الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فريق المغامرين الثلاثة يحط رحاله اليوم على كورنيش أبوظبي

فريق المغامرين الثلاثة يحط رحاله اليوم على كورنيش أبوظبي
13 ديسمبر 2011 14:50
بعد قطع 1500 كلم على الجمال وعلى مدى 45 يوماً من انطلاق الرحلة الصحراوية على خطى ثيسيجر، التي تدعمها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، يصل اليوم فريق الرحالة إلى كورنيش أبوظبي وجهتهم الأخيرة ضمن خط سيرهم الذي كانوا بدأوه من غابات صلالة نهاية أكتوبر الفائت. وتشهد منطقة الكورنيش اعتباراً من الساعة الثانية من ظهر اليوم الاحتفاء بعودة المغامرين الثلاثة البريطاني أدريان هايز ومرافقيه مواطني الدولة سعيد راشد المسافري وغافان محمد الجابري، وهم وتمكنوا بإنجاز وطني لافت أتى تزامنا مع الذكرى 40 لقيام الاتحاد، من تكرار تجربة الرحالة مبارك بن لندن الذي اجتاز خلالها الربع الخالي قبل 65 عاما. احتضنت قاعة الجاهلي في العين وصول الرحالة قبل ثلاثة أيام باعتبارها محطتهم قبل الأخيرة، حيث شهدت عودتهم من جديد الى مظاهر الحياة المدنية التي كانوا افتقدوها طوال فترة عبورهم الواحات والوديان والكثبان الرملية، وعند باحة القلعة حيث أقيم على شرفهم احتفالاً شعبياً، كانت المفاجأة السارة وجود 2 من الرحالة المواطنين الأوائل اللذين قاما في أربعينيات القرن الفائت بالرحلة نفسها برفقة المغامر الشهير البريطاني مبارك بن لندن، وهما سالم بن غبيشة وسالم بن كبينة اللذين يناهزان الـ 85 من العمر. إصدار كتاب وتحدث أدريان هايز لـ«الاتحاد»عن أهمية الرحلة التي أتاحت له عيش التجربة العظيمة التي مر بها المغامرون الأوائل مع الرحالة الأسطوري “مبارك بن لندن”، حيث قال: “لقد فهمنا الآن مدى صعوبة التحديات التي واجهها الرحالة القدماء ولاسيما مع قساوة الحياة في ذلك الزمن وخطورة الظروف المحيطة بهم، ومع أنني أعيش في الإمارات منذ 20 عاما وأزعم أنني أعرف الكثير عن هذه البلاد الرائعة في كل شيء، غير أن هذه الرحلة تركت لدي رزمة جديدة من الانطباعات، ويكفي التعرف الى حفاوة الاستقبال عند العرب وكرم الضيافة البدوية التي لا تعرف الحدود”. ويشير إلى أن المرء عندما يعبر في صحراء الربع الخالي يكتشف وجها مثيرا من الحياة بطبيعتها وقساوتها، وإنه ليس من السهل على الإطلاق تحمل المخاطر المحدقة وكذلك ندرة توفر المياه والانقطاع الكلي عن العالم الخارجي ووسائل الاتصال. ويورد هايز “لا يمكننا مقارنة رحلتنا الحالية برحلة الأقدمين الذين بلا شك واجهوا حجما أكبر بكثير من الصعوبات التي واجهناها، لكننا على الأقل تركنا بصمة جيدة في تاريخ الرحلات الصحراوية في المنطقة، ولهذا أعتبر نفسي محظوظا كوني عايشت في عصر التكنولوجيا بساطة العيش بلا وسائل اتصال ولا وسائل نقل سريعة، لافتاً إلى أنه يحضر حاليا لإصدار كتاب عن الرحلة، إضافة إلى المشاركة في تسجيل وثائقي يتحدث عن مغامرته ورفيقيه في الصحراء. ويذكر هايز أن أول أمر سوف يقوم به بعد عودته إلى حياته الطبيعية هو الاطلاع على بريده الشخصي. “لقد انقطعت على مدى 45 يوما عن أشغالي الخاصة، ومع أنني كنت مكرسا وقتي للمغامرات