السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اقتصاد أميركا اللاتينية .. عصر المآسي

19 ديسمبر 2015 21:29
تحليل سجلت صادرات أميركية اللاتينية من المواد الخام لهذا العام (2015)، وللسنة الثالثة على التوالي، تراجعاً كبيراً لفت انتباه المحللين إلى ظاهرة سلبية يمكنها أن تلقي الضوء على بقية المشاكل الاقتصادية التي تعيشها المنطقة، وهي نقص القدرة على تنويع الصادرات. هذا العام أيضاً، تراجعت عوائد صادرات المنطقة إلى دول العالم بمعدل 14 بالمئة. ويعود ذلك لسبب أساسي يتعلق بالانخفاض المتواصل في أسعار السلع والمواد الأوليّة وفقاً لتقرير جـديد صادر عن «البنك التنموي للدول الأميركية» IDB. ولعل الشيء الذي قد يزيد الأمور سوءاً هو أن صادرات المنطقة ستواجه على الأرجحخ مشكلة الانخفاض المتواصل لأسعارها خلال العام 2016 وفقـــاً لتوقعـات البنك ذاته. وتكمن واحدة من أهم المشاكل التي تواجهها معظم دول أميركا اللاتينية في أن صادراتها تقتصر على حفنة صغيرة من أنواع المنتجات. وغالباً ما تعتمد بعض تلك الدول على تصدير المواد الخام ذاتها التي اعتادت على تصديرها إلى الخارج خلال قرن كامل. وعندما تتعرض أسعار هذه المواد للضغوط التنافسية التي تؤدي إلى انخفاض أسعارها في السوق الدولية، فإن الدول المصدرة لها ستعاني الأمرّين. ودعنا نستعرض الآن بعض الأرقام التي تدعو إلى الإحباط والتي زوّدني بها الاقتصادي الرئيسي في البنك المذكور «باولو جيوردانو» الأسبوع الماضي عندما أشار إلى أن فنزويلا تعتمد على تصدير سلعة واحدة فقط هي النفط، الذي يحتكر نسبة 96 في المئة من مداخيل الصادرات فيها، فيما تعتمد الإكوادور على تصدير 4 سلع تشكل نســـبة 75 في المئـة من مجمل صادراتها. وتعتمد دول لاتينية ثلاث هي: كولومبيا وبوليفيا وباراجواي، على أقل من 10 سلع تشكل 75 بالمئة من مجمل صادراتها، فيما تعتمد تشيلي وبيرو وبنما على 23 سلعة تشكل نسبة مماثلة من مجمل صادراتها. وأما الأرجنتين، فتعتمد على تصدير 50 سلعة ومنتجاً. وهناك دولة لاتينية واحدة تشذّ عن هذه القاعدة هي المكسيك التي كانت ذات مرة تعتمد بشكل أساسي على صادراتها النفطية، ولكنها باتت الآن تعتمد على تصدير 132 من المنتجات والسلع لتأمين 75 بالمئة من مجمل مدخول الصادرات. ولم تعد بعيدة في ترتيبها خلف كوريا الجنوبية التي تعد بلداً مصدراً عملاقاً تشكل فيه 142 سلعة ومنتجاً مصدرة إلى الخارج 75 بالمئة من القيمة الإجمالية لمجمل عوائد التصدير، وفقاً لأرقام صادرة عن «البنك التنموي للدول الأميركية». وما يزيد الأمور سوءاً، هو أن الغالبية العظمى من صادرات أميركا اللاتينية هي مواد أولية ذات قيمة سعرية تواصل انخفاضها في الأسواق العالمية. وإذا استثنينا المكسيك، فإن 81 بالمئة من صادرات أميركا اللاتينية هي مواد أولية. وعلى سبيل المقارنة، لا يشكل قطاع الخدمات إلا نسبة ضئيلة جداً من صادرات المنطقة، فيما تنخفض مشاركة قطاع الخدمات المعرفية، مثل الخدمات الطبية والبرامج التطبيقية الحاسوبية، إلى أدنى مستوى بالرغم من تزايد أهميتها في الاقتصاد العالمي المعاصر. فما الذي ينبغي على دول أميركا اللاتينية فعله للخروج من هذا المأزق؟ بالطبع، إن هذا الواقع الذي نتحدث عنه لا يعني أن على تلك الدول التوقف عن إنتاج المواد الأولية، ولا العمل على تخفيض معدل صادراتها، بل عليها أن تسارع إلى توسيع قواعد التصدير عن طريق ابتداع أنواع جديدة من المنتجات والخدمات بالإضافة للعمل على الرفع من قيمة صادراتها التقليدية. والآن، تتوافر للعديد من دول أميركا اللاتينية فرصة عظيمة لتصدير الخدمات المعرفية التي لا تشكل إلا 0.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقرير صادر عن البنك المذكور تحت عنوان «دليل التكامل والتجارة لعام 2015». وعانت معظم دول أميركا اللاتينية من تراجع في ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المئة هذا العام عزاه البعض للتباطؤ الذي يعاني منه الاقتصاد الصيني والذي أدى إلى انخفاض محسوس في أسعار المواد الأولية على المستوى العالمي، إلا أن القليلين فقط يركزون على الحقيقة التي تفيد بأن معظم المشاكل التي تعاني منها المنطقة تكمن في نقص عدد السلع والمنتجات التي تصدرها تلك الدول. وما لم تسع أميركا اللاتينية إلى تنويع صادراتها وتشجيع الابتكار ووضع هذا الأهداف في قمة أولويات أجنداتها السياسية، فستواصل معاناتها من الانخفاض الكبير والمتواصل في أسعار المواد الأولية وتفقد القدرة على رفع معدل النمو. *أندريس أوبنهايمر* *محلل سياسي أرجنتيني مقيم في نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©