السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهمة توم كروز المستحيلة.. تتحقق في «برج خليفة»

مهمة توم كروز المستحيلة.. تتحقق في «برج خليفة»
15 ديسمبر 2011 00:42
في مشهد مثير يكاد يحبس الأنفاس، يتدلى النجم الأميركي العالمي توم كروز الذي يتقمص دور العميل (إيثان هانت) من الطابق المائة والثلاثين لأعلى برج في العالم وهو برج خليفة في دبي، كي ينجز مهمته الانتحارية، ويعثر على شيفرة الأرقام السرية لصاروخ روسي متجه نحو الولايات المتحدة، وينقذ بالتالي كوكب الأرض من كارثة نووية كاد أن يتسبب بها أحد العلماء الروس المهووسين بفكرة نهاية العالم. ولعل هذا المشهد الذي ينطوي على مخاطرة أدائية كبيرة، هو حدث مفصلي وبارز من جملة مشاهد مثيرة ازدحم بها الجزء الرابع من فيلم “مهمة مستحيلة” الذي حمل هذه المرة عنوانا مغريا وهو: “بروتوكول الشبح” كي يمعن في استدراج المتفرج نحو كواليس وكوابيس عالم الجاسوسية والحروب الخفية والتصفيات الجسدية والصراعات الشرسة البعيدة والمتوارية عن التغطيات الإعلامية والتحليلات السياسية التقليدية لما هو متداول وظاهر على السطح. افتتح فيلم توم كروز الجديد عروض الدورة الثامنة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، بحضور طاقم التمثيل والإخراج والإنتاج الذي تفاعل معه وبشكل مباشر جمهور محلي كبير كان حاضرا لمشاهدة العرض العالمي الأول للفيلم، قبيل إطلاقه في صالات السينما بأرجاء العالم في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر الجاري. وقد لا يعبر فيلم تجاري ضخم مثل “مهمة مستحيلة” عن هوية مهرجان دبي أو عن غاياته وتوجهاته، لأنه فيلم يعتمد كليا على المؤثرات البصرية المحضة وينحاز تماما لطابع الإبهار والحركة والتشويق المشهدي الخالص. بينما ينحاز مهرجان دبي ـ وكما هو واضح من جدول عروضه السينمائية ـ للأفلام الفنية (الروائية والتسجيلية) المستقلة وذات الميزانيات البسيطة التي لا يمكن مقارنتها بالأفلام الترفيهية العالية الكلفة مثل فيلم “مهمة مستحيلة”، ولكن يبدو أن اختيار هذا الفيلم وبمواصفاته الهوليوودية الباذخة كي يدشن عروض المهرجان، جاء لتحقيق مكاسب غير مباشرة، أو قل أنها مكاسب معنوية وضمنية قادرة على تقديم خدمة دعائية وترويجية كبيرة لدولة الإمارات ولدبي، وهو اختيار يهمه استقطاب فن السينما واستيعاب محتواه وتأثيره على النطاق المحلي والعربي والدولي، والالتفات للفعل السينمائي في المكان بغض النظر عن أية انتقادات فنية قد تكون لحظية ومستعجلة في هذا التوقيت بالذات. كاريزما وغموض وجاسوسية عموما فإن أجزاء سلسلة “مهمة مستحيلة” تمثل إعادة إحياء لسلسلة تلفزيونية قديمة ظهرت في أميركا بداية العام 1966 واستمرت بشكل متقطع إلى أن توقفت تماما في العام 1990 قبل أن تتحول إلى نسخة سينمائية في العام 1996، والجزء الحالي وهو الرابع على التوالي تصدى له المخرج براد بيرد الذي سبق له إدارة أفلام رسوم وأنيميشن شهيرة مثل: “راتاتوي” و”الخارقون” وحاز من خلال هذين الفيلمين على جائزتي الأوسكار نظرا للقيمة الفنية والإبداعية العالية التي تتضمنها أفلامه، ومن أفلام التحريك المهمة أيضاً والتي قدمها بيرد يبرز فيلمه: “العملاق الحديدي” في العام 1999، كأحد الإسهامات البارزة في هذا الحقل السينمائي الخاص الذي يجمع بين الخيال الطفولي الحّر والنسق الروائي المحكم. الأجزاء الثلاثة السابقة من سلسلة “مهمة مستحيلة” تصدى لها إخراجيا عدد من الأسماء الموهوبة في هوليوود مثل “برايان دي بالما” في الجزء الأول عام 1996، والصيني “جون وو” في الجزء الثاني العام 2000، و”جي جي أبرامز” في الجزء الثالث عام 2006، وكان التنافس شديدا بين هؤلاء المخرجين الثلاثة لتقديم عمل