الصحراوية والصفاء الروحي، غير أنه لابد من العودة إلى الواقع من جديد”. وهو ينوي قضاء أسبوع من الراحة في ربوع الإمارات قبل التوجه الأسبوع المقبل في إجازة إلى بريطانيا. ويوضح الرحالة البريطاني أدريان هايز أنه دخل إلى المنطقة للمرة الأولى قبل 20 عاما عندما عمل في سلطنة عمان حيث تعلم القليل من اللغة العربية، مضيفاً :مع أنني لا أتحدث دائما بالعربية، لكني بمجرد أن أستمع إلى بعض كلمات منها، أستعيد جزءا كبيرا من ذاكرتي عنها. فأنا عاشرت البعض من أهل البادية وتربطني بهم علاقات وطيدة. ويشير إلى أنه تعلم الكثير من بيئة الصحراء التي تلفته بكرم أهلها وحسن ضيافتهم، موضحاً أن أهلها شعوب تعرف كيف تقهر المصاعب وكيف تتحدى قساوة الطبيعة، وأن أكثر ما يعجبه هنا طيبة شعب الإمارات في التعامل مع الآخرين، وكذلك الإخلاص للصحراء وخيراتها، وحسن التعامل مع الجمال والنخيل والتغني بخيرات الأرض والرمال والشجر، ويعتبر أن تقربه من العادات والتقاليد القائمة في المنطقة يساعده على النجاح في مهمته أكثر من أي شخص أوروبي آخر. أيام استثنائية ويذكر المواطن سعيد راشد المسافري أنه فخور بالإنجاز الذي حققه كإماراتي بالمشاركة في هذه الرحلة، ويقول: لقد تعلمنا الكثير خلال هذه الأيام الاستثنائية في حياتنا، أهمه الصبر والعودة إلى بساطة حياة الأجداد وسحر الصحراء. وقد استمتعت شخصيا بفرصة التقرب أكثر من العادات والتقاليد الجملية لقبائلنا البدوية التي التقينا بها على الدرب في كل من عمان والإمارات. ويشير إلى أنه بلا شك سيفتقد تلك الأيام التي جمعته برفاق الرحلة، حيث كان وجودهم سويا يؤنس وحشتهم، وأنه قد استفاد لأقصى الدرجات من الابتعاد فترة طويلة عن صخب الحياة التي تلهي الناس عن جماليات الطبيعة وسكونها. وشكر المسافري هيئة الثقافة والتراث، التي أتاحت للرحالة فرصة القيام بهذه الرحلة النادرة، وقال: نحن جميعا نقدمها إلى دولتنا الرشيدة قيادة وشعبا في هذه المناسبة الوطنية التي تعيدنا 40 عاما إلى روح الاتحاد. وأضاف: عندما عرض علي من قبل جهة عملي أن أكون جزءاً من فريق الرحلة علمت بأن هذه الخطوة ستكون تحدياً يستحق العناء، فهذا الإنجاز الوطني مصمم للتسويق إلى ثقافة البلاد وتراثها، ومن فرط سعادتي أنني شاركت فيه. بالأسلوب نفسه يتحدث المواطن غافان محمد الجابري الذي وصف الرحلة بالرائعة، فهو لم يشعر بحياته بحجم الفخر تجاه أي إنجاز قام به بالقدر الذي يشعر به اليوم، وقال هذا أقل ما يمكن فعله لرد ولو جزء بسيط من الجميل إلى وطننا الغالي، مشيراً إلى أن هذه المغامرة الصحراوية التي قاموا بها متكبدين عناء التنقل على خطى الأولين، تدل على عظمة تاريخ الامارات التي خرج منها قبل 65 عاما مغامرون شجعان، وقطعوا خلالها مسافات شاسعة من الخوف والجوع وسهر الليالي. ولفت الجابري إلى أن الصحراء بكل ما فيها من تفاصيل الحياة القاسية، تمنح ساكنها وعابرها عزما غير عادي وتدفعهما إلى التحلي بإرادة فذة لمواجهة ألوان الصعاب بلا كلل ولاملل، مشيراً إلى أن خبرته في التعامل مع الجمال وحياة الصحراء بشكل عام، شكلت عنصراً إيجابياً خلال الرحلة التي سخر كل طاقته لإنجاحها مع