الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المعارضة السورية... من أين تحصل على سلاحها؟

المعارضة السورية... من أين تحصل على سلاحها؟
19 نوفمبر 2012
في وقت تتواصل فيه المعركة حول حلب في أكبر مدينة في سوريا، تتم خلف خطوط الجبهة عملية هامة بالنسبة للقتال والمقاتلين، ألا وهي إنتاج أسلحة تقليدية الصنع. وتعتبر حلب جبهة رئيسية في النزاع الذي بدأ قبل حوالي 20 شهراً من الآن بين نظام الأسد والمعارضة التي تحاربه؛ نزاع أعلن نشطاء يوم الخميس الماضي أنه حصد حتى الآن أرواح نحو 39 ألف شخص، علاوة على نحو خمسين ألف معتقل وقرابة مليوني نازح ومهجر ولاجئ. وفي محافظة حلب، تتخصص كتيبة أبو بكر الصديق المعارضة في صنع بعض القذائف القتالية، وإن كانت تنتج أيضاً قنابل يدوية وأسلحة أخرى مما يحتاجه مقاتلو المقاومة. وخلال الآونة الأخيرة، كشف زعماء الكتيبة النقاب عن أحدث ابتكار لهم: قذيفة ذات رأس حربية هي الأكبر التي تمكنوا من صناعتها حتى الآن، حيث يبلغ وزنها نحو 13 باوندا (نحو 6 كيلوجرامات). ورغم أنهم مازالوا في مرحلة الاختبار، إلا أنهم يأملون في استخدامها قريباً في ساحة المعركة أيضاً بعد التأكد من فاعليتها القتالية. ونظراً لتدفق أسلحة قليلة إلى المعارضة السورية المسلحة من خارج سوريا، عبر طرق ملتوية وغير رسمية، فقد لجأ المقاتلون إلى صناعة أسلحتهم الخاصة بأنفسهم؛ مثل القذائف، وقذائف الهاون، والقنابل الأنبوبية، والقنابل اليدوية، والعبوات الناسفة... وذلك في وقت مبكر من النزاع. غير أن جهود صناعة القذائف، بشكل خاص، يبدو أنها قد أضحت أكثر تنظيماً خلال الأشهر الأخيرة فقط. وفي هذا السياق، يقول إيليوت هيجينز، الذي يرصد الأسلحة المستخدمة بمعارك النزاع السوري على مدونته على شبكة الإنترنت، إن “مصانع” القذائف الفعالة التي تُنتج أعداداً هامة من قطع السلاح، حلت على ما يبدو محل الجهود العشوائية والمتفرقة السابقة، لاسيما في محيط مدينة حلب التي دخلت دائرة المعارك متأخرة. ويشار في هذا الصدد إلى أن صور فيديو لبعض هذه العمليات قد بدأت تظهر بشكل أكثر وعلى نحو متزايد خلال الأشهر القليلة الماضية، لاسيما على قنوات تابعة لموقع “يوتيوب” تديرها مجموعات المقاتلين ونشطاء المعارضة السورية في الداخل. وفي مقر كتيبة أبو بكر الصديق، وهي عبارة عن قاعة سقفها مرتفع وتبدو مثل ورشة عمل سابقة، تباهى زعماء الكتيبة مؤخراً بعدد من القذائف والأسلحة الأخرى التي استطاعوا إنتاجها بأنفسهم وباستخدام ما هو متاح من وسائل محدودة للغاية وفي ظل الظروف التي تعرفها سوريا. وعلى أرضية المكان كان يوجد كيس بلاستيكي شفاف مليء بالقنابل اليدوية، ووراء أحد المكاتب جلس رجل بزيه العسكري يسلم الذخيرة للمقاتلين. وقد طلب زعيم المجموعة عدم الكشف عن الموقع حتى لا يتم استهدافهم بالقنابل التي تلقيها طائرات النظام. إن العديد من الموجودين في القاعة كانت تبدو عليهم مؤشرات تفيد بأنهم كانوا قريبين جداً من ساحة القتال: فأحد الرجال كانت على ساقه جبيرة من الجبس، بينما كانت لدى آخر إصابة بشظية. أما زعيم الكتيبة، ياسر الشيخ، فقد ضحك عندما سُئل حول ظروف إصابته في أصبعه المضمد. ويقول الشيخ إن مجموعته صنعت ما يقارب من ألف قذيفة، وإنهم يرسلون كل أسلحتهم إلى فرقة التوحيد، التي تعد واحدة من أكبر المجموعات القتالية في حلب، وذلك من أجل استخدامها في المعركة هناك. كما يقول