السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جنوب السودان... وأبعاد التدخل الأوغندي

جنوب السودان... وأبعاد التدخل الأوغندي
6 فبراير 2014 01:01
كين أوبالو محلل سياسي في 15 يناير الماضي، اعترف الرئيس يوري موسيفيني أن قوات الدفاع الشعبي الأوغندية تشارك في عمليات قتالية في جنوب السودان. ومباشرة عقب التداعيات السياسية في جوبا وتصاعد الأعمال العدائية بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير وأولئك الذين يدعمون نائبه السابق رياك مشار، قام موسيفيني بتهديد مشار بالقيام بعمل عسكري اذا لم يجلس إلى طاولة التفاوض مع سلفا كير. وقد أثار تدخل موسيفيني عسكرياً في الصراع المخاوف في كينيا وغيرها من البلدان الأفريقية المجاورة. أولاً، لأن تدخل أوغندا في الصراع قد يعرض للخطر اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في 23 يناير الماضي في أديس أبابا. فمنظمة «إيجاد» التي تعد الهيئة الحكومية للتنمية، من المفترض أن تكون حكماً محايداً ومراقباً في الصراع. وميل موسيفيني الواضح نحو حكومة جوبا سيثير الشكوك حول حيادية جهود الوساطة. ولأسباب تاريخية، تخشى الخرطوم من تورط أوغندا عسكرياً في جنوب السودان. ولكن الوضع هذه المرة مختلف قليلاً، وأكثر تعقيداً. وقد أظهر الرئيس السوداني عمر البشير استعداده لدعم جوبا ضد مشار، ربما لسببين: الأول، لأن الخرطوم في حاجة إلى مساعدة جوبا لإضعاف تمرد «الحركة الشعبية لتحرير السودان» - شمال في النيل الأزرق وجنوب كردفان الواقعتين على حدود جنوب السودان. وثانياً، لأن البشير في حاجة إلى الحفاظ على تدفق النفط لدرء الاضطرابات الداخلية في السودان الناتجة عن سرعة تدهور الأحوال الاقتصادية. استعداد «كير» للتضحية بـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال» ليس مفاجئاً باعتبارها فرعاً من «ابناء جرنج» (ومعظمهم من حملة الدكتوراه) الذين احتلوا مكانة خاصة، بعكس كير وغيره، في الجيش الشعبي لـ«جرنج». ويتشارك زعيم الحركة «مالك عقار» مع «جرنج» في رؤيته حول السودان المتحدة، في مقابل انفصال الجنوب. ومع ذلك، ففي الوقت نفسه لا ترغب الخرطوم في رؤية جنوب السودان قوية وخالية من المتمردين. فالوقف التام للنزاع في جنوب السودان سيسلب الخرطوم توكيلات للإبقاء على جوبا تحت السيطرة. إن تورط أوغندا يمكن أن يرجح كفة الميزان لصالح جوبا في مقابل حلفاء البشير المحتملين. وفي الوقت نفسه، يتزايد القلق في نيروبي وأديس أبابا حول ادعاء أوغندا أن «إيجاد» عليها تسديد فاتورة مغامرات قوات الدفاع الشعبية الأوغندية في جنوب السودان. وتفضل كل من أثيوبيا وكينيا تسوية النزاع على طاولة المفاوضات. وقد أكدت كينيا أنها لن ترسل قوات إلى جنوب السودان، حتى تحت مظلة «إيجاد». ومن الواضح أن حذر نيروبي وأديس أبابا في إرسال قوات أو نقود من أجل قضية عسكرية في جنوب السودان، يتناقض بشكل حاد مع اختيار كمبالا للعمل العسكري منذ بدء اشتعال الأزمة في جوبا. هذا، على الرغم من أن أوغندا لديها قوات تخدم في الصومال. وهذا من شأنه أن يثير تساؤلاً مؤداه: ما الذي يفسر مغامرة أوغندا العسكرية الدولية؟ وتكمن الإجابة في التقاء التاريخ، والجغرافيا والسياسة الدولية وسياسة أوغندا الداخلية. تعتبر أوغندا من أكثر الدول الأفريقية التي تطغى عليها الصفة العسكرية، مع وجود تمثيل مباشر للجيش في البرلمان (10 مقاعد). كما يتدخل أيضاً في شؤون الدولة، مع تاريخ من المشاركة القتالية ودعم الجماعات المتمردة في ست دول مجاورة- بروندي وجمهورية أفريقيا الوسطي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا والصومال وجنوب السودان. وفي الآونة الأخيرة، كانت الأمة مدافعاً رئيسياً لتحقيق مزيد من التكامل داخل جماعة شرق أفريقيا. وفي الواقع، فإن موسيفيني يتخيل نفسه كرئيس محتمل للاتحاد السياسي للجماعة عندما يتحقق على أرض الواقع. كما أن أوغندا لاعب رئيسي قادر على الاستجابة الفورية للأزمات، وهي قوة احتياطية لديها القدرة على نشر قوات بشكل سريع في بؤر التوتر في أفريقيا (بمشاركة دول أخرى داعمة من بينها جنوب أفريقيا وتشاد وتنزانيا). في مطلع التسعينيات، شاركت أوغندا عسكرياً في عدد من الدول المجاورة. ولكن دعمها لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بزعامة جرنج أثار غضب الخرطوم التي دعمت بدورها «جيش الرب» الأوغندي، وهي حركة تمرد مسيحية في شمال أوغندا. وفي وقت لاحق، شن الجيش الأوغندي غارات ضد قواعد «جيش الرب» في السودان بينما كان يقدم المساعدة القتالية لحركة التحرير الشعبية. وعلى سبيل المثال، أبرزت معركة «ياي» في عام 1997 وقوف الجنود الأوغنديين إلى جانب «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وتقريباً منذ ذلك الوقت زرعت بذور المشاركة العسكرية المستقبلية في الخارج في مطلع القرن. وعقب إعلان الرئيس الأميركي بيل كلينتون السودان كدولة راعية للإرهاب، وضعت أوغندا نفسها كحليف في الخطوط الأمامية للحرب العالمية على الإرهاب. وقامت كمبالا بدور الوسيط للحصول على المساعدات الأميركية لـ«الحركة الشعبية»، وبذلك عززت من الروابط العسكرية بين أوغندا والولايات المتحدة. ويقال إن أوغندا في عام 2003 كانت من بين عدد قليل من الدول الأفريقية التي أيدت الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على العراق. أما تورطها حالياً في جنوب السودان فيعكس المنطق المتعدد الأوجه لنهج المغامرة العسكرية الدولية لأوغندا. كما أن هذا التدخل يهدف أيضاً الى تأمين أسواق البضائع الأوغندية. ووفقاً لبيانات بنك أوغندا، فإن قيمة صادرات أوغندا الى جنوب السودان في عام 2012 بلغت 3ر1 مليار دولار. كما يعمل حوالي 150 ألف تاجر أوغندي عبر الحدود، ناهيك عن عدد لا يحصى من المنتجين الزراعيين الذين يستفيدون من التجارة عبر الحدود مع جارتهم الشمالية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©