الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء الدين: تمييز الوالدين للذكر على الأنثى جهل وسبب للتفرقة

علماء الدين: تمييز الوالدين للذكر على الأنثى جهل وسبب للتفرقة
15 ديسمبر 2011 20:27
أكد علماء الدين استمرار شكاوى الإناث من التفرقة بينهن، وبين إخوانهن الذكور في حياة الأب أو حتى بعد وفاته، كأن يخصص للذكور مسكن دونهن، فإذا ما طلقت أو شعرت بضيق لا تجد لها المأوى، أو يحابون الذكر ويفضلونه على اعتبار أنه رجل، ولا بد من إعداده والاهتمام به، أو أن يهب الأب الذكور أشياء في حياته بخلاف البنات، وغير ذلك من السلبيات التي توقع البغضاء والحقد والحسد في نفوس الفتيات. وتهدد صلة الأرحام وكيان وبناء الأسرة المسلمة. وطالبوا بالمساواة بين الأبناء ذكوراً وإناثاً، وعدم التمييز بينهم في المعاملات اليومية، والالتزام بما ورد بالقرآن الكريم والسنة النبوية في مسائل الميراث الشرعي. (القاهرة) - أوضح علماء الدين أن التمييز بين الأبناء، وتفضيل الذكور على الإناث، هو من بقايا الجاهلية واستمرار لها، حيث كانت المرأة بلا قيمة، والإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً، وأكد أن تربية البنات هي الطريق إلى الجنة ومفتاحها. وحذر علماء الدين والنفس والاجتماع من خطورة التمييز بين الأبناء، لأن ذلك يجعل الأبناء غير أسوياء، ويخلق بينهم الحقد والتفكك، ويضيع المودة والحب. وقال الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية إن قضية التمييز بين الذكور والإناث، أو بين الإخوة عموما مثل النار تحت الرماد، مختبئة لكنها لا تخمد، وخطر يمكن أن ينفجر في أي لحظة، وقنبلة موقوتة تهدد الأسرة والمجتمع، وتعود به إلى عصر الجاهلية الأولى عندما كان الذكر هو المسيطر وصاحب المميزات والأمر والنهي، والأنثى شيء مهمل لا قيمة له. نوع من الجاهلية وأكد الدكتور واصل أن هذا السلوك المقيت، نوع من الجاهلية التي ظننا أنها انتهت، منذ أن ذم الله السلوك الجاهلي القديم تجاه الإناث، مشيراً إلى أن هذا السلوك نوعاً من التمييز الذي جاء الإسلام للقضاء عليه عمليا وليس بالكلام، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من ذكر أسماء زوجاته وبناته ونحن مازلنا نرددها حتى اليوم من دون أن يكون في ذلك أي خجل، ولم يتم الاكتفاء بذلك وإنما في القرآن سورة باسم «مريم» وسورة باسم «النساء» ولم يسم سورة باسم «الرجال» وأثنى على كثير من النساء عبر التاريخ البشري. ويستعرض الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بعض النصوص الشرعية المؤكدة للمساواة بين الذكر والأنثى قائلاً إنها أكثر من أن تحصى ويأتي على رأسها التشريع الإلهي«يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، وجعل الله إيذاء المسلمين ذكوراً أو إناثاً حراماً شرعاً، فقال:«والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً»، وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاحتفاء بالإناث في حياته الشخصية، حيث احتضن بحنانه زوجاته وعلى رأسهن خديجة وعائشة وبناته وعلى رأسهن فاطمة، فهؤلاء هن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل«من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة»، وقال أيضا«اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». وكرر في أحاديث أخرى وصيته الخالدة «استوصوا بالنساء خيرا» وقال كذلك «إنما النساء شقائق الرجال»، وحث على الإحسان إليهن في كل مراحل عمرهن. حقوق ثابتة وأوضح الدكتور بيومي، أن المبدأ العام عدم التفرقة فى الحقوق والواجبات، فحقوق البنت والولد متساوية تماما في المأكل والمشرب والرعاية الاجتماعية وهذه حقوق ثابتة لجميع الأبناء على حد سواء في حياة الأب، فعن النعمان بن بشير رضى الله عنهما قال: وهب لي أبى هِبَة فقالت أمي، عمرة بنت رواحة رضى الله عنها: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أم هذا أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها. فقال صلى الله عليه وسلم يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: كلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال فأرجعه. وفي رواية:«اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم»، ثم تأتي نفقات كل من الولد والبنت عند زواجهما، فالبنت لها أن يزوجها أبوها ويجهزها، أما مسؤولية السكن فتقع على الزوج، لكن الولد عليه إحضار السكن، ومن ثم يسهم الأب مع ابنه في إحضاره، لأن الولد ملزم به، أما البنت فهى غير ملزمة. وإذا كانت قضية الإنفاق على البنت بعد زواجها سبباً في كثير من الاتهامات الموجهة للآباء بالتمييز بين الابناء والبنات، فإن الدكتور رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يرى