متجاوز ويحتوي على بصمة قوية تحقق لكل مخرج صيتا وحضورا ملفتا مقارنة بالآخرين، بينما ظل توم كروز هو المهيمن على بطولة الأجزاء السابقة وسيكون على موعد متجدد على ما يبدو مع الأجزاء اللاحقة أيضا، لأنه ممثل يتمتع بملامح ومواصفات أدائية مطابقة لقوة وحماس وجرأة العميل المجازف والشرس دائما (إيثان هانت)، كما يتمتع كروز بجاذبية وكاريزما متفردة صنعت شعبيته الجارفة لدى جمهور هائل وعاشق لأفلام الإثارة والجريمة والغموض والجاسوسية، وحتى تلك الأفلام التي تعاطت مع الكوارث المستقبلية المحتملة، حيث شاهدنا توم كروز في أفلام حظيت بإقبال جماهيري وفني جيد مثل “حرب العوالم” و”تقرير الأقلية” وهما فيلمين من إمضاء المخرج الشهير ستيفن سبيلبيرج. يتناول فيلم “مهمة مستحيلة” في جزئه الرابع الظروف المفاجئة وغير المتوقعة التي تصادف فريق العملاء في (فرقة المهمات المستحيلة) الأميركية أثناء عملية سرية لها في موسكو، وذلك عندما يخترق أحد العملاء الروس المنشقين الشبكة الأميركية، ويوجهها لتنفيذ مهمة خطرة في قلب الكرملين تتمثل في الحصول على معلومات تتعلق بأحد الضباط الكبار في الجيش الروسي والذي يمكن أن يمثل تهديدا محتملا للولايات المتحدة، وأثناء تنفيذ (إيثان هانت) للمهمة يقوم العميل الروسي المنشق بسرقة الأرقام السرية الخاصة بإطلاق صواريخ نووية موجهة نحو أميركا، وبعد هروبه بلحظات يقوم العميل الخائن وبمساعدة معاونيه بتفجير مبنى الكرملين، وعندما تشعر الإدارة الأميركية بالمؤامرة وبأن أصابع الاتهام سوف توجه دون شك لفرقة (المهمات المستحيلة) تتخلى عن كل أعضاء الفرقة، ويصدر الرئيس الأميركي قرارا سريا أطلق عليه (بروتوكول الشبح) كي يتجنب أي حرج أو تصعيد سياسي وعسكري مع الروس. مواجهات عنيفة هذا التخلي الجائر والمفاجئ من الإدارة الأميركية سوف يدفع إيثان ورفاقه إلى الاعتماد على أنفسهم وعلى ما تبقى معهم من مصادر تقنية وتمويلية كي يطاردوا المنشق الروسي الساعي لتحقيق حلمه الجنوني بضرورة فناء العالم حتى يتمكن البشر الأقوياء المتبقين بعد الكارثة النووية الكبرى من إعادة صياغة حياة جديدة على كوكب جديد وطاهر من أخطاء وخطايا البشرية في عهدها الماضي!. وكشف فرقة (المهمات المستحيلة) لمخططات المنشق الروسي الخيالية والمتطرفة سوف ينقذ كوكب الأرض وسوف يبرؤهم دون شك من تهمة تفجير مبنى الكرملين ويعيد لهم سجلهم النظيف في وكالة المخابرات الأميركية. ومع توافر معلومات أكيدة حول لقاء محتمل بين المتطرفين الروس في برج خليفة بدبي، يتجه أعضاء فرقة المهمة المستحيلة إلى هناك كي يستحوذوا على الأرقام السرية للصاروخ النووي قبل وصوله لأيدي العصابة الروسية، وفي مواجهة محتدمة وعنيفة تتوسطها مشاهد حركة قوية وصاخبة يتمكن المنشق الروسي ـ يقوم بدوره الممثل ميخائيل نيكفست ـ من استغلال العاصفة الرملية العاتية التي تهب فجأة على مدينة دبي ليتخلص من مطاردة إيثان هانت، ويتوجه إلى مدينة مومباي في الهند كي يفعّل نشاط الصاروخ النووي بالتعاون مع أحد تجار السلاح الهنود ـ يقوم بدوره الممثل الهندي الشهير آنيل كابور ـ وهناك وفي هذه المدينة الهندية المزدحمة يلتقي أطراف الصراع الثلاثة ـ فرقة المهمات المستحيلة، والمخابرات الروسية الرسمية والمتطرفون الروس ـ في حلبة ضارية من الكر والفر واستخدام الأسلحة المتطورة والمطاردات المتضمنة عنفا أدائيا هائجا ومدمرا، قبل أن تعود الأمور إلى نصابها ويتوقف النشاط النووي في الصاروخ قبيل لحظات من انفجاره، ويعاد فبركة الموضوع من قبل الحكومة الأميركية والإعلام الرسمي وتحويل الشائعات المتعلقة بالصاروخ الروسي إلى مجرد خبر يتعلق بسقوط نيزك عابر واختفائه في المياه الأميركية. هذا المشهد الختامي سوف يعيد العلاقة