الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: الفتنة.. خلاف يبدأ بالكلام والسباب ويشتعل بالقتال

علماء: الفتنة.. خلاف يبدأ بالكلام والسباب ويشتعل بالقتال
6 فبراير 2014 20:30
أحمد مراد (القاهرة) - الفتنة ابتلاء كبير، تبدأ بالخلاف عبر الكلام والسباب وينتهي بالقتال، وعند إراقة الدماء تتسع هوة الخلاف فيسقط الجميع في بئر الفتنة، وتفشل كل محاولات التوفيق والتصالح في الخروج إلى حيز التنفيذ، ودائماً ما يكون للفتنة رجالها وأهلها الذين يسعون لإشعالها بهدف زيادة الفرقة بين المسلمين، ومن هنا جاء تحذير الله تعالى من شر الفتنة المستطير وفسادها العريض لأن نتائجها تعم الجميع الصالح والفاسد الظالم والمظلوم. الفتنة والقتل حول ما ورد في القرآن الكريم، تقول الدكتورة إلهام شاهين أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إن كتاب الله أكد في سورة البقرة أن «الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ» «البقرة آية 191 ، 217»، والقتل نحن جميعا نعرفه ونراه ونعانى من آلامه وتبعاته ونراه أشد شيء على نفوسنا ولكن رب العالمين يقول لنا أن هناك ما هو أشد وأكبر من القتل وهي الفتنة، وقد كنا أمة واحدة غنية بزهدها متقدمة بعلمائها متوحدة بصلاح أولى أمرها، ولكن حب الدنيا والرياسة والسعي وراء المصالح الخاصة جعل سمتنا هو الضعف بعد القوة، والجهل بعد العلم، والتأخر بعد التقدم، والافتقار بعد الغنى، والفرقة بعد الاجتماع وابتليت الأمة بالفتنة. اختلاف وتشير إلى أن الفتنة ابتلاء كبير من الله لعباده لأنها تكون فيما خفي وجهه والتبس على الناس فيختلفوا فيه، فإذا اختلفوا أدى ذلك الاختلاف إلى خلاف بدأ بالكلام والسباب واللعن والطعن وانتهى بالشجار والقتال والدم فإذا سالت الدماء زادت واتسعت هوة الخلاف فيسقط الجميع في بئر الفتنة «أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا..» «التوبة 49». وندور في دائرة لا يمكننا الخروج منها ولا يسمع أحد لغير رأيه ولايسمح لقول غير موافق لهواه ولذا نجد كل محاولات التوفيق والتصالح لا تخرج أبداً إلى حيز التنفيذ بل لا يسمح بمناقشتها أو التفاهم حولها، وفي ذلك قال شيخ الإسلام: إذا وقعت الفتنة عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء. فرقة المسلمين وتضيف: للفتنة أصحاب وأهل لها وهم من يكون همهم السعي في إشعالها والترويج لها ليزيدوا فرقة المسلمين وتشرذمهم وهؤلاء لهم ألف رأي ووجه وذلك كأصحاب المصالح الداخلية والولاءات الخارجية وكالإعلام الفاسد الكاذب المضلل بالصوت والصورة والكلمة وقد فضحهم الله تعالى في محكم آياته فقال تعالى: «سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا..» «النساء:91»، والآية وصف دقيق لدخيلة أهل الفتن من ذوي المواقف المتقلبة والولاءات المتباينة، ممن يريد إرضاء أصحاب كل ملة ودعاة كل نحلة بموافقتهم على شيء مما عندهم، كي ينال من خيرهم ويأمن شرهم، حتى ولو كان ما يدعى إليه فتنة في الدين أو الدنيا، فهو مستعد للارتكاس فيه. أوامر الله وتشدد الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات العربية والإسلامية بالأزهر على ضرورة أن يعلم المسلمون أن مخالفة أمر الله في الاعتصام بحبل الله والتجمع والتوحد ونبذ كلامه ثم الالتفاف حول الفرق والأحزاب والجماعات واتباع الأهواء هو سبب ما نعانيه ولن نخرج من المأزق الذي وضعنا أنفسنا فيه إلا بعدة خطوات، أهمها اتباع أوامر الله وابتغاء مرضاته هُوَ لا هَوَى أنفسنا الأمارة بالسوء، والله يقول لنا: «وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ». وتدعو