السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القوات الأميركية... نحو حجم أقل وفعالية أكثر

11 ديسمبر 2013 23:32
توماس ريكس مستشار الأمن الوطني في «مؤسسة أميركا الجديدة» إذا كنت تريد إصلاح المنظومة العسكرية للولايات المتحدة فما عليك إلا أن تعمل على تقليص حجمها. وكلما تضخم حجم الأصول العسكرية كلما طال زمن صيانتها وتطلب الأمر دفع تكاليف تحديثها بدلاً من استبدالها بأخرى جديدة. وأصبحت التجهيزات العسكرية للجيش الأميركي بحاجة فعلية للتبديل بعد خوضها لحربين كبيرتين خلال العقد الماضي. وعلى سبيل المثال، دشنت البحرية الأميركية مؤخراً حاملة الطائرات الجديدة «جيرالد فورد» التي بلغت تكاليفها الإجمالية 13.5 مليار دولار. واستهدفت هندسة تصميمها وبنائها الاعتماد على طاقم تشغيل أقل عدداً والتجهيز بأنظمة رادارية بالغة التطور ووسائل مختلفة لمساعدة الطائرات على الإقلاع والهبوط. إلا أنها تبدو من حيث الشكل شبيهة بحاملات الطائرات التي عمدت الولايات المتحدة إلى بنائها خلال النصف الثاني من القرن الماضي. ومن أهم السلبيات العسكرية لهذا التصميم أن الحاملة الجديدة تتميز «ببصمتها الرادارية» القوية التي تجعلها سهلة الكشف من طرف الوسائل الهجومية المعادية. ويمكن لهذه الجزئية السلبية أن تشكل خطراً كبيراً عليها في عصر التصوير عن طريق الأقمار الصناعية والصواريخ بعيدة المدى ذات التصويب الدقيق. وهذه التقنيات الجديدة لم تكن موجودة عندما تم تصميم وبناء حاملة الطائرات «فورد» الأقدم من الحاملة الجديدة. وكان النقيب الطيّار والمؤرخ المتخصص بتوثيق مراحل تطور الأسلحة البحرية «هنري هندريكس» قد ذكر في مقالة نشرها مؤخراً إن حاملات الطائرات التي يتم بناؤها هذه الأوقات لا تختلف عن المدمّرات الضخمة التي سبقتها من حيث كونها «ضخمة ومرتفعة التكلفة ومعرضة للكثير من الأخطار»، وقد يكون من دواعي الدهشة أنها غير مهيأة للتعامل مع الصراعات العسكرية القائمة الآن. وتساءل هندريكس: «ما فائدة حاملة الطائرات إذا كان مدى الصواريخ المعادية التي يمكن أن تستهدفها يعادل ضعف المدى الأقصى لتحليق الطائرات التي تنطلق منها؟». وإذا ما أصرّت قيادة القوات البحرية للولايات المتحدة على التمسك بأسلوبها الراهن في التسلّح، فسوف تعرّض نفسها لأن تصبح في مستوى القوات البحرية الملكية البريطانية التي شاركت في الحرب العالمية الثانية. ومثلما هو حالنا اليوم، كانت البحرية البريطانية في تلك الأزمنة هي الأضخم في العالم من دون منازع ويمكنها أن تحقق غزارة في النيران تفوق أي قوة عسكرية أخرى. وبالرغم من كل هذه الميزات التعبوية إلا أنها أثبتت عدم قدرتها على التلاؤم مع مجريات تلك الحرب لأن القادة العسكريين أغفلوا الأهمية المتزايدة للغواصات وحاملات الطائرات، ولم يفهموا كيف غيّر هذان السلاحان من أساليب وتكتيكات الحروب البحرية الحديثة. وكانوا يعتقدون أن حاملات الطائرات ليست أكثر من سفن ضخمة يسهل على العدو كشفها وتدميرها. ويمكن طرح السؤال المهم: كيف يمكننا أن نتجنب السعي لامتلاك الأسلحة الأكثر قوة، والعمل بدلاً من ذلك على امتلاك أكثر الأسلحة قدرة على التأقلم مع الظروف التي تفرضها الضرورات القائمة على الأرض؟ وحتى تتمكن أميركا من بلوغ هذا الهدف، فإنها تحتاج إلى معدّات عسكرية لا تكون «جاهزة لدخول المعركة في أي وقت كان»، بل أن تكون قادرة على التكيف مع أحداث المستقبل. ويتمثل الخطأ الأكبر في الطرق المتبعة للتسلّح الآن، بالعمل على إطلاق الأحكام المسبقة حول طبيعة الحرب المقبلة وبناء القوة العسكرية على أساسها فوق الأرض وفي البحر والجو. وذلك لأن التنبؤ بمجريات الأمور في المستقبل سيكون إجراء خاطئاً. ففي عام 2000، لم يكن أحد يتصور بأننا سنغزو أفغانستان في العام التالي. وفي عام 1953، كانت فيتنام تمثل أبعد بلد عن أميركا حتى أن الأميركيين لا يعرفون عنه شيئاً. وفي عام 1949، كانت كوريا خارج نطاق اهتماماتنا الدفاعية. ولكن الولايات المتحدة خاضت الحروب غير المتوقعة في كل هذه البلدان. ومن أجل بلوغ أفضل أشكال الجاهزية العسكرية فإن الأمر يتطلب تطوير معدات وأصول عسكرية قادرة على التأقلم مع الظروف المتغيرة والمتجددة في أراضي المعارك. ويجب أن تكون تلك المعدات صغيرة وتتميز بالذكاء الذاتي والمرونة التكتيكية. ومن الضروري أن يرتقي الضبّاط الذين يستخدمونها في مستوى تعليمهم وتدريبهم معاً إلى أعلى الدرجات لأن الضابط يتدرب على استخدام سلاح معروف ولكن التعلّم يمنحه القدرة على استخدام الأسلحة التي لايعرفها. وبمعنى آخر وأوضح، يجب تعليم الضباط أسلوب التفكير الفعال عندما يجدون أنفسهم في ظروف غير مفهومة أو معقدة أو مستجدّة. وأشارت «يوجينيا كايسلينج» أستاذة التاريخ في معهد «وست بوينت» إلى أنه في الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية (أي بين عامي 1919 و1939)، «تعرّضت القوى العسكرية الصغرى إلى أعباء لوجستية أقل، وأظهرت سرعة أكبر في التأقلم مع التغيرات التكنولوجية الطارئة في المجالات العسكرية». ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة لا زالت تمتلك صناعة عسكرية تواكب العصر في عالم ثورة المعلومات. وفيما عدا بعض الاستثناءات القليلة فإننا نلاحظ أن التركيز ينصبّ على زيادة القوة التدميرية بدلاً من التركيز على بلوغ الدقة الأعلى. ويتحتم على القوات الأرضية بشكل خاص أن تخفّض من اعتمادها على القواعد العسكرية الواسعة وتزيد من اعتمادها على المراقبة المتواصلة والفعالة لكل ما يحدث في أماكن التوتر في العالم. تخيل معي وضع العالم بعد عقود قليلة وحيث ستتحول شركة «جوجل» إلى أضخم مقاول في الشؤون الدفاعية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©