السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الله يحفظ رسوله ويرد عنه الكيد ويمنع السوء

18 ديسمبر 2014 23:55
أحمد محمد(القاهرة) سهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة، والسيدة عائشة إلى جنبه، قالت ما شأنك يا رسول الله؟ قال «ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة؟»، قالت فبينا أنا على ذلك إذ سمعت صوت السلاح فقال: «من هذا؟» فقيل أنا سعد بن مالك، فقال: «ما جاء بك؟»، قال جئت لأحرسك يا رسول الله، قالت فسمعت غطيط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نومه، ثم انزل الله تعالى: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ»، «سورة المائدة - الآية 67»، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها، كان النبي يُحرس حتى نزلت الآية «والله يعصمك من الناس» فأخرج -صلى الله عليه وسلم- رأسه من القبة، وقال: «يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل». وعن ابن عباس قال النبي -صلى الله عليه وسلم: «لما بعثني الله برسالته ضقت بها ذرعا وعرفت أن من الناس من يكذبني فأنزل الله هذه الآية، وكان أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت «والله يعصمك من الناس» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس فلا أحتاج إلى من يحرسني»، وقال عصمة بن مالك الخطمي، كنا نحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل حتى نزلت هذه الآية فترك الحرس. قال الإمام ابن كثير، ومن عصمة الله عز وجل لرسوله حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها، مع شدة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا، بما يخلقه الله تعالى من الأسباب بقدره وحكمته العظيمة، فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب إذ كان رئيسا مطاعا كبيرا في قريش وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا شرعية، ولو كان أسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر هابوه واحترموه، فلما مات أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرا، ثم قيض الله عز وجل له الأنصار فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحول إلى دارهم- وهي المدينة- فلما صار إليها حموه من الأحمر والأسود، فكلما هم أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء كاده الله ورد كيده عليه، لما كاده اليهود بالسحر حماه الله منهم، وأنزل عليه سورتي المعوذتين دواء لذلك الداء، ولما سم اليهود في ذراع الشاة بخيبر أعلمه الله به وحماه منه. ونقل أبو جعفر بن جرير الطبري، عن محمد بن كعب القرظي وغيره قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة فيقيل تحتها، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال من يمنعك مني؟، فقال: «الله عز وجل»، فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منه، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، فأنزل الله عز وجل «والله يعصمك من الناس»، أي يمنعك من أن ينالوك بسوء. وفي عصمة الله للرسول دليل على نبوته؛ لأنه عز وجل أخبر أنه معصوم، ومن ضمن الله له العصمة فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئا مما أمره الله به. وقال الطاهر بن عاشور في «التحرير والتنوير»، إن العصمة بمعنى الوقاية تؤذن بخوف عليه، يخاف عليه أعداءه، وليس في المؤمنين عدو لرسوله، فالمراد العصمة من اغتيال المشركين، وهذه العصمة التي وعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكرر وعده بها في القرآن كقوله «فسيكفيكهم الله»، وفي غير القرآن، فقد جاء في بعض الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر وهو بمكة أن الله عصمه من المشركين، فهذه الآية تثبيت للوعد وإدامة له وأنه لا يتغير مع تغير صنوف الأعداء. ثم أعقبه بقوله «إن الله لا يهدي القوم الكافرين» والمراد بالهداية هنا تسديد أعمال الكفار وإتمام مرادهم، فهو وعد لرسوله بأن أعداءه لا يزالون مخذولين لا يهتدون سبيلا لكيد الرسول والمؤمنين، لطفا منه تعالى، وليس المراد الهداية في الدين لأن السياق غير صالح له.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©