الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرخصة الشرعية في الإسلام للتيسير على الناس ورفعاً للحرج

15 ديسمبر 2011 20:33
(القاهرة) - الفقه الاسلامي مليء بالقواعد التي تهم المسلمين بوجه عام، والفقهاء والعلماء بوجه خاص للاستعانة بها في استخلاص الأحكام الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفيها كثير من اللطائف ومنها قاعدة «الرخص لا تناط بالمعاصي». وقال الدكتور أحمد محمود كريمة استاذ الشريعة بجامعة الأزهر حول قاعدة «الرخص لا تناط بالمعاصي» إن الرخصة في اللغة التيسير وفي اصطلاح الشرع هي ما وسّع للمكلف في فعله لعذر عجز عنه مع قيام السبب وضدها العزيمة وهي في اللغة القصد المؤكد، أما في الاصطلاح الشرعي فهي ما شرع من الاحكام الكلية ابتداء بدليل شرعي، فأفعال العباد إما عزيمة وإما رخصة وقد اشار إلى ذلك الحديث الشريف«إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه». وأشار الدكتور أحمد محمود كريمة إلى أن الرخص شرعت في الاسلام للتيسير على الناس ورفعا للحرج والمشقة مشيراً إلى قوله تعالى«شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون» البقرة الآية 185. التخفيف والتيسير كما أشار إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله تعالى لم يبعثني معّنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا»، موضحاً أنه إذا كانت الرخص قد شرعت للتخفيف والتيسير رحمة للناس، فإن العاصي لله تعالى والمخالف لأوامره لا يستحق أن ينال من هذه الرخص شيئا، ولذلك وضعت هذه القاعدة العظيمة«الرخص لا تناط بالمعاصي». وقال إن معنى القاعدة أن الأخذ بالرخصة من قصر الصلاة مثلا أو الفطر في رمضان، وأكل المحرمات أو شربها في حالات الضرورة، يتوقف على وجود شيء معين، فإن كان مباحا ترتبت عليه الرخص، أما إن كان حراما فلا ترتبط به الرخص، لان الرخصة تكريم وتيسير، والعاصي ليس أهلا لذلك. لطائف الفقه وأوضح الدكتور أحمد محمود كريمة استاذ الشريعة بجامعة الأزهر أنه من لطائف هذه القاعدة الفقهيه أن من كان عاصيا بسفره، أي سافر سفرا قاصدا فيه فعل ما يخالف شرع الله تعالى لا يستبيح بسفره هذا شيئا من رخص السفر، من القصر والفطر والتنقل على الراحلة، وترك الجمعة، واكل الميتة اذا اضطر لذلك وسائر ما يترخص فيه بسبب السفر. ومن لطائف هذه القاعدة ايضا ان العلماء فرقوا بين العاصي بالسفر، والعاصي في السفر، فإن العاصي بالسفر هو الذي يكون سفره في بدايته مقصودا به المعصية، وهذا هو الذي لا يستحق ان تترتب عليه الرخص. وأضاف: أما العاصي في السفر فهو الذي يكون سفره مشروعا ولكن ارتكب فيه شيئا من المعاصي، وهذا وإن كان يعاقب على ارتكاب المعاصي، إلا انه يستحق الترخيص، لان السفر الذي ارتبطت به الرخصة ليس معصية، لكنه مشروع والرخصة من الاحكام المرتبطة بسبب من الاسباب، فحيث وجد السبب ترتب عليه مسببه، ومنها: لو جن المرتد، وجب عليه قضاء صلوات ايام الجنون اذا عاد للسلام، بخلاف ما اذا حاضت المرتدة لا تقضي صلوات أيام الحيض، لان سقوط القضاء عن الحائض عزيمة وعن المجنون رخصة والمرتد ليس من أهل الرخصة. ومنها أيضا: لو القى انسان نفسه فانكسرت رجله وصلى قاعدا فهناك رأي يقول يجب القضاء لعصيانه والأصح لا. ومن مظاهر رحمة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في التشريع، ما شرعه من رخص لأصحاب الأعذار، عند تطبيقهم للأحكام الشرعية، وكما أن الرخصة في اللغة معناها اليسر والسهولة هي في الشريعة عبارة عما وسع للمكلف في فعله لعذر، وعجز عنه مع قيام السبب المحرم، أو «مَا أُرْخِصَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ حَرَامًا»، كتناول الميتة عند الاضطرار، وسقوط أداء صيام رمضان عن المسافر، وهو المعنى الحقيقي للرخصة، ويقابلها العزيمة . وشرع الإسلام الرخص لرفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة لفقدان المصالح الضرورية، ورفع الحرج مقصد من مقاصد الشريعة وأصل من أصولها، فإن الشارع لم يكلف الناس بالتكاليف والواجبات لإعناتهم أو تحصيل المشقة عليهم، وقد دل على ذلك القرآن والسنة وانعقد الإجماع على ذلك، فمن القرآن قوله تعالى «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم» المائدة6 وضرب القرآن مثالاً للرخصة في قوله تعالى«فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لّإثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»المائدة 3 ، فمن ذلك الإفطار في السفر أيام رمضان، وقصر الصلاة المفروضة في السفر، فتصلي الصلاة الرباعية بركعتين فقط حال السفر، والمسح على الخفين في الوضوء، والتيمم بالتراب إذا فُقد الماء للوضوء أو إذا كان المسلم مريضاً.. كما في قوله تعالى«وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً»النساء 43.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©