الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«بيجيدا»: الشعبوية في شرق ألمانيا

26 ديسمبر 2014 22:36
يحتج آلاف الأشخاص كل يوم اثنين في مدينة درسدن الألمانية على ما يقولون إنه تهديد من خطر التشدد الإسلامي. وفي يوم الاثنين الماضي بلغ عددهم رقماً قياسياً حيث وصل إلى نحو 17500 محتج. وتنظم الاحتجاج جماعة يطلق عليها «الوطنييون الأوروبيون ضد أسلمة الغرب» التي تعرف اختصاراً باسم «بيجيدا». وهذه الجماعة ليست مجرد صورة نادرة تعكس الخوف الشائع في ألمانيا من الأجانب وإنما هي دليل على التباين الشديد بين شرق ألمانيا وغربها على رغم مرور الذكرى الخامسة والعشرين لسقوط جدار برلين في نوفمبر الماضي. واحتجاجات «بيجيدا» التي تكتسب زخماً في درسدن منذ أسابيع قد لا تخالف المألوف أحياناً مقارنة بالمناطق الأخرى. وقد فوجئت مدينة كولونيا الغنية في غرب ألمانيا بمسيرة مشابهة في نهاية أكتوبر الماضي، كما ظهرت أحياناً وقائع تدل على عدم التسامح في العاصمة الألمانية برلين وغيرها. ودرسدن هي المدينة التي ينظم فيها النازيون الجدد مسيرتهم السنوية منذ فترة طويلة. ولكن قوة حضور «بيجيدا» في درسدن تؤكد الفجوة بين شرق ألمانيا وغربها. فالشرق يعاني من معدلات أعلى من البطالة والإقصاء وفيه أعداد أقل بكثير من المهاجرين، وهذا يؤدي إلى درجة أقل من التسامح. ويخشى بعض المراقبين أن تذكي المسيرات هنا التوترات في نهاية المطاف ليستغلها الشعبويون. إنه توازن دقيق للأحزاب السياسية من التيار الرئيسي في بلد ظل حتى الآن جاذباً للأجانب ويحتاج إليهم بشدة. ويعتقد «هاويو فونكه» أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الحرة في برلين أن «ألمانيا الشرقية ليست لها خبرة كبيرة في المهاجرين كباقي البلاد... لم يختلط سكانها كثيراً بالمهاجرين وهذا ما يجعلهم يسقطون مخاوفهم وإحباطاتهم على الآخرين». والمشهد الألماني العام مرحب بالأجانب عادة خاصة عند المقارنة بباقي أوروبا. فقد أشار مسح للتوجهات عبر الأطلسي قام به صندوق «مارشال» الألماني إلى أن ثلثي الألمان يقولون إنهم ليسوا قلقين من المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي. وبلغت نسبة الألمان المستعدين لتخفيف السياسات التي تقيد اللجوء 31 في المئة وهي أعلى النسب بين الدول التي شملها المسح. ويرى «فونكه» أن على الزعماء السياسيين التحلي «بالكفاءة في الاستجابة لحاجات الشعب في جانب، والاستجابة للاجئين وإنصافهم في الجانب الآخر». وقد هاجمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مسيرات درسدن الأسبوع الماضي قائلة إنه «لا مكان لنشر الكراهية وتشويه السمعة ضد أشخاص يأتون إلينا من دول أخرى». وفي هذا الأسبوع شارك عشرة آلاف شخص في ميونيخ في مسيرة مناهضة ل«بيجيدا». ولكن مسيرات «بيجيدا» تلقي الضوء على قطاع من السكان لا يشارك باقي المجتمع المزاج العام السائد. ويعتقد بعض الألمان أن المسيرات لا تعكس الخوف من الإسلام بل الخوف من المجهول. فمع مسيرة كل يوم اثنين في درسدن تخرج مظاهرة مقابلة ينظم بعضها «فايت كوهنه» الذي أسس جماعة الأصدقاء الدوليين- درسدن في أكتوبر 2013. ويعتقد «كوهنه» أن سكان ألمانيا الشرقية يحتاجون لمزيد من الخبرة بالمهاجرين حتى يتجاوزوا سوء الفهم. فكثيرون من المهاجرين في درسدن على سبيل المثال جاءوا للدراسة والعمل وهم يدعمون الاقتصاد ولا يضرون بالسكان المحليين. ويشير عمر فالديز جارثيا الذي يدرس السياسة في درسدن والقادم من إسبانيا إلى أن الفترة الوحيدة التي ارتفع فيها عدد المهاجرين في ألمانيا في التاريخ الحديث مثل الآن كانت في تسعينيات القرن الماضي مع تدفق مهاجرين من الكتلة السوفييتية السابقة. وهذه الفترة واكبت مرحلة انتقالية وأزمات لسكان شرق ألمانيا مع نهاية الدعم الحكومي وارتفاع معدلات البطالة. ويشرح فالديز كلامه مؤكداً أن العمال الذين كانوا أكثر الطبقات تضرراً بدأوا في «إلقاء مسؤولية ما هم فيه على الأشخاص الوحيدين الأقل منهم وهم المهاجرون»، وأضاف أنه مع الأزمة المالية لعام 2008 عاود الاستياء القديم الظهور من جديد. ريتشل شتيرن - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©