الشيخ، بانزعاج واضح إن “التوحيد” بدأت تنشر صور فيديو على موقع يوتيوب توحي بأنها صاحبة الفضل في إنتاج أسلحة هي في الواقع من صنع كتيبته. صناع الأسلحة في الكتيبة هم عبارة عن خليط من العسكريين السابقين الذين يتمتعون بخبرة في الأسلحة، ومدنيين من المهندسين المتخصصين في الكيمياء وغيرها من الحقول العلمية ذات الصلة. وهم يستعينون ببعض المعلومات من شبكة الإنترنت، لكن تطوير مهارتهم باهظ ومكلف. وفي هذا الإطار، يقول أحد صانعي القنابل اليدوية إنه تسبب في تفجير غرف بمنزله مرتين أثناء تعلمه طريقة خلط المتفجرات. وعلى غرار الكثير من المجموعات التي تقوم بصناعة أسلحة تقليدية الصنع للمعارضة السورية، يستعمل أعضاء الكتيبة أحياناً متفجرات يحصلون عليها من قنابل غير منفجرة للنظام. كما يقومون بصنع متفجرات باستعمال أسمدة ومواد أخرى من السهل الحصول عليها مثل السكر. غير أنه يتعين على المجموعة أيضاً صناعة “الدافع” المستعمل في قذائفها. وتعرض الكتيبة صور فيديو للعشرات من القذائف التي أُرسلت إلى الجبهة في حلب، قبل أن تكشف عن أحدث ابتكاراتها: قذيفة ذات رأس حربية تزن نحو 13 باوندا. فمعظم القذائف التي يصنعونها لديها رؤوس حربية تحمل متفجرات تزن نصف ذلك. أما القذيفة الجديدة، يقول الشيخ، فهي ذات قوة تدميرية أكبر. غير أنه سيكون من الصعب دفعها، بالمقابل. وفي هذا الإطار، يقول قائد الكتيبة: “إن الشيء الأهم بخصوص هذا الصاروخ هو المواد التي تدفعه”، مضيفاً: “الواقع أنه من الصعب إرسال هذه الزنة الكبيرة بواسطة صاروخ”. ومع ذلك، يبدو الشيخ فخوراً بالسلاح الجديد الذي صنعته كتيبته، لوضعه في خدمة الثوار، إذ يقول: “إنك لن تجد قذيفة مثل هذه في كل الشرق الأوسط”. وضمن تعليقه على السلاح الجديد، قال هيجينز، الذي تفحص صور القذيفة، إن حمولتها تبدو أكبر من تلك التي يراها عادة في صور الفيديو. وإضافة إلى القذائف والقنابل اليدوية والقنابل الأنبوبية وقذائف الهاون، فإن المعارضة تمكنت من استعمال العبوات الناسفة على نحو فعال لتجعل من أجزاء من محافظتي حلب وإدلب مناطق خطرة على مركبات النظام. وقد لجأت المعارضة المسلحة إلى الأسلحة تقليدية الصنع مضطرةً بعد أن رفضت العديد من الدول، مثل الولايات المتحدة، تسليح المقاتلين ومنعت دولاً أخرى من إرسال أسلحة ثقيلة إليها، تخوفاً من أن تقع هذه الأسلحة في الأيدي “الخطأ”؛ وذلك نظراً لأن المعارضة المسلحة في سوريا تعاني من الانقسام وتفتقر إلى هيكلة قيادة وتحكم فعالة وموحدة؛ كما أن المئات من المقاتلين الجهاديين الأجانب الذين انضموا إلى صفوف المعارضة لم يعملوا إلا على زيادة مثل هـذه التخوفـات وتكريسها. وعلى خطوط جبهة القتال في حلب، لم تكن الذخيرة متوافرة بالحد الكافي في الآونة الأخيرة. ولم يكن لدى الكثير من المراكز التابعة لمقاتلي المعارضة سوى بضعة قذائف “آر بي جي” وكميات محدودة من الرصاص. وعلى خط الجبهة، وتحديداً في “كرم الجبل”، كانت لدى مقاتل المعارضة محمد القرقش قنابل يدوية تقليدية الصنع أكثر من غيرها من الأسلحة، وكان يستعملها بمتعة. وبعد أن رمى واحدة منها فوق الجدار في اتجاه موقع لقوات النظام، انتظر دوي الانفجار المرضي قبل أن ينبطح أرضاً لحماية نفسه من الشظايا عندما رد جنود النظام بإطلاق النار. كريستن تشيك حلب ينشر بترتيب خاص مع خدمة “كريستيان ساينس مونيتور”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©