فريق الرحالة، معرباً عن سعادته برفع علم بلاده عاليا بالتزامن مع فرحة الجميع باليوم الوطني. الخوف والجوع في المقابل كان لابد من العودة إلى الرحلة الصحراوية الأولى والتحدث الى اثنين من أبطالها واللذين مازالا يذكران الكثير عن تفاصيلها القاسية، للحديث مع المواطنين سالم بن غبيشة وسالم بن كبينة بطلي رحلة مبارك بن لندن، خلال حفل استقبال الرحالة الجدد في قلعة الجاهلي، التي عادت بجزء من ذكرياتهما إلى المواقف التي مرت بهما خلال الرحلة. ويعود سالم بن غبيشة بالزمن الى أربعينيات القرن الفائت بكثير من الفخر البادي على محياه، قائلاً: الرحلة الأولية كانت صعبة وطويلة علينا، غير أنها كانت شيقة، بالرغم من التعب والخوف والجوع ومشقة الحصول على المياه. ويذكر أن مغامرتهم آنذاك استغرقت 3 أشهر و19 يوماً من السير في البر من دون أن يتلقوا أي مساعدة من أحد، مبيناً أنه في تلك الأيام لم يكن ينعم الناس بالخير الذي هم فيه الآن، بفضل الله، ثم من بعده بفضل القيادة الرشيدة التي بذلك كل جهودها لتوفير الحياة الكريم لأبناء الوطن. ويتذكر بن غبيشة الرحالة مبارك بن لندن واصفا إياه بالرجل الشجاع الذي لم يكن يخشى من مفاجآت الطريق:لقد عشنا سويا أياما مليئة بالأحداث وكنا نشعر بأنه فرد منا ولا فرق بيننا على الإطلاق. ويضيف “كنا مغامرين في مقتبل العمر، وكان المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله يحب الشجعان ويشجعهم على المزيد من البطولات. ويدخل الى الحديث ابنه مبارك بن غبيشة الذي يذكر أنه فخور بوالده، موضحا أنه يعيش حاليا في منطقة الشامخة التابعة لإمارة أبوظبي، أنه مازال حتى الآن يستمتع بالحديث عن تلك الأيام،وقال إنه يحب البوش كثيرا ويمتلك منها نحو 100 جمل ويحرص على رعايتها لأنها تذكره بجماليات الربع الخالي. ويلفت الى أن والده لطالما يشجع أبناءه وأحفاده على ركوب الجمال وأنه فرح جدا عندما سمع عن الرحلة الجديدة التي قام بها أدريان ورفيقاه من مواطني الدولة على خطى رحلتهم الأولى. خطر الموت بالحنين نفسه إلى الزمن الأول يتحدث الرحالة المخضرم سالم بن كبينة عن أمجاده في رحلة مبارك بن لندن، ويقول: رحلتنا كانت في غاية الصعوبة، غير أننا كنا نتسلح بالعزم والإرادة، ولم تكن مواجهتنا لمخاطر الربع الخالي سهلة أبدا لأننا تعرضنا أكثر من مرة الى خطر الموت. ويشرح أنهم كانوا إضافة الى الرحالة البريطاني، 4 من المرافقين المواطنين: هو وسالم بن غبيشة ومحمد بن كلوت وعمير بن عمر، كان اثنان منا ينامان فيما الآخران يبقيان مستيقظين بقصد الحراسة، ففي تلك الأيام كان من الطبيعي أن يقتل المرء بقصد سرقة أي شيء يملكه، فكيف الأمر والجمال كانت بحوذتنا. ويأتي بن كبينة على ذكر حادثة مازالت ماثلة أمام عينيه حتى اليوم بحلوها ومرها، حيث يقول، كنا نتوقع الموت في أي لحظة، وأذكر أنه بينما كنا في الطريق، تم توقيفنا واحتجازنا 4 أيام، وطلب منا أن نسلم أسلحتنا، وهذا لا يرضينا على الإطلاق، فالعرب لا يتخلون أبدا عن أسلحتهم وهي كما الشرف بالنسبة لنا. ويتابع ذكرياته مشيرا الى أن مبارك بن لندن طلب وقتها الاتصال بأحد أصدقائه الانجليز من العاملين في