الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

وسط الدمار في حلب.. الأطفال يتعلمون وينشدون للحياة

وسط الدمار في حلب.. الأطفال يتعلمون وينشدون للحياة
16 فبراير 2018 01:19
حلب (رويترز) عزفت الحرب السورية لحن الموت والدمار على مدى سبعة أعوام، لكنها لم تقو على تغيير السلم الموسيقي لأهالي حلب في شمال سوريا، فظلت أجيالهم الصاعدة تشدو بصوت ضارب في عمق التاريخ على وتر «القدود الحلبية». وتأخذ المدارس والمعاهد الموسيقية، التي تعلم هذا النوع من الغناء والإنشاد، دورها على طريق إعادة الإعمار في حلب، حيث تنتشر المعاهد ذات الصلة وتشهد إقبالاً يفوق زمن السلم. والقدود الحلبية من الفنون الموسيقية السورية العربية الأصيلة، التي اشتهرت بها مدينة حلب منذ القدم، وهي عبارة عن منظومات غنائية بنيت على «قد» أي على قدر أغنية شائعة. وفي مبارزة لا تنقطع معها الأنفاس، يقف طلاب لم تتجاوز أعمارهم عمر الحرب في سوريا لتحدي بعضهم البعض وإثبات قدرتهم على أداء «العُرب» الفنية الصعبة من الموشحات والقدود والأغاني الشعبية والمواويل والثنائيات. و«العُرب» هي الحليات والزخارف التي تصاحب اللحن أو الغناء بالاستعانة ببعض النغمات خارج حيز المقام. وينتشر هذا النوع من الفنون في حلب المدينة التي لم تنقطع عن استقطاب التلاميذ من مختلف الأعمار حتى في زمن ارتفاع إيقاع الحرب واشتداد وتيرته وتغلبه على ما تبقى من أوتار فنية. وفي زاوية من معهد الكورال الوطني في مدينة حلب، يقف أحمد قداح مدرب التلاميذ مستذكراً ابنه، الذي قتل في الحرب، فيراه في صورة شباب يطمحون إلى الحياة على نغم آخر. ويقول قداح: «إن لديه من 30 إلى 50 طالباً بينهم طلاب مدارس وجامعات انضموا إلى المعهد تلبية لإحساسهم ومنعاً لاندثار هذا الفن الشعبي». ويضيف: «أدرّب موشحات وقدوداً وأغاني إفرادية (فردية) وثنائيات، وعندنا الكثير من الأمور الحلوة في تراثنا القديم لنقدمه، وليس لديّ أعمار محددة، عندي صوت جميل يمكن أن أستقطبه، وإذا عندي صوت برعم يمكن أن أنميه لأن هذا التراث يستحيل أن يندثر». وتابع: «كان علينا حرب كونية، وكانت تسقط علينا القذائف، ورغم ذلك لم يكن الطلاب يتأخرون عن التمرينات، بل كانوا يأتون بكثرة لكي يتعلموا تراثنا لكي لا يختفي، وعندي نجوم انطلقوا من هذا الكورال». أضاف: «أفتخر بأن أولادي يتعلمون مني ومن غيري لكي يحافظوا على هذا التراث ويورثونه للأجيال المقبلة.. أنا أكون فخوراً جداً جداً». وابنه أيهم البالغ من العمر نحو عشر سنوات، أدى بشغف أغنية (قدك المياس). وقال: «أنا أدرس لأصبح فناناً في المستقبل وأنشر (القدود) على دول العالم كلها». وقالت وحيدة المدربة التي كانت تشرف على تنظيم صفوف الأطفال «بالنسبة لنا نحن نعمل على الأطفال لكي نزرع الموسيقا والتراث في روحهم». ومن القدود الحلبية الشهيرة (يا مال الشام) و(قدك المياس) و(تحت هودجها)، وهي الأغاني التي اشتهر بها المطرب السوري صباح فخري الذي انتشرت معاهده في مدينته حلب حيث انطلاقته. وسار العديد من المطربين في سوريا على نهج صباح فخري صاحب الصوت الفريد الذي دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية بعد أن استمر في الغناء لمدة عشر ساعات متواصلة في حفل بمدينة كراكاس الفنزويلية. وتشردت القدود الحلبية، فنزحت من حلب إلى دول الجوار وأوروبا على مدى سنوات الحرب، إذ اصطحب الحلبيون معهم هذا الفن إلى أماكن نزوحهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©