروبيون على إصدار بيانات سياسية عن تقديم الدعم للمحتجين المؤيدين لأوروبا ولكنهم ما زالوا يتقاعسون عن تقديم وعود حقيقية بتقديم الإعانات المالية لمساعدة أوكرانيا على الخروج من هوتها الاقتصادية السحيقة جداً. أوروبا تقدم الملايين بينما بوتين يقدم هنا المليارات». وأضاف ستروكان «يعتقد بوتين أنه يسلم يانوكوفيتش ورقة لعب رابحة يخاطب بها أوكرانيا الأخرى -وليس هؤلاء المحتجين في ميدان الاستقلال الذين لن يثنيهم أي شيء تفعله روسيا- ولكن الجزء الآخر من البلاد حيث يجد أشخاص يعولون على المال ويفضلون الحصول على وظائف في الصناعة وتدفئة ميسورة وتجارة حرة مع روسيا... ولكن ربما يكون الوقت متأخراً جداً. فلا أحد يثق في بوتين ولا في يانوكوفيتش وأي شيء يفعلانه لن يزيد المحتجين إلا غضباً على الأرجح فيما يبدو». فريد فاير موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©