أبوظبي (الاتحاد)- شهدت خشبة مسرح أبوظبي، التابع لنادي تراث الإمارات، عرض مسرحية «أنت لست كارا» لمسرح الشارقة الوطني، باعتبارها فاتحة العروض المسرحية التي يقدمها النادي، ضمن برنامج احتفالاته باليوم الوطني الثاني والأربعين، إذ تشمل العروض أيضا مسرحية «سنة أولى» لمسرح أبوظبي، ومسرحية «نهارات علول» للمسرح الحديث بالشارقة، التي ستختتم بها العروض الأحد المقبل
واستمتع الجمهور، الذي تميز بحضور نوعي من الشعراء والأدباء والمسرحيين، وتفاعل مع مسرحية «أنت لست كارا»، التي أعدها وأخرجها محمد العامري عن نص للكاتب عزيز نيسين، حيث تركز المسرحية على خدعة البطل الأسطورة، فتفضح البطولة المزيفة بأسلوب إخراجي يكسر الجدار بين الخشبة والجمهور، ويفيض بالدلالات والتقلبات المنبعثة من الدراما البشرية، إذ حمل العرض عناوين تناقش وهم البطل الأسطوري والخدعة الكبرى التي تقع فيها الشعوب، بتمجيدها شخصيات يكشف التاريخ خيانتها الكبرى لأوطانهم.
و«كارا» صعلوك تحول إلى بطل حرب، بل ونصب له تمثال لتخليد ذكرى شهادته، على أنه بطل ومحارب لا يخشى الموت، ويقاتل من أجل نيل شرف الشهادة في سبيل الذود عن حمى الوطن، فتكريماً لتلك الروح الخالدة أقام أهل مدينته احتفالًا شعبياً تضمن تشييد نصب تذكاري في ساحة المدينة للشهيد كارا، وخطابات رسمية تشيد بدور الشهيد، وبشخصية البطل الاستثنائي كارا، الذي أبلى بلاء حسناً في مقارعة الأعداء، وحمل كل الخصال والصفات البطولية التي جعلته بطلاً ورمزاً تتناقل بطولاته الأجيال، ويتعلم منه الجميع المثل والأخلاقيات التي تشجع على التضحية بالنفس من أجل عزة وكرامة الوطن.
ومع انتهاء الحفل وانسحاب الحضور، وبقاء عدد من كبار المسؤولين، يدخل إلى جو الاحتفالية رجل يتمايل، وهو في حالة عدم اتزان، ليعترف لهم بأنه كارا، وأنه لم يمت في الحرب، متحدثاً عن الأحداث التي جعلت منه بطلاً مزيفاً، ويكشف حقيقة خيانته وتعاونه مع العدو، وأن سبب انضمامه للجيش وانخراطه في الحرب كان هرباً من ذاته ومن زوجته ومن الحياة البائسة التي كان يعانيها، ويفاجئهم بأن تلك الصورة البطولية التي وضعت على أنها له، ليست صحيحة، فهو لم يقم بأي عمل بطولي فريد، وأنه في الحقيقة لم يُقتل، ثم يعترف بسلسلة السلوكيات الشائنة التي مارسها، الأمر الذي اضطر كبار المسؤولين إلى قتل كارا الحقيقي، والحفاظ على التاريخ المزيف في سبيل الإبقاء على تمثال الشهيد البطل كارا المزيف، حيث بنى هؤلاء مجدهم واستحوذوا على امتيازاتهم على أكتافه، ومن خلال اختلاق بطولاته الوهمية، وبقتل كارا ينقذ المسؤولون الاحتفال بالشهيد البطل من أن يتحول إلى فضيحة مدوية بين أهالي المدينة الذين باتوا يفتخرون ويقتدون بهذا الرمز، وبهذا المثال الذي لا يتكرر.
واستطاع الفنان عبد الله زيد، الذي قدم شخصية كارا، أن يستحوذ على إعجاب الجمهور بأدائه المتمكن ولياقة حركته العالية على المسرح، إلى جانب إجادته ببراعة للغة التفاعل مع الآلام والمرارات الصاخبة التي عاشتها شخصية كارا، كما أبرز العرض الإبداع الجماعي الذي شارك فيه كل من محمد إسماعيل وحميد سمبيج وأحمد عبد الرزاق وفرقته الغنائية التي أدت أدواراً عدة بمرونة وسلاسة، ابتداء بالجوقة الغنائية، ومروراً بالرقص، وانتهاء بالجيش، مبدية مرونة وسلاسة في تغير أدوارها في خدمة العرض.
ويركز نادي تراث الإمارات بتبنيه تنظيم مثل هذه العروض المسرحية المحلية، بتأليفها أو إعدادها وإخراجها وتشخيصها، على إثراء برنامج احتفالاته باليوم الوطني.
عدد اليوم
