الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

"هوليوود" في السوق السوداء

"هوليوود" في السوق السوداء
27 ابريل 2007 00:26
تحقيق - محمد الحلواجي: بعد أن غرقت الأسواق الخليجية في السنوات الأخيرة بنسخ الأفلام الصينية المقلدة، تظهر اليوم موجة جديدة من الأفلام المقرصنة التي يروجها شباب خليجيون على درجة عالية من المهارة التقنية والدقة الفنية، فنسخة فيلم ''الدي في دي'' المسحوبة من الانترنت شديدة الوضوح ومترجمة إلى اللغة العربية، وقبل ذلك كله لا تزال طازجة تعرض دور السينما الأمريكية والأوربية، وتباع بعشر ثمن النسخة الأصلية قبل وصولها إلى دور السينما العربية والخليجية بشهرين أو أكثر، لتزيد من خسائر هوليوود السنوية التي تقدر بمليارات الدولارات· في التحقيق التالي أصحكبم لتتعرفوا على أسرار مثيرة في هذا العالم الخفي· بعد تردد كبير ومفاوضات ومداولات، وافقت مجموعة من الشباب الخليجي على كشف بعض أسرارها عن طريق وسيط آمن، وقد كانت الموافقة مشروطة بأن أتعهد بعدم نشر أية إشارة قد تقود إليهم، وبعد محاولة إقناع مضنية أخرى سمحوا لي بتصوير أجهزة نسخ الأفلام بشرط إخفاء اسم وماركة الجهاز حتى لا يلتقطها المنافسون!· المكان كان عبارة عن غرفة عادية في أحد البيوت البسيطة قام شبان جامعيون عاطلون عن العمل بتحويلها إلى مصنع صغير، عبر جهاز لا يختلف عن الكمبيوتر العادي كثيرا إلا في سرعته الفائقة، وعدد ناسخات الأقراص التي تصل إلى ثمانية في الجهاز الواحد وتعمل بالتزامن مع وحدة تحكم رئيسية للنسخ، وهي القطعة الأهم والأغلى ثمنا في الجهاز· خطوات القرصنة أولا يقوم الشباب الخبراء بتنزيل الفيلم من مصدره الرئيسي، وهو شبكة الانترنت عبر مواقع محددة، أو عبر التبادل فيما بين أشخاص تجمعهم الصداقة والمصلحة على الشبكة، وفي هذه الحالة يحتاج المقرصن إلى جهاز كمبيوتر عالي المواصفات وخط انترنت فائق السرعة· أما الخطوة الثانية فتكمن في التعرف على صيغة أو نسق النسخة ''ديفيكس'' وتحويلها إلى صيغة ''الدي في دي''، ليتم نسخها وتشغيلها بسهولة على جميع أنواع أجهزة تشغيل الأقراص المدمجة المعروفة في السوق· والخطوة الثالثة والهامة تتمثل في إضافة الترجمة العربية على الفيلم من قبل أشخاص هواة ذوي خبرة عالية، يقومون إما بالترجمة المنزلية أو سرقة حوارات الأفلام أثناء عرضها داخل صالات السينما! رغم أنه أمر ذو مشقة كبيرة· وتنتهي عملية القرصنة بالخطوة الرابعة والأخيرة بعد تنزيل ملصق الفيلم الملون من موقع محدد في شبكة الانترنت ثم طباعته بجودة ووضوح غالبا· التهريب بأسلوب التفكيك! تترواح أسعار أجهزة النسخ العادية بين 700 إلى 2000 دولار، أما الأجهزة الأتوماتيكية بشكل كامل دون تدخل بشري، فيتراوح سعرها ما بين 5000 و10000 دولار أو أكثر وهي بمثابة مصنع صغير· ويتم تهريبها عادة بين الدول الخليجية نفسها أو عن طريق جلبها من الخارج من بلدان كبريطانيا وتايلند والصين وماليزيا وسنغافورة بشكل قطع مفككة لا تشكل عند إدخالها وهي مفردة ما يثير ريبة أو شك رجال الجمارك بمنافذ المطارات أو الحدود البرية، ثم يتم تجميعها في وحدة كمبيوتر لتعمل كناسخة سريعة ومتعددة الطبقات، لتشكل مهنة مربحة مضمونة الزبائن، خاصة إذا ما عرفنا أن سعر النسخة المقرصنة يترواح ما بين ثلاثة دولارات في الشارع وتسعة دولارات في المحال التي تبيعها بشكل سري أيضا، أي أن ثمنها لا يتجاوز عشرة بالمئة من ثمن النسخة الأصلية· أماكن النسخ والبيع عملية النسخ والبيع تتم بسرية عن طريق زبائن موثوق بهم، يجلبون بدورهم زبائن جددا وهم من طلبة المدراس وأساتذة الجامعات والأطباء والمحامون ورجال الأعمال وحتى بعض كبار الموظفين والوجهاء الذين يعرفون كيف يصلون إلى المكان!