السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهنيّة الاستخبارات وازدواجية الساسة

14 ديسمبر 2014 23:26
اعتاد العاملون بوكالة الاستخبارات المركزية على تغيرات متكررة ومفاجئة في مواقف قادتهم السياسيين. غير أن التحولات والانعطافات الأخيرة كانت مثيرة بشكل خاص. فهم من ناحية يسمعون الشعب ووسائل الإعلام وأعضاء الكونجرس يطلقون الإنذارات بشأن التهديدات الإرهابية لتنظيم «داعش»، ويحثونهم على فعل أي شيء في أسرع وقت. ويقول السياسيون من كلا الحزبين إن الجماعة المتشددة تشكل تحدياً هائلا ويجب منعها من جلب ممارساتها الوحشية إلى شواطئ أميركا. ويؤكد لنا الرئيس أن الولايات المتحدة «ستدمر» هؤلاء الإرهابيين في نهاية الأمر. ويقول نائبه إننا سنلاحق «داعش» حتى «أبواب الجحيم». لكن من الناحية الأخرى، هناك بعض الأشخاص، أمثال السيناتورة «ديان فينشتاين»، يصرخون فيما يتعلق بملخص تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ المكون من 500 صفحة. فوفقاً لنتائج التقرير التي تم تسريبها، فإن برنامج الاستجواب الذي لم يجلب أي قيمة استخباراتية ما هو إلا باطل فاضح. إنه محاولة غير أمينة لإعادة كتابة التاريخ. إنني أشعر بالحيرة من قدرة مجلس الشيوخ على تسخير كل هذه المصادر لدراسة برنامج الاستجواب، ومع ذلك لم يتحدث ولو مرة واحدة مع أي من الأشخاص الرئيسيين المتورطين في ذلك، ومن بينهم الشخص الذي يديره. ووفقاً لتقارير، فإن «فاينشتاين» ومؤيديها سيقولون إن وكالة الاستخبارات قد انتهكت المبادئ الأميركية وأخفت الحقيقة البشعة من الكونجرس والبيت الأبيض والعامة. وقد تم تنفيذ برنامج الاستجواب بمقتضى تصريح من قبل أعلى المستويات في الحكومة الأميركية، وحُكِم بقانونيته من قبل وزارة العدل وثبتت فاعليته بالمعايير المعقولة. وقد تم إطلاع رؤساء لجان الاستخبارات بمجلسي الشيوخ والنواب من كلا الحزبين على البرنامج أكثر من 40 مرة بين عامي 2009 و2002. لكن النائبة الديمقراطية «نانسي بيلوسي» حاولت إنكار أنه قد قيل لها عام 2002 إن المعتقلين تم إغراقهم بالمياه. وهذا ببساطة ليس صحيحاً، فقد كنت واحداً مما أخبروها بذلك. ويحمل نقد السياسيين لبرنامج الاستجواب الذي وضعته الاستخبارات المركزية قدراً كبيراً من النفاق. ففي أعقاب هجمات 11 سبتمبر، حثنا المشرعون للقيام بأي شيء ممكن للحيلولة دون وقوع هجمة أخرى على أرضنا. وكانت هناك رغبة بالإجماع بين أعضاء الكونجرس والإدارة بأن تقوم الاستخبارات بكل ما في وسعها لتدمير تنظيم «القاعدة». وقد حصلت وكالة الاستخبارات على الموافقات اللازمة للقيام بذلك، وكانت تقوم بإطلاع الكونجرس طوال الوقت. لكن بينما ازدادت نجاحاتنا، تقلصت تنويهات بعض المشرعين فيما يتعلق بالدعم الذي سبق أن عرضوه. ففي 22 مايو 2002، نقلت «نيويورك تايمز» عن «فينشتاين» قولها إن هجمات 9-11 كانت تنبيهاً حقيقياً وأنها جعلتنا ندرك «عمق التهديد» وأنه «يتعين علينا القيام بأشياء لم نكن نرغبها لحماية أنفسنا». وبعد جهود وكالة الاستخبارات غير العادية، والتي دعمتها المعلومات التي تم الحصول عليها من برنامج الاستجواب، تم اعتقال «خالد شيخ محمد»، مهندس هجمات 11/9 في باكستان. وبعد فترة وجيزة، قال السيناتور الديمقراطي «جاي روكفلر» في برنامج «الطبعة الأخيرة» على شبكة «سي ان ان»: «إننا لا نعرف مكان خالد شيخ محمد. إنه بمكان آمن تحت الحماية الأميركية. إنني على يقين أننا سنكون في منتهى القسوة معه». وبسؤال السيناتور عن طريقة استجواب «محمد»، قال: «هناك مذكرات رئاسية تصف وتسمح باتخاذ تدابير معينة». وأضاف: «أن لديه معلومات وأن الحصول عليها سينقذ أرواح الأميركيين». وسأله مقدم البرنامج إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة تسليم «محمد» إلى دولة صديقة مع عدم وضع قيود ضد التعذيب، فقال: «إنني لا أستبعد أي شيء بخصوصه، لأنه الرجل الذي قتل مئات الأميركيين خلال عشر سنوات الماضية». وإذا كانت «فينشتاين» و«روكفلر» وغيرهما يقولون ذلك لوسائل الإعلام، فماذا عساهم أن يقولوا لنا سراً. لقد فعلنا ما طُلب منا، وما كنا على يقين بأنه قانوني، وكنا نعلم أن هذه الإجراءات فعالة. ومكافأتنا، بعد مرور عقد من الزمان، هي أن نسمع بعضاً من هؤلاء الساسة يعبرون عن غضبهم حيال ما قمنا به، بل والأسوأ، يسيئون وصف هذه الأفعال ويحطون من قدر النجاح الذي حققناه. إنني على يقين بأن زملائي السابقين في الاستخبارات المركزية سيفعلون اللازم لحماية البلاد من «داعش» وتهديدات «القاعدة» المستمرة. لكنهم سيتوقعون انتقادهم بعد مرور سنوات. خوسيه رودريجز * مسؤول مخضرم في وكالة الاستخبارات المركزية ينشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©