الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول أفريقية تسعى إلى تعديل اتفاقيات النفط مع الصين

دول أفريقية تسعى إلى تعديل اتفاقيات النفط مع الصين
12 ديسمبر 2013 21:13
احتاجت الصين ولا تزال إلى نفط أفريقيا، غير أنه بدلاً من قبول الشروط القديمة التي يعتبرها العديد من المسؤولين الأفارقة تنازلاً غير مشروط، تتراجع بعض الدول الأفريقية المتأزمة اقتصادياً عن ذلك الاستسلام وتعتبر أن عصر نفوذ الصين المطلق ربما يكون قد ولى. وفي النيجر، على سبيل المثال، قام مسؤولو الحكومة بتحدي كبريات شركات النفط الصينية تدريجياً وبإلغاء عقد يعتبرونه مجحفاً. وفي تشاد المجاورة، أظهرت السلطات موقفاً أكثر تشدداً وأغلقوا الباب أمام الصينيين متهمين إياهم بالإضرار الجسيم للبيئة. كما استرجعت الجابون مشاريع نفط كبرى من الصين وسلمتها إلى الشركة الوطنية الجابونية. ولسنوات طوال، وجدت الصين شركاء طموحين في دول شتى بأفريقيا حيث رحبت الحكومات بتمويلات الصين الضخمة ومقاربة عدم تدخلها في السياسة المحلية كبديل عن الغرب. أما الآن، تواجه شركات النفط الحكومية الصينية اعتراضات من الحكومات الأفريقية التي عانت لعقود من استنزاف الأجانب لمواردها ولذلك تقوم حالياً بإعادة النظر في اتفاقياتها السابقة. وبدأ المسؤولون الأفارقة في إبداء المعارضة إذا ما تبين لهم أن الشركات الصينية تقوم بتجريف الموارد أو بتلويث البيئة أو بأخذ أكثر من حقها. وارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا من عشرة مليارات دولار في عام 2000 إلى ما يقدر بنحو 200 مليار دولار هذا العام بعد أربع سنوات من تفوق الصين على الولايات المتحدة لتصبح أكبر شريك للقارة. وقال فوماكوي جادو وزير النفط في دولة النيجر: «لن نفرط في ثرواتنا الطبيعية بعد اليوم». ذلك أنه بالقرب من مبنى وزارته المتواضع يقطن الناس في بيوت مبنية بالطابوق الطيني محرومة من الكهرباء ويغسلون ملابسهم في النهر. يذكر أن إنتاج النفط في النيجر بدأ من حوالي سنتين. وعلى بعد 1100 كيلو متر من نيامي عاصمة النيجر، تقع منطقة إنتاج النفط، حيث يتجمع عاملو المصافي والمهندسون الصينيون في مطار متواضع شبه معزول انتظاراً لرحلة إجازتهم الربع سنوية. وقال جادو إن النيجر لا تستطيع إصلاح ذلك المطار فهي تأتي في ذيل قائمة مؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.وكشف تدقيق مستقل استعانت به حكومة النيجر عن قيام شركة الصين الوطنية للبترول بتسجيل تكاليف مضخمة وفرض رسوم غير عادلة، الأمر الذي يزود النيجر بمعلومات مهمة يمكن استخدامها في الجولة القادمة من المفاوضات المتوترة مع بكين. وتم بالفعل استرداد ملايين الدولارات من خلال مراجعات مضنية من هذا القبيل. وعبر الحدود اتخذ مسؤولون في تشاد إجراءات أكثر صرامة مع الصينيين - ما يعكس ثقة متنامية عقب عشر سنوات من إنتاج النفط الذي كفل لتشاد الجديد من الطرق والمباني العامة وجيشا أكثر تماسكاً وتعزيز قبضة الحكومة الحالية على السلطة وإن كان ذلك لم يغير من تصنيف التشاد ضمن أفقر الدول في العالم.