إلى تقوى الله ومراقبته تعالى في كل أقوالنا وأفعالنا لأن مرجعنا ومآلنا إليه، وهو فقط الذي سيحاسبنا على أعمالنا الظاهرة والخفية وما تضمره قلوبنا من خير أو شر والسعى في الصلح الجاد والدؤوب بين المتنازعين اتباعاً لأمر الله تعالى في سورة الأنفال «فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». وليس لأحد أن يقول لا صلح بعد أن سال الدم وأُعْمِلَ فينا القتل لأن الله ما أمر إلا بالإصلاح بين المتقاتلين، فقال تعالى: «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»، فالأمر بالإصلاح ثلاث مرات متتاليات من الله ورد حتى مع القتل ثم البغى والظلم والتعدى لأن الصلح سيؤدى إلى نبذ الفرقة، والخلاف، وسيجمع شمل الأمة من جديد، وهذا هو الأهم في الإسلام من الدم الذي لقى أصحابه ربهم، وهو كفيل بهم وبإرضائهم ورزقهم وأهلهم. الأطراف المتنازعة الدكتورة آمنة نصير نبهت إلى ضرورة التوقف عن السب والشتم واللعن الذي أصبح الصفة السائدة لكل الأطراف المتنازعة فالسب ليس من صفات المؤمنين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ»، وليس لقائل إن يقول إنه تنفيس عن النفوس المحترقة بنار قتلاهم لأن ذلك حدث في زمن الخلاف بين علي أمير المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان فقد ورد أن الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه حينما سمع بعض أهل العراق في معركة صفين يسب أهل الشام قال لهم: إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به. فتح الحوار نبهت الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر إلى أهمية فتح باب الحوار وتقبل كل الآراء والأفكار والتوجهات المخالفة ولا يدعى أحد أنه على الحق وحده دون غيره لقد أمرنا الله بالحوار مع الكفار وألا ندعى لأنفسنا ساعة الحوار معهم أننا وحدنا على الصواب وذلك لنجد أرضية مشتركة للحوار والاتفاق ننطلق منها إلى السلام والأمان الاجتماعى فقال تعالى: «قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ»، هذا مبدأ الحوار مع الكافرين فما بالك بالأخوة في الوطن والدين. خطورة أحداث الفتن على المجتمع حذر المفكر الإسلامى الدكتور عبدالحميد أبوسليمان رئيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي من خطورة أحداث الفتن على المجتمعات الإسلامية، مطالبا الجميع بالتصدي لكل محاولات زرع الفتن ــ سواء الطائفية أو العرقية أو السياسية ــ في صفوف المسلمين، وذلك بالرجوع إلى المنهج الإسلامي الذي لا يبيح استخدام العنف والقتال داخل كيان المجتمع الواحد مهما كانت الأحوال، فالإسلام هو دين السلام القائم على الإخاء وعلى التراحم والعدل والتكافل والشورى والإصلاح وعلى حس المسؤولية ليس في بعده المادي في هذه الدنيا بحكم القانون، ولكن أيضا في بعده الروحي في الأبدية والحياة الأخروية، فهو لا يقر بحال من الأحوال الظلم والعدوان والاستبداد، وهو في الوقت نفسه لا يفسح مجالا في مجتمعه للعنف في إدارة سياسة المجتمع. كما أن الإسلام ــ والكلام للدكتور أبوسليمان ــ لا يرضى الظلم والطغيان، ويدعو إلى مقاومته بالأساليب الصحيحة المناسبة، ويؤسس للأساليب السياسية والمدنية لإقامة ركائز حكم الشورى العادل والتزام معالجة السياسي سياسيا وليس بالعنف وسفك الدماء، وبذلك كله يحمى الإسلام المجتمعات الإسلامية من شرور الفتن والانقسام، ومن هنا كان لابد للجميع أن يعودوا إلى القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يتجنبوا الفتن قبل أن تأكل الأخضر واليابس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©