الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«دبلوماسية الشيكات» لن تنقذ قطر من أزمتها الخطيرة

16 فبراير 2018 14:23
عمار يوسف (الرياض) أثار لجوء النظام القطري لدعوة واستضافة عدد من الحاخامات والكتاب والناشطين اليهود الأميركيين إلى الدوحة، ورشوتهم بأموال طائلة في محاولةٍ لشراء النفوذ وتكوين الصداقات وتشكيل جماعات الضغط الموالية له، سخرية الأوساط الخليجية والأميركية على حد سواء، كون الخطوة تمثل رهاناً فاشلاً. ومنذ بداية المقاطعة التي أعلنتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب لقطر اعتمد نظام الحمدين في خطته المضادة على نحو 19 شركة من شركات الضغط الإعلامي والعلاقات العامة في الولايات المتحدة، لتحسين صورته في الخارج ومحاولة تشتيت جهود إعلام الدول الأربع المقاطعة التي كشفت بالأدلة والوثائق تورط النظام القطري في دعم الإرهاب والتدخل في شؤون دول المنطقة. وعملت الشركات المعنية، فضلاً عن جماعات الضغط اليهودية- الأميركية التي أغدقت عليها قطر بالأموال، على بث رسائل إعلامية كاذبة ومضللة مفادها أن قطر هي أقوى حليف للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، كما نشطت في تأسيس أذرع إعلامية موالية للنظام القطري، وشراء صفحات كاملة في كبريات الصحف الأميركية، غير أن كل تلك المحاولات فشلت في تحسين الصورة القبيحة لنظام الحمدين. وفي هذا الإطار أوضح خبراء سياسيون سعوديون أن المساعي التي يبذلها النظام القطري للاستعانة بحاخامات وناشطين يهود أميركيين في سبيل تبرئته من تهم تتعلق بدعم تنظيمات إرهابية في فلسطين، وبعض الدول العربية، يأتي في إطار عملية «غسيل سمعة» من العلاقة التي كانت من أسباب اتهامه بـ«الإرهاب» وفق المقياس الخليجي، وهو في حد ذاته يؤكد التنسيق الخفي بين الدوحة وتل أبيب. وأوضحوا في تصريحات لـ«الاتحاد» أن «ميكافيلية» النظام القطري المستندة على شراء ولاءات يهودية أميركية لتحسين صورته البشعة ومحاولات الضغط على الرباعية العربية قد فشلت فشلاً ذريعاً، مؤكدين أن لجوء النظام القطري إلى الاستعانة بشركات العلاقات العامة وشراء ولاءات بعض الحاخامات والناشطين اليهود الأميركيين وتبديد أموال طائلة عليهم وعلى مؤسساتهم، على أمل استغلال النفوذ اليهودي لإنهاء المقاطعة المفروضة عليه، مصيرها الفشل، مشيراً إلى أن اليهود سوف يستمتعون بأموال الشعب القطري دون أن يقدموا للنظام الداعم للإرهاب أي شيء. وقال أستاذ العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الأميركية بجامعة الملك عبد العزيز د. أسامة مطرفي، إن قطر عملت على بناء شبكة علاقات داخل مراكز الأبحاث الأميركية، وبعضها هامشي في أميركا، وذلك في محاولة لتشويه وإجهاض مقاطعة دول الرباعية التي أنهكت الاقتصاد القطري وجعلته يترنح وفي طريقه للانهيار، مشيراً إلى أن نظام الحمدين لجأ إلى شراء برامج بحثية داخل مراكز قائمة، وشراء ولاءات باحثين داخل مراكز مهمة ومؤثرة، إضافة إلى شركات محاماة منها شركة «أشكروفت للمحاماة» لإشراك جون أشكروفت، النائب العام الأميركي السابق، في استقطاب دعم وخبرة قادة الحكومة الرئيسيين السابقين، لمواجهة المقاطعة العربية. وأضاف أن كل هذه الجهود ستذهب أدراج الرياح أمام الحقائق الدامغة التي قدمتها دول الرباعية، الداعية لمكافحة الإرهاب، للمجتمع الدولي حول دعم النظام القطري للإرهاب الدولي، وتمويله لتنظيم داعش وجبهة النصرة والحوثيين والقاعدة، وغيرها من التنظيمات الإرهابية في سوريا واليمن ومصر وليبيا، واستضافة عناصر من هذه التنظيمات في قطر وتزويدها بالأموال والسلاح. وأوضح مطرفي أن النظام القطري استضاف عدداً من القادة اليهود والمنظمات اليهودية واجتمع بهم في فنادق الدوحة وأغدق عليهم أموالاً طائلة، وسرد لهم قصصاً وهمية حول ما يسميه بالحصار و«مظلومية» قطر ومحاولة الرباعية لإخضاعها وغير ذلك من القصص، وطلب مساعدتهم بما لديهم من تأثير سياسي وإعلامي في الولايات المتحدة الأميركية، غير أن المجتمع الدولي أصبح واعياً بممارسات النظام القطري، ما يجعل الرهان على الأذرع الإعلامية والسياسية في الخارج فاشلاً بامتياز. ومن جهته أوضح د محمد عبد الله آل الزلفة، عضو مجلس الشورى السعودي السابق، أن قطر حاولت جاهدة في سبتمبر من العام الماضي، وعلى هامش انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن تجتمع أو تقترب من زعماء «أيباك»، والسعي من خلالهم لترويج أكاذيبها حول أوضاعها شرق أوسطياً وخليجياً وتصوير نفسها ضحيةً في الأزمة التي تسببت هي في صنعها في المنطقة، من خلال إصرارها على دعم وتمويل الإرهاب والتدخل في شؤون جيرانها. وأشار إلى أن الدوحة في المقابل وعدت وفداً أميركياً يهودياً زار الدوحة أواخر العام الماضي بعدم بث فيلم وثائقي أعدته قناة الجزيرة عن «اللوبي الإسرائيلي» في واشنطن، بحسب ما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، كما أن خبير العلاقات العامة وسط لوبيات واشنطن «نك موزين»، الذي تستعين به قطر في حملة تحسين الصورة والتقارب مع الجالية اليهودية بالولايات المتحدة، قد نصح السلطات القطرية بعدم بث الفيلم الوثائقي حتى لا يثير غضب المنظمات اليهودية، فامتنعت قناة الجزيرة عن بث الفيلم وذلك رغم أنها سبق أن وعدت مشاهديها بإذاعته وبثت أخباراً وإعلانات في هذا الخصوص. وأكد آل الزلفة أن هذه هي طريقة النظام القطري الذي دأب علي شراء الولاءات وآخرها دفع أموال لشركة علاقات عامه في أميركا لتحسين صورة قطر بعد أن أصبحت سيئة السمعة بسبب دعمها للإرهاب وكشف دول المقاطعة لها ولمخططاتها الخبيثة، وقال: «يبدو أن النظام القطري لا يعرف غير لغة استخدام المال لشراء الولاءات ظناً منه أن هذه هي الطريقة التي سوف تعطي لقطر حجماً أكبر من حجمها رغم أن التاريخ والجغرافيا لا يمكن شراؤهما بالمال». ومن جانبه قال د. سعيد بن علي الغامدي، الخبير الاستراتيجي، إنه لم يعد خافياً على متابعي السياسة في المنطقة أن قطر تصب أموالاً طائلة في الولايات المتحدة للتأثير في السياسة الخارجية لواشنطن من خلال الجامعات، ومراكز الأبحاث، وبالطبع جماعات الضغط، مشيراً إلى أن الذراع الإعلامية لقطر وهي قناة الجزيرة أظهرت تناقضاً صارخاً في خطابها الإعلامي بين قناتيها بالعربية والإنجليزية، وذلك بتقديم رسالة تغازل اليهود والأميركيين والغرب عموماً عبر قناتها الإنجليزية، والنقيض من ذلك عبر قناتها باللغة العربية. وقال إن تناقضات الخطاب الإعلامي بين قنوات شبكة الجزيرة وهي (وكالة دعاية تتنكر في هيئة قناة إخبارية)، ولاسيما بين قناتيها العربية والإنجليزية، ملاحظٌ في أوساط المهتمين والباحثين في الشأن الإعلامي والسياسي، وهو أمر مقصود ضمن استراتيجية الشبكة الإعلامية المنبثقة عن الرؤية السياسية لدولة قطر. وأوضح أن قناة الجزيرة ترسخ في برامجها وأخبارها بالعربية صورة قطر المدافعة عن الحق العربي، والداعمة لمحاور المقاومة ضد الأطماع والهيمنة من إسرائيل والدول الغربية، أما على قناة الجزيرة الإنجليزية، فإنها لا تستخدم أياً من هذه المفردات بل تقدم خطاباً إعلامياً مناقضاً لما تبثه عبر قناتها العربية، فالمحتل اسمه «إسرائيل»، والمقاومون هم «فلسطينيون»، والشهيد بات في معجم القناة «مقتولاً». أما الباحثة السعودية المتخصصة في الدراسات الدولية د. نوال القحطاني فقد اعتبرت أن شراء قطر لولاءات بعض الناشطين اليهود الأميركيين وتوظيف شركات علاقات عامة وشركات محاماة كبرى في الولايات المتحدة، وتقديم خطاب مزدوج عبر قناتيها العربية والإنجليزية، كلها سياسات أثبتت فشلها في إنقاذ النظام القطري من ورطته، مشيرة إلى أن الأنشطة القطرية باتجاه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة أظهرت استماتة قطرية لاستخدام كافة الأوراق المتاحة بأي ثمن للخروج من المأزق الذي بات يثقل وضع قطر الداخلي، كما يؤثر على سمعتها في العالم وعلى مستقبل علاقاتها الدولية. وأشارت إلى تقارير موثوقة كشفت محاولة النظام القطري الاستعانة باللوبي اليهودي للضغط على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقلب موقف واشنطن جذرياً لصالح قطر، موضحة أن قطر تحاول كسب حكومة ترامب، من خلال استخدام شركات الضغط تارة والاستثمارات الجديدة تارة أخرى. وأكدت أن الخطط القطرية بشراء الولاءات الغربية واليهودية بالمال لن تنجح؛ لأن السياسات تقوم على المصالح الاستراتيجية العليا والدائمة وليس على مواقف تشترى بالمال، مشيرة إلى أن دبلوماسية الشيكات لن تنجح في إنقاذ قطر من ورطتها، فضلاً عن تعزيز موقعها السياسي إقليمياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©