وقام وزير النفط في تشاد بإغلاق العمليات الصينية في منتصف شهر أغسطس عقب اكتشاف تخلصها من فائض النفط في حفر جنوبي العاصمة اندجامينا ثم تكليفها عمالاً تشاديين بإزالته دون إجراءات السلامة اللازمة. وفي أواخر شهر أغسطس رفض وزير النفط التشادي السماح للصينيين باستئناف العمليات، بل إنه فصل مدير عام الشركة المحلي ومساعده. وقالت الحكومة إنه لن يستأنف العمل ما لم يبن الصينيون مرافق معالجة. وهذا يثبت أن الصورة النمطية لضعف الدول الأفريقية قد تغيرت وأن العلاقات الأفريقية الصينية لم تعد بالشكل غير المتوازن الذي كان معهوداً في السابق. وفي الجابون، فاجأت الحكومة أوساط صناعة النفط حين سحبت تصريحاً لحقل نفط كبير من شركة تابعة لشركة صينية أخرى ساينوبك وإسناده إلى شركة نفط وطنية تأسست مؤخراً، وهدد مسؤولون في شهر أغسطس الماضي بإلغاء تصاريح حقول أخرى متهمين الصينيين بإضرار البيئة وسوء الإدارة. غير أن بعض المحللين قالوا إن الدافع الذي حرك جابون هو مجرد الحصول على المزيد من المكاسب من تلك الحقول.واعترضت وزارة الخارجية الصينية على هذا التوجه وقالت إن الصين تحرص على المصالح المشتركة ومراعاة معايير الإدارة والسلامة. وقالت إنها في النيجر نهضت بالاقتصاد وشغلت عمالاً محليين وبنت مدارس وحفرت آباراً ونفذت أنشطة أخرى للمصلحة العامة. وقالت إنها في تشاد حثت الشركات على حماية البيئة وإنها ستسعى إلى حل المنازعات من خلال مفاوضات ودية. كما قالت إنها في الجابون دعمت التعاون على أساس من الندية والصداقة والمصلحة المتبادلة. تعتبر النيجر من أفقر دول العالم، حيث يأتي نحو نصف ميزانية حكومتها من مانحين أجانب، غير أنها طالما أهملت طموحات النفط. ففي عام 2008 التقى شريكان معاً سراً هما حاكم النيجر مامادو ناندجا وشركة الصين الوطنية للبترول ووقعا اتفاقية غير معلنة أعطت على ما يبدو كلا الطرفين ما يريد. وليس من الواضح ما إن كانت النيجر التي تعد من أفقر دول العالم والمهددة دائماً بالمجاعات ستستفيد بالفعل من تلك الاتفاقية. وتم بناء مصفاة نفط باهظة التكلفة في النيجر بقيمة 980 مليون دولار في منطقة مهمة سياسياً أراد الرئيس ناندجا آنذاك أن يحصل على تأييدها مع وعود بتنميتها، غير أن الحاجة إلى مشروع بهذه الضخامة في دولة قليلة استهلاك الطاقة أمر شكك فيه الخبراء. هذا فضلاً عن لغز مكافأة التوقيع التي كانت إدارة ناندجا قد حصلت عليها والتي بلغت آنذاك 300 مليون دولار. وفي المقابل حصل الصينيون على حق استغلال احتياطيات النفط البكر في حقول نائية قريبة من حدود النيجر مع تشاد بشروط صدمت مسؤولين بوزارة النفط في النيجر. علاوة على أن السكان المحليين اعترضوا واشتكوا من أن الوجود الصيني لم يأت إلا بقليل من الوظائف وأجوراً متدنية وأحوال عمل بالغة الصعوبة. وأطيح بالرئيس ناندجا في انقلاب 2010 على يد ضباط الجيش الذين احتجوا على استحواذه على سلطة جائرة، غير أن عقد النفط لا يزال سارياً وكذلك مصفاة نفط الفيل الأبيض الواقعة على الحدود مع نيجيريا الدولة التي يحصل فيها الوقود على حزم دعم كبرى، الأمر الذي يشجع تهريبه إلى النيجر بشكل غير مشروع. تبلغ سعة المصافة ثلاثة أمثال استهلاك النيجر ولم تكن التكلفة الإجمالية الحقيقية لتبلغ سوى 784 مليون دولار حسب خبير من الأمم المتحدة. ويتعين أن تدفع النيجر 40% من تكاليف المصفاة الممولة من قبل الصينيين. وقال وزير نفط النيجر في الحكومة الديمقراطية الجديدة بقيادة أحد معارضي ناندجا: «سوف نراجع هذه العقود لتصحيحها. وسنحرص مستقبلاً على عدم ارتكاب نفس الأخطاء». عن «انترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©