الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: الإرهابيون يمارسون أعمالاً منكرة تشوه الدين

19 ديسمبر 2014 01:52
حسام محمد - (القاهرة) ترتكب الجماعات التكفيرية والإرهابية العديد من جرائم مستغلة جهل عامة الناس بمفاهيم بفرائض لها قدسيتها في الشريعة الإسلامية يسعى المسلم لتنفيذها التزاماً بأوامر الله سبحانه وتعالى، وعلى رأسها مفهوم الجهاد الذي استطاعت تلك الجماعات من خلاله استقطاب الشباب من مختلف المشارب والقوميات ليقوموا - تحت شعاره - بارتكاب العديد من الجرائم كالقتل والترويع وسبي النساء وبيعهن وقطع الرؤوس بزعم أنهم يجاهدون في سبيل الله، الأمر الذي يحتاج إلى تصحيح وتوضيح متى يكون القتال جهاداً في سبيل الله؟ ومن المخول بإعلان الجهاد؟ وكيف نحمي شبابنا من تلك المفاهيم، التي تم تحريفها بفعل فاعل؟ يقول الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: اتفق العلماء على أن الجهاد في الإسلام، شُرِعَ لدفع الاعتداء والأذى والدفاع عن الدين والوطن والنفس، موضحاً أن الشريعة الإسلامية حينما شرعت الجهاد، الذي هو بمفهوم القتال ضد أعداء المسلمين، لم تشرعه إلا بغرض الدفاع عن مقدرات المسلمين، وصد عدوان الطغاة ورفع الهوان عن الذين عذبوا وأوذوا وهُجّروا من بيوتهم وسُلبت حقوقهم فالمسلم مأمور شرعًا ألا يعتدي على أحد، والله تعالى وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه رحمة لكل الخلق فقال سبحانه: «وما أَرسَلناكَ إلاّ رَحمةً للعالَمِينَ». نبل الغاية والوسيلة ويوضح أن الجهاد في الإسلام اتسم بنبل الغاية والوسيلة معًا والجهاد فريضة منظمة بمعنى أنه ليس متروكاً للعوام كي يقوموا به بمعزل عن المجتمع، الذي يعيشون فيه، ففي ظل تقدم الأمم أصبح لكل أمة جيش وولي أمر لابد من صدور أمر الجهاد بالقتال منه لأنه الأعلم بشؤون بلاده وشؤون عدوه، وعندما يصدر أمره بإعلان الجهاد يكون انخراط الناس فيه هذا الجهاد أمراً وجوبياً بمعنى أن من يعفيه ولي الأمر من القتال فإنه يُثاب وعليه أن يلتزم بالأمر في هذه الحالة ولابد أن يعي المسلم أن الجهاد الصحيح الشرعي المحقق لمقاصد الشريعة لابد أن يكون تحت راية الدولة لصد العدوان وتحرير الأوطان أما أن تقوم جماعة ما بتكوين خلية ممن يقومون بالقتل والتدمير وسفك الدماء وقطع الرقاب، وترويع الآمنين، وتهجير الناس وسبي النساء، ونشر الفزع، وتخريب الديار، فهذه كلها أمور ليست من الإسلام في شيء، ولا تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية بل تساعد على تشويه الإسلام والمسلمين، والرسول حذّر أمته من الخروج على ولي الأمر أو مفارقة جماعة المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية». ويؤكد أهمية وضع تعريفات واضحة لمفهوم الجهاد ولابد أن تساعدنا وسائل الإعلام في نشرها، مشيراً إلى أن مفهوم الجهاد تعرض للتحريف على يد الكثير من المدعين، وبعض الذين تم خداعهم، وكثيراً ما وجدنا شباباً يتركون أوطانهم وأهاليهم وينضمون للجماعات الإرهابية، ويسفكون دماء الناس مسلمين، وغير مسلمين، تحت زعم أنهم يجاهدون في سبيل الله وهم لا يعلمون أنهم إنما يمثلون معول هدم للإسلام وتشريعاته، فشتان ما بين الجهاد الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يندفع به العدوان، وينكسر به الشر، وبين ما يقومون به من إجرام في حق الإسلام، باختصار فإنه ليس حقا لأحد من الناس والأفراد أو الجماعات أو الجمعيات أو الأحزاب، وإنما هو حق لولي الأمر. فرض كفاية ويقول الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء: الجهاد بالقتال هو في الأصل من فروض الكفايات التي يعود أمر تنظيمها فقط لولاة الأمور أو من نعرفهم اليوم باسم الساسة والقيادات، وهم هؤلاء الذين منحهم الله الولاية على أمر البلاد والعباد وبسبب مناصبهم التي يتقلدونها لديهم إلمام بكل الأحوال وجعلهم الله سبحانه وتعالى أقدر من غيرهم من عامة المسلمين على معرفة تداعيات القتال، حيث ينظرون في مدى الضرورة التي تدعو إليه من صدّ عُدوان أو دَفع طُغيان، فيكون قرارهم مدروسًا دراسة صحيحة فيها الموازنة الدقيقة بين المصالح والمفاسد بحيث يكون قراراهم بفتح باب الجهاد ليس مدفوعاً بالعاطفة وحدها بل تحكمه الحكمة والتعقل وتوقع مستقبل الأمة التي يقودونها في حال أخذوا قرار الجهاد. ويضيف: حتى في حال قصر ولي الأمر عن اتخاذ قرار فتح باب الجهاد فإنه ليس للعامة الثورة عليه أو الخروج من تلقاء أنفسهم للجهاد، نعم ولي الأمر يتحمل وزر التقاعس عن الجهاد في حال قصر عمداً عنه، ولكن العامة ليس عليهم الخروج دون أذنه و من الممكن في هذه الحالة أن يقدموا له النصيحة والمشورة . ويشير إلى أنه من المعلوم شرعًا وعقلاً وواقعًا أن التشتت وانعدام الرؤية والراية يُفقِد القتال نظامه من ناحية، ويُذهِب قِيَمَه ونُبلَه ويشوش على شرف غايته، من ناحية أخرى، وفي هذا يقول الإمام القرطبي في أحكام القرآن عن الإمام سهل بن عبدالله التُّستَري رحمه الله: «أطيعوا السلطان في سبعة ضرب الدراهم والدنانير، والمكاييل والأوزان، والأحكام، والحج، والجمعة والعيدين، والجهاد». وينوه إلى أن للمسلم أن يجاهد دون ولي الأمر في حالة واحدة فقط، وهي رد هجوم الأعداء والجهاد في هذ الحال هو ما يسمى بجهاد الدفع، وفي هذا النوع لا يَلزم أهل البلد إذن ولي الأمر في القتال ودفع المعتدين عن البلاد والعباد . الاختصاص ويؤكد الدكتور سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن أمر الحرب موكول لولي الأمر، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم، ومكامنه وكيده، فينبغي أن يرجع إلى رأيه، لأنه أحوط للمسلمين، إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم، فلا يجب استئذانه، لأن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليه. معان عديدة يؤكد الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الازهر أن للجهاد معاني أوسع ولا يتقصر على القتال فحسب، فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحج جهاداً، كما جعل المحافظة على الواجبات والفرائض من أفضل الجهاد ، وهكذا فإن حياة المسلم كلها جهاد في عبادته لله تعالى وعمارته للأرض وتزكيته للنفس، أما الادِّعاءُ بأنّ مفهوم الجهاد في الإسلام مقصورعلى الحرب والقتال فقط هو خطأ كبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©