الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السودان.. والطريق المسدود

13 ديسمبر 2014 23:34
تبددت بعض بشائر الآمال التي تعلق بها كثيراً أهل السودان بانفراج الأزمة السياسية الحادة التي تُمسك بخناق البلاد وقد ضربت حياة الشعب توتراً وإحباطاً وضيقاً في المعيشة وخوفاً مما تخبئه الأيام عندما توجه وفد الحكومة صوب أديس أبابا، بدعوة وترتيب من رئيس الوساطة الأفريقية لمتابعة سير عملية المفاوضات المتعثرة مع وفدي «الحركة الشعبية» وحركات دارفور المسلحة، التي كانت قد عُلقت بناء على طلب «ثابو امبيكي» الذي أراد أن يمنح الجانبين فسحة من الوقت لمراجعة مواقفهما، والإجابة على مصفوفة من الأسئلة قدمها لهما. وكان الرئيس البشير قد قال في حديث له إن الحكومة لن تتراجع أبداً عن موقفها باعتبار أن اتفاق الدوحة بشأن مشكلة دارفور الذي توصلت إليه الحكومة وعدد من الحركات الدارفورية هو المرجعية الأساسية التي تبنى عليها مخرجات مفاوضات أديس أبابا مع الحركات المسلحة الأساسية الأمر الذي كانت، وما زالت، ترفضه الحركات المسلحة التي تتفاوض معها الحكومة. وكان بعض الأمل يداعب كثيراً من السودانيين ومعهم رئيس الآلية الأفريقية الذي بذل جهداً كبيراً في محاولة الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف صاغه في خريطة طريق قدمها وأعلن عن موافقة الطرفين عليها، وبناءً على ذلك دعاهما للجلوس على طاولة التفاوض. ولكن يبدو أن هذا الأمل كان أشبه بسراب يصعب الإمساك به بشكل موضوعي. فإذا كانت الحكومة بقيت على تمسكها بوثيقة الدوحة كمرجعية لا تراجع عنها أو مراجعة لبنودها، وهو ما رفضته منذ البداية الحركات الدارفورية المسلحة، فمن أين أتى بصيص الأمل الذي تعلق به بعض المتفائلين؟ وكان «ثابو امبيكي» قد بذل محاولة -قد تكون الأخيرة- لتليين موقف الحكومة، فبعث بموفد خاص إلى الخرطوم في هذا الاتجاه وعاد الموفد صفر اليدين.. و كان أيضا قد طلب من أحزاب وقوى المعارضة السلمية الحضور الى أديس أبابا واستمع إليها وبدا راضياً عن طرحها السياسي وموافقتها على مقترحه الذي يصل في نهايته إلى جمع أطراف النزاع السوداني المعقد في مؤتمر لحوار توافقي جامع، لمناقشة أجندة المؤتمر الدستوري الشامل الذي سينعقد في الخرطوم وبرعاية ومراقبة الاتحاد الأفريقي. وكل تلك الخطوات المقترحة تبدو مطلوبة ومُلحة للخروج بالسودان من هذه الأزمة المتصاعدة. وإذا أصرت الحكومة على موقفها الحالي فعليها تحمل المنزلقات والمخاطر التي قد تترتب على هذا القرار ومواجهة المزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية من قبل الأسرة الإقليمية والدولية. وفي أديس أبابا أسفرت اجتماعات قادة ورموز المعارضة السودانية المدنية والمسلحة، ومنظمات المجتمع المدني، عن صدور بيان مشترك تحت مُسمى «نداء السودان».. وقد نجح في إقناع الجبهة الثورية المسلحة بالانضمام الى الإجماع القومي الذي اختار منازلة السلطة في الميدان السلمي استجابة لرغبة غالبية شعب السودان وأصدقائه وحلفائه الإقليميين والدوليين. وقــــد وحّـــد «نداء الســــودان» صــــف المعارضـــة ضمن برنامج واضح في تفاصيله وخطوطه وصياغته، وهو الأمر الذي رأى فيه كثير من المعلقين خطوة جيدة تفتـح الطريـــق لحوار جاد ومسؤول بين المعارضة والحكومة سيحظى بالتأييد والدعم الشعبي والإقليمي. ولكن السلطة واجهت كل ذلك باعتقال رئيس قوى الإجماع الوطني فاروق ابوعيسى ورئيس تحالف منظمات المجتمع المدني أمين مكي مدني، بعد عودتهما من أديس أبابا، باعتبار أنهما من الموقعين على بيان «نداء السودان» الأمر الذي لقي نقداً حتى من شركائها في آلية الحوار (7 + 7) بل ومن بعض أعضاء الحزب الحــاكم الذين رأوا أن هذه الخطوة لا تساعد السعي الجاد لجمـع أطراف النزاع السياسي. وسواء أفرجت السلطة عنهما أم لم تفرج، فإن المتشككين أصلًا قد يزدادون توجساً تجاه مدى جدية السلطة في الحوار القومي الذي هو الطريق الوحيد بمخرجاته المطلوبة للخروج بالسودان من هذه الأزمة الخانقة والطريق المسدود. عبدالله عبيد حسن * * كاتب سوداني - مقيم في كندا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©