السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المزارعون يواجهون إعصار تحرير التجارة

27 مايو 2007 23:28
إعداد- مريم أحمد: تشكل قضية إلغاء الدعم عن المزارعين القضية المفصلية في مفاوضات تحرير التجارة بمنظمة التجارة العالمية وفي حالة توصل الأطراف المتنازعة ، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومجموعة الدول النامية ،إلى اتفاق على إلغاء الدعم لدفع مفاوضات حركة التجارة إلى الأمام فإن ذلك يشكل تضحية كبيرة بقطاع عريض من العمالة في أغلب دول العالم· وذكرت صحيفة آسيا تايمز أن الدعم المقدم للمزارعين بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تراجع إلى 300 مليار دولار في 2005 من 318 مليار دولار في عام 2002 ، علاوة على ذلك، تنفق كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ما يتراوح من 9 الى 10 مليارات دولار أكثر على الإعانات الزراعية عما كانت تنفقه قبل عقد من الزمن· وفي الصين تم تهميش دور عشرات الآلاف من المزارعين بمن فيهم مزارعو القطن وفول الصويا، بعد انضمامها لمنظمة التجارة العالمية· ووفقا لتقرير معهد الاقتصاد الدولي، ازداد تحدي التحكم بقطاع الزراعة بعد التزام الصين بشروط منظمة التجارة العالمية ذات الصلة بالقطاع الزراعي، فقد وافقت الحكومة الصينية على خفض التعريفات الجمركية، ووضع سياسات هادفة الى فتح الأسواق، وقبلت بالقيود المُشددة على استغلال الإعانات الزراعية، كما تعهدت بالقضاء على جميع إعانات الصادرات الزراعية· وفي سيريلانكا، تظاهر آلاف المزارعين للاعتراض على استيراد أجزاء الدواجن، والبيض· وفي الهند، سبب تحرير التعريفة الجمركية والأسعار أزمة كبيرة، وَصَفها الاقتصادي الهندي أوتسا باتنايك بأنها '' انهيار في الدخل وسُبُل العيش الريفية ''، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المنتجات الزراعية· ورافق ذلك انخفاض سريع في معدل استهلاك الحبوب الغذائية، بمتوسط استهلاك عائلة هندية مكونة من أربعة أشخاص بلغ 76 كج في عام ،2003 مقارنة بـ 88 كج استهلكتها العائلة الهندية في عام ·1998 و أشارت الصحيفة الى أن المزارعين سواء في الدول الرأسمالية الغنية، أوالبلدان الاشتراكية سابقا دفعوا ثمنا باهضا مقابل عمليات قطاع التصنيع· وحتى في الدول الرأسمالية المتقدمة كالولايات المتحدة الأميركية ، أدت وسائل التكنولوجيا المتقدمة والمعتمدة على رؤوس الأموال الى تكوين تحالفات كبيرة عملت على احتكار الإنتاج الزراعي· وبناءً على ذلك، تم تهميش دور المَزارِع الصغيرة والمتوسطة الحجم لتدور في فلك المزارع الكبيرة وليُمَثل عمال هذه المزارع نسبة ضئيلة من قوة العمل· وقد عمل الاتحاد السوفييتي سابقا على تحويل المزارعين والفلاحين الى عًمّال في المزارع الجماعية· و تشكل التجارة الحرة التهديد الأكبر والأقوى للمزارعين الذين يقاومونه· فقد نجحوا، على سبيل المثال، في التأثير على جولة الدوحة ومفاوضات منظمة التجارة العالمية، لذا فإن الصراع القائم بين المزارعين والتجارة الحرة يعد أكثر بروزا ووضوحا في آسيا حيث قامت معظم الحكومات الآسيوية بوضع عبء التصنيع على عاتق الفلاحين والمزارعين خلال المرحلة المُسَمّاة بالفترة الصناعية التطويرية، وهي تمثل سياسات عملية التصنيع الأولى· فقد ساعدت عمليات الإصلاح الزراعي في كل من تايوان وكوريا الجنوبية على الازدهار الاقتصادي في الأرياف في فترة الخمسينيات من القرن الماضي، الأمر الذي أدى الى تحفيز التصنيع· ولكن وبعد التحول الى التصنيع القائم على الصادرات في ،1965 ظهرت الحاجة الى عُمّال قطاع التصنيع من ذوي الأجور المنخفضة، الأمر الذي جعل الحكومات تتعمد خفض أسعار المنتجات الزراعية· وبناءً على ذلك، ساعد المزارعون في دعم الاقتصادات الصناعية الحديثة· وبالمقابل، انخفض دخل المزارعين مقارنة بدخل سكان المناطق الحضرية المدنية، الأمر الذي نتج عنه هجرة جماعية كبيرة من المزارعين الى المدن، واستمرار تدفق الأيادي العاملة الرخيصة للمصانع· وبقي الفقراء وكبار السن في المزارع، وشكلوا نسبة ضئيلة من القوى العاملة الوطنية· وفي الصين، لقي ملايين المزارعين حتفهم جوعا في الفترة من 1958 وحتى 1960 حينما خصصت الحكومة الفائض من الحبوب الزراعية لتمويل عمليات التصنيع· وفي تايلاند، أدت الضرائب المفروضة على صادرات الأرز الى عزل الأسواق التايلاندية المحلية عن تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية، الأمر الذي ساهم بدوره في هبوط أسعار الأرز، وبالتالي تخفيض تكاليف أجور العمال العاملين في غير الزراعة· وأجبر هذا الإعصار المزارعين على دعم التصنيع، وفي الوقت نفسه ساعدت السياسات التجارية على منع الواردات الزراعية الأرخص عن السلع المحلية الأخرى· وهذا بدوره ساعد جميع الدول الآسيوية الزراعية على التحكم بالواردات من خلال التعريفات الجمركية المرتفعة· لكن هذا الدرع الواقي قد ضَعُف، وخاصة بعد توقيع البلدان الزراعية لاتفاقية الزراعة، وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية بدءا من عام ·1995 وذلك لأن تلك الاتفاقية أدت الى إنشاء الأسواق الزراعية المفتوحة الحرة من خلال حظر الحصص التي تم تحويلها الى تعريفات جمركية، وطالبت الحكومات بتوريد أدنى كمية من كل من تلك السلع الزراعية بتعريفات جمركية منخفضة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©