أن إنفاق الأب على ابنته ينتهي بعد زواجها، لأن هناك من سيعولها وهو زوجها، أما الولد فعليه أن يعمل بعد بلوغه وانتهاء تعليمه ليحصل قوته، وهنا يجب ايضا أن نشير إلى أن بناء سكن للبنت مثل الولد أو تخصيصها بعطية مثله يعود لاستطاعة الأب، فإذا كانت سعة الأب تسمح ببناء سكن لجميع الأبناء فليفعل للذكور والإناث، أما إذا كان ضيق ذات اليد لا يجعله يفعل ذلك إلا مع الذكور فقط فلا غبار على الأب في ذلك، ولكن على الأب أن يحاول ليكون هناك سكن للبنت تجده وتستريح فيه عند الضيق. ويضيف: المسلم الحق الحريص على مرضاة الله وثوابه لا يفرق في حبه وعطفه بين أبنائه، ولا يؤثر ببره أحداً على أحد، وبصفة خاصة لا يؤثر الذكر على الأنثى عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة»، فالعدل بين الأبناء يترك أحسن الأثر في نفوسهم، ويطهر قلوبهم ويصفي الحب والمودة بينهم، وينزع من صدورهم الغل والحقد والحسد. الميراث ويؤكد فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية أن التفريق بين الرجل والمرأة كان في الجاهلية التي عافانا الله منها، فجاء الإسلام ووضع لكل من المرأة والرجل حقوقا، فمن حق كل منهما أن يستوفى حقه، فإذا عدنا إلى حرمان المرأة من ميراثها وحقوقها التي شرعها الله لها فقد وقعنا فيما حرم الله علينا قال تعالى: «لِلرِّجَالِ نَصِيِبٌ مِّمَّا ترَكَ الْوَالدَانِ وَالأقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِّمَّا ترَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا» «النساء : 7»،. ومن ثم ينبغي علينا ألا نتعدى حدود الله تحت دعوى أن البنت ستتزوج ولا داعي لأن تأخذ نصيبها في السكن كالولد، ثم لنفترض أن زوجها طلقها أليس من الأكرم أن يكون لها سكن ملك لها تأوي إليه وتعيش فيه كريمة معززة، ولا تتضايق هنا وهناك، هذه تقبلها وتلك ترفضها؟ بناء المسكن كما يؤكد أنه من الواجب على من يبني بناء، سواء أكان كبيرا أم صغيراً أو يعطى عطية كثيرة وقليلة، أن يفعل ذلك للجميع، سواء أكان ذكراً أم أنثى، فعن أنس رضي الله عنه أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه، وجاءت ابنة له فأجلسها بين يديه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:«ألا سويت بينهما». وكما قال النبى صلى الله عليه وسلم:«سووا بين أولادكم فى العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء»، ويجب على الأب أن يوصي وصيته من بند واحد فقط، فيقول فيها: توزع تركتي -ثم يسميها ويعرف بها، على جميع الورثة من أبناء وبنات وزوجة كما فرض الله عز وجل وشرع، أما غير هذا فالعاقبة شديدة والبلاء خطير والمسؤولية بين يدى الله عظيمة، حيث لا واسطة بين العبد وربه وهو سائله لِمَ تجاوزت الحدود؟! أما الدكتور مبروك عطية -الأستاذ بجامعة الأزهر، فيرى ضرورة مساواة الأب بين أبنائه الذكور والإناث في حياته في كل شيء، مدللاً على ذلك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:«ساووا بين أبنائكم في القُبَل». إلى جانب أن يراعي الأب الظروف الاجتماعية للفتاة، وما قد تستقر عليه حياة البنت في المستقبل. تقسيم الميراث محدد شرعاً ولاجدال فيه قال محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية إن الولد يجاهد ويكافح وليس في قدرة البنت أن تقوم بهذا، فالقضية ليست قضية ميراث ولكنها قضية حياة لا بد فيها من الاطمئنان على الفتاة وسترها، لأنها أكثر حاجة لهذا من الولد، ففي الحياة لا بد من العدل والمساواة، أما في تقسيم الميراث فلا يحتاج الأمر لجدل ونقاش وذلك محدد في قوله «يوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ»النساء11. وطالب الآباء بأن يكونوا على قناعة تامة بالعدل بين أبنائهم، ومن ثم ينبغي على الأب أن يفعل الأقرب والأفضل إلى تحقيق شرع الله، وأن يقوم بهذا إرضاء لله قبل كل شيء«فالبر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس»،كما جاء في الحديث الشريف. وناشد الدكتور أحمد عمر هاشم -الرئيس السابق لجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، الوالدين التزام الشرع، حيث ينظر الإسلام إلى أبناء وبنات آدم نظرة تكريم واحدة في إطار القاعدة «ولقد كرمنا بني آدم» وقوله تعالى:«يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء»، وساوى بين كل المسلمين بصرف النظر عن جنسهم في التكاليف الشرعية فقال: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله»، ووعد الله الجميع بالمساواة في الثواب على أداء التكاليف الشرعية فقال:«فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض»، ولهذا ينبغي المساواة بين الأبناء حتى في القبلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©