الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوق الاثنين في النبطية.. مقصد الفقراء وذاكرة الزمن الجميل

سوق الاثنين في النبطية.. مقصد الفقراء وذاكرة الزمن الجميل
16 ديسمبر 2013 21:00
عماد ملاح (بيروت) - مَن مِن الجنوبيين في لبنان لا يعرف سوق الاثنين في النبطية، الذي تختال فيه المدينة بيوم يختلف عن بقية أيام الأسبوع، وهذا ما يؤهلها للتربع على عرش حركة البيع والشراء، وفي «عجقة» لافتة وعفوية من دون أية شروط مسبقة في الحركة التجارية التي تعم المدينة ضمن تقليد أصبح ثابتاً ينتظره الجميع بحنين وشوق، عندما يصبح للسلع المعروضة بكافة تشكيلاتها معنى وقيمة، وأول المستفيدين منها الطبقة الفقيرة والمعدمة، التي ترى في رخص الأسعار قياساً على بقية الأسواق الشعبية فرقاً شاسعاً في الدفع والشراء. ذيوع الصيت سوق الاثنين في النبطية قديم جداً، يقول أحد البائعين فيه، رفيق وهبي، إنه يعود إلى العصر المملوكي، حيث ذاع صيته حتى وصل إلى فلسطين، فكان تجار المناطق يتوافدون إلى المدينة قبل ثلاثة أيام من موعده، محملين بسلع وبضائع وحاجيات تضم نتاجات حرفية وزراعية من صنع أيادي أهالي ساحل عكا وصفد وساحل الحولة، ووادي التيم في البقاع وحوران محملة على ظهور الدواب. فهذه كانت وسيلة النقل الوحيدة المتاحة في تلك الأيام، إضافة إلى تزويد السوق بقطعان ماشية وأبقار وأقمشة مستوردة من مصر وتركيا وجلود وحبوب وتوابل وطيور وخردوات، وفواكه وفخاريات وخضراوات طازجة و»مونة» بيتية جديدة في أصنافها، عليك أن تحجز كمياتها قبل أسابيع لأن الطلب عليها كثيف جداً، والإقبال لا يكفي حاجات الاستهلاك ورغبات القاطنين في النبطية والجوار. وهذه الصورة الشعبية يزداد بريقها في»سوق الاثنين»، وتجار المدينة والبائعون المتجولون وأصحاب البسطات في السوق المذكور، يحفظون غيباً خريطة انتشارهم في الساحات التي «يفرشون» فيها بضائعهم إلى جانب الملعب المجاور، الذي يضم في أوقات أخرى مواسم مثل المهرجانات والمسرحيات والمسيرات على أنواعها. ويجاور سوق الاثنين في النبطية عدة أسواق شعبية أخرى لها سمعتها وأهميتها وانتشارها وأيضاً قدمها، مثل سوق الخميس في بنت جبيل، وسوق الخان الذي يقام كل ثلاثاء في حاصبيا، إلى جانب أسواق ملأت أيام الأسبوع، بعضها محلي ومحدود والبعض له مكانته واسمه ولكن ليس بقدر الأسواق الرئيسية في النبطية وبنت جبيل وحاصبيا. مثل سوق الأربعاء في ميس الجبل والطيبة، وسوق الخميس في الخيام، وسوق السبت في كفركلا ومجدل سلم، والجمعة في العديسة، والأحد في برج الملوك - القليعة، والجمعة في تبنين، والعودة إلى الإثنين في شقرا والثلاثاء في حاريص قبل الظهر وبعد الظهر في يارون، وصولاً إلى سوق جويا المعروف منذ سنة ألف وتسعمئة وعشرين، وسوق قانا الذي يقام نهار الأحد وهو تقليد سائد منذ ثلاثمئة سنة. وهناك أسواق شعبية في معركة «الأربعاء» والعباسية «الجمعة» والشهابية «الخميس» وجباع «الجمعة». جاذبية الشراء الطريف في سوق الاثنين في النبطية أن بعض أصحاب المحال التجارية أصبحوا يستأجرون بعض العمال في هذا اليوم لعرض نماذج من سلعهم وبضائعهم على الأرصفة، لما للأخيرة من جاذبية الشراء، مع العلم أن أصحاب المحال يقولون إنهم يبيعون بنفس الأسعار التي يبيعون بها داخل محالهم، وذلك حفاظاً على السمعة. وبعض التجار في النبطية يشاركون في أسواق شعبية أخرى تقام في أيام غير الاثنين، مثل أسواق الخيام وبنت جبيل والخان وجباع والعديسة. وسوق الاثنين في النبطية يشكل دعوة مجانية إلى تقليد ثابت وقديم عرفته المدينة منذ «طفولة» إنشائها، تعرض فيه منتوجات وحرفيات وسلع وبضائع تروي بصمت ألف حكاية وحكاية، لبسطات أرصفة تحولت إلى سوق تفوح منه ذكريات الماضي الجميل الذي لا يزال يحمل الحنين إلى الأمس والحاضر والمستقبل. وسوق الاثنين عبارة عن رجوع إلى القديم بجماله ورونقه، بيع وشراء وتبادل حاجيات لا يسمع بها إلا في هذا اليوم التي تتم فيه حركة البيع والشراء بشكل عفوي وطبيعي، لسلع من مختلف الأنواع تنتظر من تجذبه ليشتريها، فكل البضائع تعتبر شاهدة على حقبة من حياة أيام وناس. ويقول أحمد فقيه، أحد الباعة في سوق الاثنين، إنه يزاول مهنة بيع «الخردوات» منذ فترة طويلة، وهو يبيع قطعاً قديمة يعود تاريخ صناعتها إلى سنين ماضية. أما سعيد حوماني فيتحدث عن حركة البيع والشراء في السوق الشعبي في النبطية فيصفها بالجيدة حيث الزبائن من كل الأعمار والنساء أكثر من الرجال، والبضائع لديه رخيصة وباستطاعة جميع طبقات المجتمع الشراء. ويكشف محمد سلوم أن إقبال الجيل الجديد من الشبان وحتى الفتيات أصبح يفوق زبائن الجيل القديم. ويفسر حبيب سويدان أن بعض الزبائن يقصدون سوق الاثنين في النبطية من بيروت والبقاع والبعض منهم يهتم بالسلع والأغراض القديمة، لكنهم يساومون كثيراً على الأسعار، في اعتقاد أن كلمة سوق شعبي تعني أن السلع يجب أن تباع بشكل شبه مجاني وهذا غير معقول. ركيزة مهمة رئيس جميعة تجار النبطية وسيم بدر الدين اعتبر أن سوق الاثنين أصبح ركيزة مهمة وثابتة وتقليدا قديما عرفته المدينة لأنه يحمل تراثاً شعبياً، وأصبح من صميم العادات المعروفة التي تشتهر بها النبطية، حيث تزدان في هذا اليوم بحركة ناشطة بالبيع والشراء والتجارة على أنواعها، فيتوافد الباعة إلى المدينة ويفترشون الأرصفة التي تعرض مختلف السلع والبضائع الصناعية والزراعية والغذائية، إضافة إلى أدوات كهربائية ومنزلية و»بالات» ثياب وأحذية وخرداوات وفخاريات ومطرزات، حتى أنه أصبح للماشية والدواجن سوقها ونصيبها من قبل أصحاب محال اللحوم والدجاج والطيور. ويضيف «حافظنا على سوق الاثنين الشعبي لكننا نعمل ضمن الإمكانات المتاحة على تنظيم حركة البسطات بشكل مريح ومن دون عوائق وعقبات، بحيث إن الجميع يشعرون بحرية التنقل وشراء ما يريدون بسهولة وراحة بال».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©