السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزر ثقافية بلا خشبة خلاص

جزر ثقافية بلا خشبة خلاص
4 ديسمبر 2014 00:30
محمد عريقات في الأردن تسجل المؤسسات الثقافية، من حيث العدد، رقما لا بأس به، ففي العاصمة عمان تجد ما يزيد على الخمسين مؤسسة أو هيئة ثقافية بين خاصة ورسمية، إلا أن فعل بعض تلك المؤسسات وأثرها الثقافي في المجتمع، على حد رأي البعض من الكتاب والمثقفين، لا يكاد صداه يتعدى جدرانها، ويرون أنها لا تزال قاصرة على إحداث أي تغيير فعلي. وفي هذا الصدد تقول مديرة بيت تايكي الثقافي التابع لأمانة عمان الأديبة بسمة النسور: «أشك في قدرة المؤسسات الثقافية في ا?ردن أو في أي مكان من العالم العربي على إحداث أي تغيير فعلي على أرض الواقع. ذلك أن التحو?ت التي تشهدها المنطقة هي تحو?ت خطيرة وكبرى ومفصلية. ثمة واقع سياسي يتسم بالفوضى والعنف والضبابية، وثمة تهديدات حقيقية تمس حياة المواطن». وحول الواقع السياسي والاجتماعي في الأردن تضيف النسور: «نحن ? نستطيع تجاهل حقيقة وجودنا في منطقة مشتعلة، ويظل لدى ا?ردني قلق ورعب من امتداد النيران إلى عقر دارنا. الواقع الاقتصادي يمكن وصفه بالكارثي من حيث تفشي الفساد والارتفاع غير المنطقي في ا?سعار، وارتفاع نسب البطالة وانعدام العدالة الاجتماعي وذوبان ما يسمى بالطبقة الوسطى، من هنا يمكن ملاحظة كم التغييرات التي أصابت الإنسان ا?ردني على المستوى النفسي فأصبح أميل إلى الاكتئاب والعصبية وأحيانا العنف. لذلك أرى أن ما تقوم به المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي في ا?ردن غير قادر على التأثير في الشارع المشغول بالقضايا الكبرى التي تجتاح المنطقة. ويظل دورها محدوداً جداً.. و? يتعدى تأثيره بعض النخب الثقافية التي تعيش بدورها حالة عجيبة من الانفصال والإنكار. أما الشارع فإنه متروك لخطاب ديني متطرف في العموم». سلّم أولويات ويلفت الشاعر والمترجم وليد السويركي إلى عدم إمكانية الحديث عن دور المؤسسات الثقافية في الأردن أو في أي بلد بمعزل عن السياسة الثقافية في جانبها الرسمي فإن السؤال المشروع هنا هو هل تمتلك الدولة الأردنية سياسة ثقافية مدروسة، واضحة الغايات والوسائل؟. للأسف، تدلّ معظم المؤشرات على غياب هكذا سياسة، ويكفي أن ينظر المرء إلى ميزانية وزارة الثقافة والدور المنوط بها وآليات عملها ليتأكّد له ذلك. ويقول سويركي: «إذا ما رأينا تراجع دور المؤسسات التعليمية كالجامعات، في ظلّ الإمكانيات المحدودة وغياب الحريات الأكاديمية وضعف الصلّة مع المجتمع المحلي، وغياب الشراكة الحقيقية بين القطاعين الحكومي والخاصّ فإنّه لا يمكننا أن نتفاءل بقيام المؤسّسات والمنظمّات الثقافيّة بدورها المطلوب في التوعية والتنمية ومواجهة التطرف الفكريّ والديني. ولا شكّ أن الواقع الاقتصادي الصعب والظروف الاجتماعية والسياسية الضاغطة تساهم إلى حدّ بعيد في جعل الثقافة تتراجع على سلمّ أولويات الفرد والدولة في الوقت ذاته، ولكن يبقى العامل الأهم في نظري هو غياب الرؤية الإستراتيجية وربما الإرادة السياسيّة لتفعيل دور الثقافة في بناء الإنسان». من جهته يؤكد أمين سر رابطة الكتاب الأردنيين الناقد محمد جميعان على أن الانهيارات لم تعد مقصورة على السياقات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والسياسيَّة، وإنما سرت في صميم الشَّأن الثَّقافي. فقد تراجع أداء وزارة الثقافة على صعيد الهُويَّة الوطنيَّة، والاستراتيجيات التي تعنى برعاية الإبداع والمبدعين في مختلف الفنون والآداب، فرهنت مشروعاتها لخدمة السياق العولمي، ومسايرة المراحل السياسية بكل ما فيها من استقطابات دوليّة وإقليميَّة. ويقول جميعان: «نتيجة لهذا كله تضخَّمت المؤسسات الثقافية الفرعية، ونشأت مؤسسات ثقافيَّة جديدة، برجاء لعب دور في الفعل الثقافي، لكنَّه دور هزيل، تحكمه المراهقة الثقافيَّة، وتشتُّت الولاءات واعتمادات التمويل. فهذه الوحدات الثقافية الصغرى والجزئيَّة تلعب دورها خارج الفعل الثقافي الحقيقيّ، وهو دور أقرب إلى «حصان طروادة» في سعيها لمنافسة المؤسسات ذات التاريخ والتأثير والحضور الثقافي والنقابي كرابطة الكتّاب الأردنيين. ويخلص: «لهذا كلّه ستظل هذه الجزر الثقافية قاصرة عن أن تكون خشبة الخلاص، فخشبة الخلاص الوحيدة هي تكوين جبهة ثقافية تقدُّميَّة لمواجهة الخراب الذي يهدِّد الحصون الثقافيَّة». تنافس على المناصبأما مديرة دار الأندى للثقافة والفنون مجدولين غزاوي فترى أن المؤسسات الثقافية في الأردن ما هي إلا جهود خاصة بشكل أساسي، ولا تستمد دعماً من الجهات الحكومية، حيث أن وزارة الثقافة وكذلك رابطة الفنانين فإنها شبه مغيبة عن النشاطات والفعاليات التي تقوم بها المؤسسات الثقافية، أما المسؤولون فيها فهم يتنافسون على المناصب والمسميات الوظيفية لا أكثر ولا يكترث أحد لتشجيع حس الإبداع الفني وتدعيم دور المؤسسات الثقافية. وتعتبر غزاوي أن ورشات العمل الثقافي تعد جزء مهماً جداً في تنمية الحركة الثقافية وتبادل المهارات والثقافات بين المشاركين فيها، وما تقوم به المؤسسات الثقافية الخاصة في هذا المجال ما هي إلا ورشات عمل تبقى محدودة وصغيرة ضمن إمكانيات هذه المؤسسات حيث لا يمكن إقامة ورشات كبيرة تحمل فائدة أكبر ولديها إمكانيات أكثر دون توفر الدعم من وزارة الثقافة، خصوصاً في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف سياسية واجتماعية صعبة، وما يحيط بها من حروب وعدم استقرار أمني.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©