السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بقي سهوا··!

بقي سهوا··!
25 مارس 2009 02:17
الباحث في تاريخ أمة أو شعب يستدل دائما بالشواهد·· وأحيانا ما تكون الشواهد كتبا أو مراجع أو شهادات تركها من عاش تلك الفترة الزمنية·· ولكن أفضل الشواهد هي دائما ما يتركه الانسان من بناء أو نقش أو أثر يقدم للباحث أكثر من الكلام· ومن يبحث في تاريخ منطقة الخليج ربما لن يجد الكثير من تلك الشواهد أو الآثار التي تركها من عاشوا وسكنوا المنطقة·· بالرغم من أن المنطقة شهدت العديد من الأحداث وسكنها الملايين من البشر على مر العصور·· ولكن المشكلة في أنئسكان الخليج بمن فيهم نحن سكان العصور الحالية، تنتابنا حمى التجديد··! بلا أدنى شك كانت هناك آثار في المنطقة، حتى وان كانت بسيطة ومتواضعة ولكنها كانت تحمل الكثير من الدلالات، وربما كانت تحكي تاريخاً ما احوجنا أن نعرفه الآن·· قصص كثيرة وحكايات محاها الزمن او محوناها نحن بسبب حمى التجديد· كان ومازال التقدم يعني لنا ان نمحو القديم ونزيله ونبني الجديد الشاهق الحديث·· وضاعت في هذه الظاهرة العديد من الأماكن والحكايات التي لم يظل منها الا صور بسيطة ونادرة نتهافت على نشرها ومشاهدتها بين الحين والآخر·· فلم يبق لنا من التاريخ الا تلك الصور التي كثيرا ما احمد الله انها ظلت هي الاخرى دون ان يمزقها احد· منذ فترة بسيطة اكتشفنا بالصدفة وجود مبنى مطار ابوظبي القديم·· واقصد بالقديم هنا ذلك المطار ذا الممر الرملي الذي كان اول عهدنا بالمطارات·· شاءت الصدفة ان يتم الحفاظ عليه سهوا··! نعم سهوا، فقد احاط المبنى الصغير مخازن مبنى تليفزيون ابوظبي الحالي، وظل المخزن محتفظا ومحافظا على المبنى، ربما ظنا من البعض انه ديكور قديم··! ولكن مهما كانت الملابسات، فقد ظل هذا المبنى رغما عنا سهواً··! ورغم غرابة القصة الا انها حدثت، وتم اكتشاف المبنى بالصدفة عند ازالة المخزن الكبير··! نعم مبنى مطار ابوظبي القديم الذي كان مقره في هذا المكان، وكان ممر الهبوط والاقلاع ممرا رمليا امام موقع المسرح الوطني حاليا··! كنا دائما نشاهد صور الطائرات القديمة التي كانت تهبط في ابوظبي ويتعرض بعضها (لغرس) العجلات داخل الرمال، ولكننا لم نشاهد ابدا المبنى الا في صور قليلة جدا، حتى ظهر المبنى الذي حافظت عليه الصدفة داخل مخازن التليفزيون· صحيح اننا نشكر الظروف والمصادفة التي ابقت لنا شيئا مهما يحكيئجزءا من تاريخ الامارة، واعتقد انه لولا تلك الظروف لذهب هذا المبنى ايضا مع الريح كما ذهبت العديد من المباني، ولكن الآن وبعد ان عرفنا قيمة الاشياء القديمة حتى وان كانت بسيطة، فعلينا ان نعطي الامر اهتماما اكثر واكبر· واعتقد انه على الاقل لابد من التفكير في الحفاظ على هذا المبنى بشكل علمي، ومناقشة كيفية استغلاله بشكل يضمن بقاءه للاجيال القادمة، وان ندرس بعناية كيف يمكن توظيفه في القطاع السياحي والاثري، واذا كان من الافضل ان يتم بناء متحف صغير حوله، او يتم نقله بالتقنيات الحديثه الى موقع آخر قد يكون المطار الجديد مثلا··! المهم ان نبدأ في التفكير والعمل للحفاظ على البقية الباقية من ذاكرتنا، حتى وان كانت مبنيا صغيرا وبسيطا، فرغم بساطته وصغر حجمه، فهو بالنسبة لنا شيء مهم وكبير جدا، خاصة ان هناك العديد من الصور الفوتوغرافية وربما بعض الافلام التسجيلية التي يمكن ان تكمل منظومة هذا المبنى ليتحول الى متحف او حتى مزار صغير·· ارجوكم لا تتركوا الايام تمر دون ان نلتفت او ننتبه·· وكفانا ما سبق وضاع منا مع الايام أغلب ذاكرة الأماكن· وحياكم الله·· إبراهيم الذهلي رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©