الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان وأميركا: علاقات ضرورية

11 ديسمبر 2011 21:32
شكل مقتل 24 جندياً باكستانياً يوم 26 نوفمبر الماضي، أثناء عمليات لقوات "الناتو" في مركزين حدوديين داخل باكستان، كما قال أوباما، مأساة لأسر الجنود ولأمتهم. ستكون هذه مأساة أخرى تؤدي إلى تفويت الفرصة التي تقدمها هذه الأزمة لأخذ خطوة إلى الوراء وإعادة تقييم ما هو واضح أنه شبكة معقدة من العلاقات المضطربة بين باكستان والولايات المتحدة. وهي من العلاقات الأكثر تعقيداً في الدبلوماسية المعاصرة. جمعت المصالح والقيم المشتركة للباكستانيين والأميركيين معاً مرة بعد أخرى، لكن في كثير من الأحيان تجري المحادثات حول العلاقات في وجه توترات فجّة تعود للظهور مع كل أزمة جديدة. وتزداد الرقصة الدبلوماسية وتيرة نتيجة لموقع باكستان المحوري في السياسة الجغرافية المعقدة لجنوب آسيا، بما فيها كشمير وأفغانستان. وتضيف قدرات باكستان النووية إلى التعقيدات، مثلما تفعل العلاقات المدنية العسكرية المضطربة داخل البلاد. أغلقت باكستان حدودها في أعقاب ذلك الحادث أمام إمدادات "الناتو" الذي بدأ التحقيق في ما حدث. هذا بالتزامن مع الاجتماع الذي عقده القادة الدوليون في بون لبحث مستقبل أفغانستان، مركزين على الأولويات والتعاون الإقليميين، وهو اجتماع قاطعته باكستان، رغم أن مشاركتها تعتبر حيوية نتيجة لدورها الحاسم في القضايا العديدة المطروحة، حيث يشكل الاستقرار المستقبلي لأفغانستان التحدي الأكثر أهمية. وتضم أصول باكستان معرفتها المعمقة باللاعبين، وقربها الثقافي من أفغانستان، إضافة إلى موقعها الجغرافي. ويجب أن يتم بناء السلام في المنطقة مع باكستان كشريك مشارك وملتزم، ويتوجب على الولايات المتحدة أن تعاملها كشريك في هذه المرحلة. لا يمكن للسلام أن يأتي دون معالجة القضايا الجوهرية المتعلقة بالجيش والنزاع الإقليمي. وتعتبر التنمية البشرية في المنطقة ذات أهمية مماثلة، مثلما تعتبر مشاركة باكستان النشطة حيوية. المصالح والاهتمامات المشتركة التي تربط باكستان والولايات المتحدة تدفع لإجراء مراجعة معمقة للعلاقة. فلدى الجانبين مصلحة كبيرة في السلام بجنوب آسيا، وفي مستقبل يقدم لجميع الناس فرصة وصوتاً. تستطيع باكستان كذلك ممارسة القيادة في العالم المسلم كونها تشكّل جسراً بين آسيا والشرق الأوسط. وتحتاج الولايات المتحدة للتفكير بموقفها حيال باكستان، ليس فقط في مجالات الدبلوماسية والتعاون العسكري، وإنما في جميع الأمور. ومن المحزن أن تظهر الولايات المتحدة في الغالب بمظهر المستأسد، أو على أقل تقدير الصديق الغني المتعجرف الذي لا يسمع ولا ينصت. لقد جرى زرع بذور الأزمات الراهنة منذ زمن بعيد. لا يمكن لأي علاقات بين الناس أو الشعوب، أن تزدهر عندما يكون عدم التوازن في القوة في المقدمة، وعندما يُنظر إلى الأمور المالية على أنها تدفع التفاعل اليومي. لا يمكن لأية علاقة أن تنجح دون تقدير حقيقي وصادق لكل المصالح والاهتمامات على كافة الجوانب. لقد حان الوقت لأمتين وحكومتين فخورتين وكبيرتين ومعقدتين أن تتقدما معاً لإعادة بناء علاقتهما المضطربة. الخطوة الأولى في تحسين العلاقات هي الاعتراف بالأخطاء المرتكبة والالتزام بحل القضايا العالقة بشكل سلمي وعادل. أما الخطوة الثانية فتتعلق بالإصغاء الجاد، وهذا بالطبع سوف يتطلب انخراطاً من أطراف أخرى. يستطيع الأميركيون على الأقل التأكد من أن هؤلاء الذين يعملون مع باكستان، أكان ذلك في سلك الخدمة الخارجية أو في التجارة أو المنظمات غير الحكومية أو الجيش، يبذلون جهوداً جادة لفهم هذا البلد الساحر، بما في ذلك تاريخه وتراثه الديني وثقافته وديمغرافيته. لنأمل أن يتراجع هؤلاء الذين يملكون القدرة والمسؤولية لعمل ذلك، وأن يخطوا خطوة إلى الوراء ويفكروا ملياً وينظروا بعيون جادة إلى ما نحتاجه لإعادة بناء العلاقات المحترمة والصادقة. تحتاج سياسة حافة الهاوية، والقفز من أزمة لأزمة، لفتح الطريق لمجموعة علاقات ذات رؤية بعيدة الأمد. وينبغي أن تشرك حكومات، وأن تشارك باحترام واهتمام وهي تبحر عبر مواضيع حساسة: ضمان أن تفعل المعونة ما يفترض أن تفعله، وأن تعطى المعرفة والحساسيات المحلية احتراماً حقيقياً صادقاً. كما ينبغي أن يكون اللاعبون من القطاع الخاص ومن الجامعات والأعمال والمنظمات غير الحكومية، شركاء موثوقين. الأمر صعب لكنه ممكن، بل ملح وضروري. كاثرين مارشال زميلة رئيسية بمركز «بيركلي» للدين والسلام والشؤون الدولية- جامعة جورج تاون ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©