الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصداء الثورة التونسية

31 يناير 2011 21:16
‎عبد الغني الماوري كاتب يمني مهما أعُطيت ثورة تونس من أوصاف، فإنها الثورة الأهم في التاريخ العربي المعاصر، وثمة خوف عميق من أن تمتد تأثيراتها إلى بعض الدول، والتي لا تنفك أنظمتها التأكيد على أن تونس حالة خاصة، وأن ما حدث لن يتكرر بأي صورة من الصور في أيٍ منها، وأن ما يقوله البعض من أن هناك تشابهاً بينها وبين تونس ليس إلا مجرد كلام فارغ. التقليل مما حصل في تونس ليس سوى محاولة لإبقاء الحال على ما هو عليه في تلك الدول، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه يلقى تأييداً من الشعوب التي اكتشفت فجأة أنها قوية بما يكفي لتغيير أنظمتها برغم ما تملكه من جبروتٍ وقوة. لقد أسقط التونسيون أساطير كثيرة، أهمها أن ثمن التغيير كبير وباهظ بحيث لا يقدر على دفعه أحد، ومثّل سقوط نظام صدام على يد القوات الأميركية وحلفائها عام 2003، وما تبع ذلك من حرب أهلية وانقسامات حادة ما تزال تهيمن على المشهد العراقي دليلاً على صحة هذه النظرية. ومن ضمن الأساطير التي أسقطتها الثورة التونسية استحالة التغيير في ظل انعدام حياة سياسية حقيقية، وما يترتب على ذلك من وجود أحزاب معارضة في مواجهة السلطات القائمة، فقد قام الشعب التونسي بثورته متجاوزاً الطبقة السياسية التي تخلت عن دورها في تأكيد مبادئ وقيم الديمقراطية والحرية. وقد شكّل الشباب التونسي الفارق في هذا السياق، إذ تمكن من خلال شعارات غير مؤدلجة تتعلق بالخبز والحرية وبالكرامة الوطنية من إقناع فئات مختلفة من الشعب التونسي بالانضمام إلى حركة التغيير، فضلاً عن لعبه دور مؤثر في الدعاية لهذه الثورة من خلال تبادل الرسائل والصور عبر "التويتر" و"الفيسبوك" وبث كل ذلك إلى العالم. لكن أخطر هذه الأساطير التي أسقطتها الثورة التونسية، هي تلك التي تتعلق بالقوة المتخيلة لبعض الساسة. والواقع أن بعضاً من حكام المنطقة قد استغلوا هذا الجانب على نحو سيئ. وبالإضافة إلى هذه القوة المزعومة، فإن امتلاك الحاكم العربي لعشرات الأوصاف قد جعلته في أحيان كثيرة يبدو وكأنه رجل كل المهمات. وهو فوق ذلك يملك الحكمة والقرارات الصائبة والحلول الناجعة لكل مشكلات الناس الكبيرة والصغيرة. وقد ساعد في ترسيخ هذه الصورة، طيف من المنتفعين يتوزعون على أجهزة قمعية، ووسائل إعلام تمارس قدراً كبيراً من التضليل، وكذا نخب سياسية تنازلت عن وعيها وعن وظائفها في الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي. ولا شك أن تحالف هذه القوى المؤثرة والمؤيدة للنظام قد جعل المواطنين العاديين تحت ضغط عنيف ومستمر طوال الوقت. والأخطر من ذلك كله، أن كثيراً من المواطنين العرب آمنوا بقدرة هذه الأنظمة على التحكم في حياتهم بشكل تام، بل ومعرفة ما في دواخلهم. لكن انهيار نظام بن علي على هذا النحو المفاجئ وبهذه السرعة أثبت للتونسيين أن كل ما كان يقال عن قوة هذه الأنظمة أمر مبالغ فيه. ينشر بالتعاون مع مشروع "منبر الحرية"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©