الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

سالم بن عبدالله.. الإمام الزاهد

26 ديسمبر 2014 00:25
أحمد مراد (القاهرة) حفيد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الإمام الزاهد، ومفتي المدينة، من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم، كان أشبه الناس بجده أمير المؤمنين. هو سالم بن عبدالله بن عمر المكني بأبي عمر، ولد في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان شغوفا بالعلم ورواية أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فروى عن أبيه، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأبي هريرة، وزيد بن الخطاب، وسعيد بن المسيب. وعُرِف سالم بزهده وورعه، وقال عنه الإمام مالك: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه، وقال سعيد بن المسيب: كان عبدالله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبدالله بن عمر به. ويعد سالم من علماء أهل المدينة، ومرجع أهلها في الفتوى، وقال عبدالله بن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة، سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت، وقال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعا فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون، وكان مجلسه ومجلس القاسم بن محمد في مسجد رسول الله واحدا تجاه خوخة عمر بين القبر والمنبر. تلقى العلم على يدي سالم عدد كبير من كباء الأئمة والفقهاء أمثال ابن شهاب الزهري، وعبيد الله بن عمر، وعمرو بن دينار، وسالم بن أبي الجعد. ثياب غليظة دخل سالم على الخليفة سليمان بن عبد الملك، مرتديا ثيابا غليظة رثة، فلم يزل سليمان يرحب به ويرفعه حتى أقعده على سريره، وعمر بن عبدالعزيز في المجلس، فقال له رجل من الناس، ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه، يدخل فيها على أمير المؤمنين؟ قال: وعلى المتكلم ثياب ثرية، ولها قيمة، فقال عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي. وفي مرة دخل هشام بن عبد الملك في حجر الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبدالله فقال لسالم سلني حاجة، فقال: إني لأستحيي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره، فقال له: الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة، قال: من حوائج الدنيا فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها، وكان سالم خشن العيش يلبس الصوف الخشن، يعالج بيده أرضا له وغيرها من الأعمال ولا يقبل من الخلفاء متواضعا وله من الزهد والورع شيء كثير. زاهد في الدنيا وبلغ من زهده أنه لم يكن ليجمع شيئا إلا للدار الآخرة، وكان ما في بيته من أساس لا يساوي شيئا فقد آثر أن يجهز داره في الآخرة، ودخل عليه ميمون بن مهران فقوّم كل شيء في بيته فما وجده يساوي مئة درهم. ويروي عطاء بن السائب أن الحجاج دفع إلى سالم بن عبدالله سيفا وأمره بقتل رجل فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال: نعم امض لما أُمرت به، قال: فصليت اليوم صلاة الصبح؟ قال: نعم قال: فرجع إلى الحجاج فرمى إليه بالسيف، وقال: إنه ذكر أنه مسلم وأنه قد صلى صلاة الصبح اليوم، وإن رسول الله قال: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله قال الحجاج: لسنا نقتله على صلاة الصبح، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان قال سالم: ها هنا من هو أولى بعثمان مني فبلغ ذلك عبدالله بن عمر فقال: ما صنع سالم؟ قالوا صنع كذا وكذا فقال بن عمر: مكيس مكيس. كتابه إلى الخليفة ولما آلت الخلافة إلى عمر بن عبدالعزيز كتب سالم إليه يقول: يا عمر، فإنه قد ولى الخلافة والملك قبلك أقوام فماتوا على ما قد رأيت، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون، فانفقأت عينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها، واندفنت رقابهم غير موسدين بعد لين الوسائد وتظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم، وانشقت بطونهم التي كانت لا تشبع من كل نوع ولون من الأموال والأطعمة، وصاروا جيفا بعد طيب الروائح العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم أحياء لتأذى بهم ولنفر منهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والثياب الفاخرة اللينة، كانوا ينفقون الأموال إسرافًا في أغراضهم وأهوائهم ويقترون في حق الله وأمره، فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون مرتهنون بما عليهم وأنت غير محبوس ولا مرتهن بشيء فافعل واستعن بالله ولا قوة إلا بالله سبحانه. وتوفي سالم بن عبدالله سنة 106 هجرية في آخر ذي الحجة ودفن في البقيع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©