، أما إذا تم التشديد على الباعة في الأرصفة أو زوايا الأسواق الشعبية، فيتحول البيع عن طريق التخابر بالهاتف أو الرسائل النصية أو البريد الالكتروني، حيث يتم الاتفاق واللقاء بين البائع والزبون في أماكن عامة يتفق عليها مسبقا في مقهى أو مركز تجاري أو حتى بالقرب من إشارة مرورية· وهناك زبائن يتكبدون مشقة عناء السفر بالسيارة إلى دول مجاورة خليجية للحصول على أفلامهم المفضلة بالجملة كل شهرين أو ثلاثة، وأكثر ما يجذب الزبائن هو حصولهم على الأفلام مترجمة بالعربية خلافا لنفس نسخ الأفلام التي تتوفر على شبكة الإنترنت دون ترجمة عربية· التحايل على الرقابة لا يقيم المقرصنون وزنا للرقابة فيفلتون من مفتشي أقسام الرقابة على المصنفات الفنية وحماية الحقوق الفكرية بوزارات الإعلام، الذين يقومون عادة بجولات مستمرة على محال بيع أقراص الفيديو و''الدي في دي''، ومراقبة الباعة المتنقلين في الأسواق المفتوحة أو الأرصفة، فبمجرد دخول المفتش إلى طرف السوق، يسري التخابر بين الباعة ويتم إخفاء الأفلام واستبدالها بأية بضاعة أخرى في لمح البصر! خاصة أن الباعة يحضرون جزءا بسيطا من الأفلام ويخفون الجزء الأكبر في مكان بعيد نسبيا في السيارات أو البيوت خارج منطقة السوق حتى لا يخسروا كل شيء خلال المداهمات المفاجئة· ومن أطرف الحوادث التي يمكن أن نذكرها هو حصول أحد المقرصنين على البراءة في قضية قرصنة بعد أن تم ضبطه فتصدى للدفاع عنه محام مرموق كان ولا يزال حتى اليوم أحد زبائنه المدمنين على مشاهدة جديد هوليود طازجا! التكنولوجيا تنقذ الفقراء كانت هذه المهنة تدر أرباحا خيالية في العقد الماضي، ولكن مع انتشار الانترنت ازداد عدد الباعة فانخفضت الأسعار وقل هامش الربح، إلا إن هناك انتعاشا ملحوظا يسجل خلال مواسم الأعياد والإجازات الطويلة، حيث تشكل الأفلام والألعاب والبرمجيات المقلدة ملاذا من الملل ورحمة لذوي الدخل المحدود، إذ يتم الحصول عليها بعشر قيمة الأصلية التي يتراوح سعرها بين 60 إلى 100 دولار، وينطبق هذا على أقراص ألعاب ''البلاي ستيشن''، أما أسعار برامج الكمبيوتر فتنخفض إلى أكثر من واحد بالمئة مقارنة بسعر النسخة الأصلية!· على عينك يا أميركا! تقوم بعض مواقع الإنترنت الأميركية بنسخ وبيع الأفلام أولا بأول فور إنتاجها عبر تصويرها وتهريبها من داخل قاعات السينما بطريقة غير مشروعة، بواسطة كاميرا خاصة صغيرة وعالية الجودة يتم إخفاؤها بصورة محكمة! كما يتم تبادل نسخ الأفلام عبر مواقع صديقة أخرى، أو أخذها جاهزة من مواقع عربية معينة تقوم بوضع الأفلام الجديدة على واجهاتها لجذب المتصفحين والزوار· في حين أن بعض المواقع الأخرى تعرض نسخ الأفلام مجانا ليس حبا في الفن السابع وإنما نكاية ''بالعم سام'' والسينما الأميركية!· قائمة العشر الأوائل أكثر الأفلام المطلوبة في السوق الخليجية هي أفلام السينما الأميركية التي تتصدر قائمة العشر الأوائل في ''الأوفيس بوكس'' حيث يتم نسخها في كثير من الأحيان خلال عرضها في دور السينما الأميركية، ويتم تسويقها في الدول العربية والخليجية قبل وصولها إلى مختلف دور السينما في جميع أنحاء العالم، وبعد أفلام هوليوود يتركز الطلب على الأفلام العربية والمسرحيات الكوميدية العربية والخليجية في الدرجة الثالثة، إضافة لبعض مسلسلات الكرتون الجديدة والقديمة بالذات·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©