بين البلدين العملاقين إلى مستواها الطبيعي، وسوف يعيد الثقة مجددا بفرقة (المهمات المستحيلة) وأعضائها الذين أثبتوا إخلاصهم ونظافة سجلهم المهني من أية شكوك واتهامات باطلة. إثارة متلاحقة وفي سياق الإدارة الفنية للفيلم كان واضحا وبشكل جلي أن المخرج براد بيرد أراد أن يستفيد من خبرته في التعامل مع أفلام (الأنيميشن) كي يضخ فيلم “مهمة مستحيلة” بحصيلة متنوعة من اللقطات المقربة جدا أثناء الالتحام والعراك الجسدي، وخلق ابتكارات مشهدية تقفز فوق حدود الواقع البصري والإقناع السردي، ولكنها في ذات الوقت لا تخسر مصداقيتها كمشاهد لصيقة تماما بالفضاء الحركي الضاج والتفاعلي داخل بنية وإيقاع الفيلم المصاغ والمهيأ أصلا لهكذا مبالغات وصدامات عنيفة ومروعة، وأصر المخرج من خلال خيارات فنية عديدة أن يلجأ لكاميرات (الآي ماكس) ذات الفورمات العالية والكادرات الفخمة، كي يمنح فيلمه أبعادا بصرية شاملة وقادرة على وضع المتفرج في قلب الأحداث العاصفة للفيلم، وفي إحدى تصريحاته حول لجوئه لتقنية الآي ماكس بدلا من (الأبعاد الثلاثية) ـ Three D ـ الرائجة حاليا، أشار المخرج براد بيرد إلى أن تقنية الأبعاد الثلاثية لا تتناسب مع طبيعة ومواصفات فيلمه المليء بالإثارة المتلاحقة، كما أنها تقنية تنزع من الفيلم جانبه الإنساني المتعلق بأداء الممثلين وتقلل من تأثير الكادرات العريضة والواسعة التي تهب الفيلم زخما دراميا مفعما بالحركة والتوتر والتشويق. عموما فإن من يشاهد الفيلم يدرك صوابية ودقة هذا الخيار التقني، لأن ما شاهدناه مثلا في فيلم “المتحولون” الذي عرض الجزء الثالث منه بتقنية الأبعاد الثلاثية، وكذلك فيلم “صراع الجبابرة” أثبت أن هذه التقنية تتلاءم مع حركة الكائنات الخرافية والآلية الضخمة والذكية التي تتصارع فيما بينها، بينما كان أثر الأداء البشري في الفيلم باهتا ومغيبا وقابعا دائما في هامش الفيلم وليس في متنه وفي حبكته الأساسية، وعلى النقيض من ذلك أعاد لنا فيلم “المهمة المستحيلة” في جزئه الرابع شيئا من سحر الروايات الجاسوسية القديمة التي انبعثت في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، كما أنها أعادت لنا ذكريات العميل البريطاني جيمس بوند في سلسلة أفلامه الشهيرة المستوحاة من ملفات وأرشيف المخابرات البريطانية في فترتها الذهبية، ولا يمكن هنا وبطبيعة الحال مقارنة المحتوي البصري لأفلام جيمس بوند مع الابتكارات المذهلة للسينما الحديثة التي توجها الجزء الرابع من (مهمة مستحيلة) بأقصى ما يمكن تخيله من إمكانات متجاوزة لثورة الصوت والصورة، وبانجاز تقني كان أشبه (بمهمة سينمائية مستحيلة) قبل سنوات قليلة من الآن! توم كروز معجب بدبي خطف النجم السينمائي العالمي توم كروز الأضواء في حفل افتتاح مهرجان دبي السينمائي، الذي انطلقت دورته الثامنة الأسبوع الماضي. وتسبب التزاحم على مشاهدة كروز في إغلاق شوارع رئيسية في دبي، إذ توافد المئات من المعجبين به نحو مقر المهرجان مسببين اختناقات مرورية شديدة. وبدا النجم العالمي ودودا للغاية مع الصحفيين والمعجبين أثناء مروره على السجادة الحمراء، إذ سمح بالتقاط صور تذكارية معه، والتوقيع على بطاقاتهم، وتبادل الحديث الباسم مع الحضور، وسط صيحات المعجبات. وسبق افتتاح المهرجان مؤتمر صحفي لتوم كروز تحدث فيه عن إعجابه بدبي، ما جعله يختارها لتصوير نحو 30 دقيقة من فيلمه الأخير “المهمة المستحيلة 4” ، مشيرا إلى أنه كان خائفا قبل تصوير مشاهد القفز من برج خليفة الذي يعد أعلى ناطحة سحاب في العالم، وخضع لتدريبات شاقة لتصوير مشاهد خطرة في دبي، وحرص على تهيئة نفسه لتحمل درجات الحرارة المرتفعة، قبل قدومه إليها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©