الشرطة، وكان رجلا مسلما وأوضح له الموقف، وجاء الرد إما النزول بإحدى الدول أو العودة إلى أبوظبي، وكان خياري التوجه إلى أبوظبي حيث أهلنا الذين نعرفهم ويعرفوننا، وهكذا تم أخيرا إخلاء سبيلنا. ويختم بن كبينة حديثه عن ميزات المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله قائلا: كنا نستقي حكمتنا من القائد، فهذا الرجل الذي كان لي شرف لقائه، بمجرد الجلوس معه لنصف ساعة يشعر المرء أنه استفاد من خبرته لسنوات عدة. في الإطار نفسه يعلق ابنه محمد بن كبينة: أحمد الله أن صحة الوالد مازالت جيدة وهو يعيش اليوم في منطقة الوثبة عند النهضة الجديدة، ومازال يهتم بالبوش ويحرص على راحتها، وكلما تسنى الأمر يطلب الذهاب إلى عزبته ما بين أبوظبي ومنطقة القوع في العين للاطمئنان على حالها، إذ يمتلك منها أكثر من 120 جملا. ويذكر أن والده يكثر الحديث عن أمجاد الشيخ زايد رحمه الله ولاسيما عن خصاله الحميدة ومواقفه في حل النزاع بين قبائل العرب التي كانت تقصده لحكمته وسعة باله. إصابة من الأحداث التي شهدتها الرحلة الصحراوية الاستثنائية أنه في بداية المسيرة ولأسباب غير واضحة، كان من الصعب السيطرة على الجمال، خلال مرور الفريق بأحد الوديان المتعرجة صودف وجود جمال برية تسببت مواجهتها بسقوط كل من أدريان وغافان عن جمليهما. وفيما أصيب الأول بجرح في رأسه تطلب علاجه 13 قطبة، تعرض الثاني لرضوض في جسمه، وبالرغم من شعورهما بالألم الذي كان يزيد مع برد الليل حيث الحرارة تتدنى حتى 13 درجة مئوية، كانوا يواصلون مسيرتهم بثقة وثبات. وكانوا يجتازون يوميا مسافة تتراوح ما بين 40 إلى 45 كيلومترا. ويلفريد ثيسيجر السير ويلفريد ثيسيجر (1910 – 2003) هو رحالة بريطاني ولد في أديس أبابا بإثيوبيا وتلقى تعليمه في جامعة “أوكسفورد”وأصبح كابتن فريق الملاكمة فيها. عاد بعدها إلى إفريقيا عام 1933 حيث قام برحلة استكشافية لمجرى نهر “أواش” وأصبح أول أوروبي يدخل هذه الأراضي. وانضم عام 1935 إلى الجيش البريطاني في السودان وشارك في القتال خلال الحرب العالمية الثانية. وخدم لمدة طويلة في المناطق الصحراوية خلال فترة المعسكرات التي قام بها الجيش في شمال إفريقيا. عاش “مبارك بن لندن” الحياة البدوية لمدة 5 سنوات قام خلالها بتصوير ونقل قصة أبوظبي وشعبها قبل استكشاف النفط، حيث التقط أكثر من 35.000 صورة عن الإمارة. القرص والتمر خلال رحلتهم الشاقة والطويلة، كان اعتماد الرحالة الـ3 على أقل عدد من الإمدادات اللوجستية الممكنة، وفي القليل من المناطق المأهولة التي مروا بها، لقوا ترحابا من القبائل المجاورة واستفادوا من الضيافة البدوية للبقاء على قيد الحياة. خط الرحلة تابع المغامر أدريان وسعيد وغافان عن كثب الطريق الذي اتخذه الرحالة القديم ويلفريد ثيسيجر (مبارك بن لندن) قبل 65 عاما. وقد انطلقوا من غابات صلالة في عمان حيث اجتازوا الكثير من الأودية والسهول وصولا الى التلال الرملية الشاهقة في صحراء الربع الخالي. ومن هناك تابعوا خط سيرهم ليتوقفوا عند واحات ليوا ومن ثم في مدينة العين وأخيرا الى العاصمة أبوظبي.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©